Print this page

المخرج عبد العزيز بوشمال مؤطر الورشة: ندعو إلى تعميم مشروع التربية على الصورة في المؤسسات التربوية

أحبّ السينما و اختار صورة مخالفة لما يُعرض، وأراد تكسير الحاجز بين المعلم والتلميذ، المؤطر والمربي عبد العزيز بوشمال

تحدث لـ«المغرب» عن تجربته في التدريس بالسينما وكيف انتقل فيروس الفن من الفصل إلى المدرسة فمجموعة من المدارس وكيف انتشرت عدوى السينما من مدرسته بالحامة إلى مدارس اخرى في قبلي وتطاوين وقابس.
ويقول بوشمال في اطار مشروع الطفل المبدع الموجّه للاطفال الناشطين في نوادي الطفولة وتحقيقا لهدف خلق جيل من الاطفال يحسن التعامل مع الصورة اندرجت الورشة التدريبية وقدمنا من خلالها كيفية انتاج الصورة وقراءتها وتحليلها وفق معايير تقنية وفنية، كما تم التطرق الى كيفية صناعة الصورة السينمائية فالأفلام القصيرة السينمائية انطلاقا من البيئة المحلية وفق اللغة السينمائية التي تتيح لهم التعامل مع الآخر حسب أرقى محامل التواصل أي السينما.
ويضيف محدثنا، توجهت الورشة الى ثمانية من اساتذة التنشيط من كامل مؤسسات الطفولة بولاية تطاوين وبدورهم سيتولون عملية نقل هذا التكوين والمعارف الحاصلة الى الأطفال لزراعة البذرة الأولى في حب السينما، وبالإضافة للجوانب الفنية التي توفرها الصورة باعتبارها محمل تواصل هي كذلك محمل بيداغوجي وتربوي حديث تستند اليه البيداغوجيا الحديثة في العالم لان هذه الطريقة تقطع مع النمطية وتوفر جوّ ملائم من العلاقة الأفقية بين النشاط «الدرس» و الطفل والمنشط «المربي»، كما ان الصورة تساهم في تنمية شخصية الطفل وتعطيه مجال للتعبير عن ذاته ومحيطه وتتيح له حسن التواصل مع أقرانه والآخر.
في تصريحه يعود المعلم والمخرج السينمائي الى حقيبة الذكريات ليتحدث عن اسباب اختياره السينما والصورة منهجا في التدريس والتمرد على النظام الكلاسيكي ويقول ان انطلاقا من الإحساس بسيطرة الصورة التلفزية والإدمان التلفزيوني والالكتروني وبمجل المضارّ التي يلحقها الإدمان بالطفل نفسيا وصحيا وذهنيا وسلوكيا وايمانا بأهمية الصورة في العصر الحديث ولدت فكرة مشروع يعلم الطفل ايّ صورة يستهلك واي؟ صورة يختار؟ وهذا لا يكون الا بتعويد الطفل على تحليل الصورة وقراءتها وتأويلها لذلك قسمنا المشروع الى مرحلتين :
المرحلة الاولى «التربية بالصورة» من خلال عرض افلام قصيرة جدا داخل الفصل يتم نقاشها وتحليلها استنادا للبرامج الرسمية في المدرسة العمومية، ثم انتاج نصوص يكتبها الاطفال بناء على فهمهم للفيلم والصورة المقدمة ومن فيلم واحد تولد قراءات عديدة ونصوص متعددة.
أما المرحلة الثانية فهي «التربية على الصورة» اي تحويل مجموعة من النصوص المدرسية المضمنة في الكتاب المدرسي الى افلام قصيرة وقد ترشح احد الافلام «لعبة السحاب» الى مهرجان الحامة السينمائي وفاز بجائزة افضل فيلم وافضل ممثلة، وهذه الطريقة كانت جد ناجعة اذ تم اعتمادها في جل المواد تقريبا في مدرسة الحامة1 والتجربة مكنتنا من الاستغناء على المحمل الكلاسيكي الذي كان يمثل عائقا امام العملية التربوية.
وتمثل الأطفال للنصوص يولد لديهم ملكة النقد و القدرة على اختيار الصورة التي يرغبون في مشاهدتها وقد نجحت التجربة التي انطلقت من إحدى المدارس الريفية في «بشيمة» عام 2001 لتصبح وسيلة معتمد في دائرة التفقد بالحامة التي تضم عشرة مدارس (بعد تكوين المعلمين)، في عشرة مدارس غرسنا حب السينما وخاصة أنقذنا الأطفال من الاستهلاك السلبي للصورة ومن هذا المنبر أوجه النداء لوزارة الإشراف لتعميم التجربة حتى تصبح وطنية وحينها ننقذ أبناءنا التلاميذ من الإدمان على صور ضارة ونزرع فيهم الرغبة في البحث والتجديد.
ويؤكد عبد العزيز بوشمال أنه ليس للحلم حدود وليس للمعرفة حواجز مشيرا الى خروجهم من الدائرة الجغرافية للحامة والانفتاح على اقليم الجنوب الشرقي في إطار برنامج مع المورد الثقافي في ولايات قبلي وتطاوين وقابس واعتمد البرنامج على تكوين المعلمين لينجزوا نوادي سينما في مدارسهم وكان اختتام التجربة بمسابقات قدّمت فيها أفلام من انتاج التلاميذ كتابة وتصويرا لكن يبقى مشكل الاستمرارية هو العائق لانّ بقاء ناد يتطلب الكثير من الدعم والمساندة من الإدارة والأولياء والسلط الجهوية والسلطة المركزية أيضا.
تسعة عشر عاما من التجديد في طريقة ومنهج التدريس كانت نتيجتها زرع حب السينما في الأطفال والتأثير فيهم ايجابيا إلى حدّ أن اختار بعضهم السينما في الدراسة الجامعية وتوجه آخرون لانجاز أفلام تعبر عنهم وتنقل أفكارهم الى المتقبل، تسعة عشرى عاما من تمرير السينما والقدرة على تحليل الصورة الى الأطفال التزم فيها بوشمال باهداف الأم الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة في نشر ثقافة سينمائية مستقلة وغرس حب الحياة والامل لدى الاطفال الذين يعانون الكثير من التهميش في المجتمع والبيئة الجغرافية أحيانا.
ويختم عبد العزيز بوشمال تصريحه «الاصلاح ثقافي أو لا يكون، والإصلاح ينطلق من مجال الطفولة ومن خلال الفن خاصة السينما لانّ السينما أولى طرق التمرد ولها القدرة على التغيير».

المشاركة في هذا المقال