Print this page

في عريضة لمناضلات وحقوقيات وفنانات: هل ستنصف بلدية حلق الوادي ذكرى أيقونتها «جيزال حليمي»؟

رحلت «جيزيل حليمي» بعد حياة تقاسم فصولها النضال من أجل حقوق المرأة والكفاح في سبيل استقلال البلدان عن الاستعمار...

حياة من المحاماة والكتابة والمواقف الشجاعة بين تونس وفرنسا، خلّدت سيرة امرأة تونسية - يهودية ناهضت الاحتلال الفرنسي لتونس والجزائر... ودافعت بشراسة عن القضية الفلسطينية. هذه المسيرة المشرفة لامرأة استثنائية قد يخلّد ذكراها شارع يحمل اسمها في مدينتها حلق الوادي. فهل تستجيب البلدية؟
توّجهت، أمس، عشرات الأصوات إلى رئيسة بلدية حلق الوادي «آمال القصير لمام» بطلب إطلاق اسم جيزال حليمي على شارع في مدينة حلق الوادي.

إطلاق اسم جيزال حليمي على شارع... أضعف الأيمان !
إنصافا لذكرى أيقونة من أيقونات النضال النسوي، أمضت عشرات المناضلات والحقوقيات والجامعيات والفنانات على غرار المؤرخة صوفي بيسيس ووزيرة الثقافة السابقة لطيفة الأخضر والمحامية سعيدة قراش ومديرة المكتبة الوطنية رجاء بن سلامة والنائبة السابقة بشرى بلحاج حميدة ورئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى فراوس والفنانة ليلى طوبال.... على عريضة تطالب رئيسة بلدية حلق الوادي بإطلاق اسم جيزال حليمي على أحد شوارع مدينة حلق الوادي. ولازالت العريضة مفتوحة لإمضاء كل الراغبات والراغبين بضم أصواتهم إلى هذا المطلب المشروع لتخليد ذكرى المحامية والمناضلة جيزال حليمي التي رحلت عن عالمنا يوم 28 جويلية 2020.
وقد أتت العريضة على حياة الراحلة جيزال حليمي منذ الطفولة الثائرة وصولا إلى ارتداء عباءة المحاماة، فجاء في بعض سطورها: «اعتبرت، رغم صغرها، أن عهد المُسَلّمات واليقينيات قد ولّى. وفي سن الثامنة عشر، عندما قررت الشابة أن تتخصص في دراسة الحقوق والآداب والعلوم السياسية في باريس، بات من غير الممكن كبح جماحها. مع نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح يتردد على مسامعنا ولأول مرة مصطلح «محامية»، وكان لجيزال شرف فرضه على الساحة الحقوقية والسياسية عندما ارتدت العباءة السوداء سنة 1948 للمرافعة في المحاكم التونسية. ولأنها مُشبعة بالانتماء لطفولتها عادت جيزال للترافع في بلدها الأم، ودافعت عن النقابيين وأصبحت محامية الوطنيين في المحاكم العسكرية، بعد أن قضّت مدة وراء القضبان بمناسبة أحداث العنف التي جدت سنة 1952. وفي الأثناء أصبح الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة -وهو أحد منوبيها-من أكثر المقربين منها.
بعد مرور سنوات على هذه الأحداث، كان لجيزال موعد مع الجزائر حيث رافقت حركة التحرير الجزائرية في الكثير من المآسي، فصدح صوتها في محاكم الجزائر العاصمة لتَحول دون إعدام مناضلي الحركة الوطنية الجزائرية وجبهة التحرير الوطني، على غرار جميلة بوباشا التي رأت فيها أختا ورمزا من رموز الجزائر الصامدة في وجه المستعمر».

هل يتدّخل قيس سعيد لإنصاف جيزال حليمي؟
لم تكن مجرد عريضة عابرة لطلب إطلاق اسم جيزال حليمي على شارع في مدينة حلق الوادي، بل كانت عرضا لسيرة ذاتية ثرية واستثنائية بمنتهى التشويق والتأثير... ومن بين ما جاء في سطورها: «تلك الطفلة التي تعرّضت خلال طفولتها إلى سوء المعاملة، أسّست صحبة سيمون دي بوفوار حركة «اختيار قضية النساء» ووقّعت بيان الـ 343 امرأة اللاتي طالبن بتشريعات حول الإجهاض، وقد كانت قاب قوسين أو أدنى من السجن.
وقد مهّد نضال جيزال المتواصل الطريق في فرنسا لسن قانون «فاي» سنة 1975، وساهم في الاعتراف بالاغتصاب كجريمة يعاقب عليها القانون. وتمظهر البعد الأممي لهذه النسوية المتمردة، التي ولدت في بلد مستعمَر، في تنديدها بالمجازر التي ارتُكِبت في حق الفلسطينيين العزّل فالتحقت سنة 2009 بلجنة «برترو روسيل» التي تأسست للدفاع عن الفلسطينيين، وأصبحت بذلك إحدى محاميات مروان البرغوثي .ولم تكن جيزال بمنأى عن رياح الانتفاضات التي هبّت على العالم العربي منذ سنة 2011، فقد كانت بدون مواربة نصيرة للشعوب في معركتها الدامية من أجل التحرر والانعتاق الاجتماعي».
الآن وبعد رحيلها، ألا تستحق جيزال حليمي من مدينتها، مدينة التسامح والانفتاح وتلاقح الحضارات تخليد سيرتها في التاريخ ونحت اسمها ولو على يافطة شارع بسيطة؟ هل يمكن أن يتدّخل رئيس الجمهورية قيس سعيد لإنصاف جيزال حليمي وهو الذي استشهد بها عند مروره في مناظرة الانتخابات الرئاسية التلفزية عند تمييزه بين الصهيونية واليهودية؟

المشاركة في هذا المقال