Print this page

المسرح التونسي: المسرح ممارسة ثورية.. ويجب إيجاد استراتجيات جديدة للعمل

يعيش المسرح التونسي «أزمة تجديد» حسب المتابعين له والناشطين فيه، المسرح التونسي الرائد يعرف أزمة مثل أزمة

البلاد فالمسرح حركة ثورية مرتبطة ببرامج الدولة ومشاريعها وغياب مشروع وطني يؤثر على المسرح سلبا، حسب المسرحيين.
توجهت «المغرب» بالسؤال عن أهم الملفات الحارقة والضرورية التي يجب ان تكون على طاولة وزير الثقافة الجديد وكانت الملفات عديدة منها أولا قانون الفنان وثانيا مراجعة أنظمة الدعم والإنتاج والتوزيع بالإضافة إلى ضرورة إيجاد المشاريع ذات الخصوصية .
وليد الدغسني: مخرج
نعيش عقما مسرحيا والتغيير الهيكلي ضروري
عبّر المخرج وليد الدغسني صاحب «التفاف» و«انفلات» و«الذئاب المنفردة» انّ المشكل ليس في الاسم او الشخص فالمشكل في منهجية العمل، فوزارة الثقافة وزارة رمزية فهي ليست وزارة النقل مثلا، وزارة الثقافة لها خصوصية لانها تتعامل مع العقل ومع الانسان المفكّر يسيرها فنانون أساسا لكن تحولت الوزارة إلى وزارة موظفين.
ويشير الدغسني إلى أنه يجب تغيير استراتجية العمل ويجب أن يكون إشعاع وزارة الثقافة كبير في نشر المعرفة وتشكيل المفاهيم الجمالية، في المسرح كما يجب مراجعة نظام الدعم ونظام الترويج فهل يعقل وأمام التطور التكنولوجي أن وزارتنا لازالت تقدم الدعم على ملفات ورق.
ويقول محدثنا يجب البحث عن طرق معاصرة وجديدة تواكب التطور التقني في العالم وتعتمد على خبرات جديدة وبذلك يتغير نظام التفكير لنتجاوز مرحلة «العقم المسرحي» الذي نعيشه منذ اعوام.
منوها ان وزارة الثقافة التونسية ملك للشعب التونسي وليست على ملك بعض «ناس إداريين حاطة يديها عالمؤسسات» نريد دولة قوية ووزارة ثقافتها قوية وفاعلة كفانا فشلا.
وبالنسبة لمنظومة الدعم يجب مراجعة قانون 1986 اي كل مسرحي يقدم مطلب للدعم في ملف مكتوب جيدا، توافق عليه اللجنة مبدئيا لكن الدعم يسند بعد مشاهدة العرض لا قبله فأحيانا ما يضمّه الورق المكتوب لا نجده على الركح، حينها يصبح التعامل مع اثر مادي موجود مسرحيا وليس مجرد كتابات مرقونة جيدا، كما يجب متابعة الأعمال فمن مشاكل المسرح التونسي غياب المتابعة، (عرض اللجنة يقدم بطريقة أما يقية العروض فيتغير العرض ومكوناته سواء من حيث الديكور او عدد الممثلين) لذلك وجب على الوزارة متابعة الأعمال ومتابعة الأموال التي منتحها.
وفي الحديث عن المنحة يمكن القول أنها مضحكة فمثلا ما الذي يمكن أن تفعله 2000دينار ثمن عرض يقوم على 7ممثلين مع خصم 15بالمائة للدولة؟ المنحة المضحكة والهزيلة تجعل الممثل يشتت مجهوده بين أكثر من عمل ليضمن فرصة للعمل ما يجعل وضعية المسرحي ممثلا او مخرجا او منتجا جد مزرية وهذا يساهم في تراجع المسرح فنحن نريد البناء على مستوى الكيف لا الكمّ، لكن الدولة لا تراهن على الجودة لانها تراهن على العدد، العدد الكبير من العروض والمهرجانات لن يرتقي بالمسرح التونسي وهنا نشير إلى ميزانية المسرح الضعيفة جدا مقارنة بمشاريع أخرى، فما يخصص للمسرح التونسي وعلى سبيل المثال «لا ينجز كيلومترا واحدا في مشروع طريق لوزارة التجهيز».
ويؤكد المخرج المشاكس المشاكل عديدة لكن الحلول موجودة أيضا إذ طالبنا بالمركز الوطني للمسرح هيكل يجمع الإدارة العامة لمراكز الفنون الركحية و الإدارة المالية للفنون الركحية وإدارة المسرح ، مركز واحد يجمعهم لتسهيل العملية الإبداعية فهل يعقل أن شهادة انجاز عرض مسرحي (تقدم بعد كل عرض مدعوم وعلى ضوئها ترصد منحة العرض) تقدم لإدارة المسرح و مستحقاتنا المالية نتحصل عليها من الوزارة هنا نتحدث عن ضرورة ملحّة لإعادة هيكلة المسرح التونسي، نحن نريد مسرحا يرتقي بالبشر مسرح تنويري ونريد ممثلين يؤمنون بقدرة المسرح على التوعية و المنظومة الحالية الهيكلية والمالية والقانونية تدفع بالمسرحي الى مساحة «العربون» والمسرحي حتما ليس «عرابني» لانه صاحب فكرة.
علي اليحياوي: مخرج ومدير مركز الفنون الركحية تطاوين
على الوزارة تفعيل شراكاتها الورقية
تفعيل قانون الفنان وانجاز القانون المنظم لمراكز الفنون الركحية والدرامية ومراجعة منحتي الانتاج والتوزيع وضروة ايجاد بديل مسرحي هي الملفات الرئيسية حسب علي اليحياوي من الواجب طرجها اوّلا.
في تصريحه يقول مدير مركز الفنون الركحية بتطاوين يجب ان تراجع الوزارة سياسة عملها، وتأسيس للامركزية فعلية فلو قمنا بإحصائية للجهات من صفاقس إلى أقصى نقطة في الجنوب التونسي سنجد ان هذه المناطق تشكو من نقص العروض الموجهة إليها بالإضافة إلى شبه غياب للمهرجانات، وهنا يمكن السؤال من يقطنون هذه المناطق (مسرحيين وممثلين ومخرجين واصحاب مشاريع فنية) أين يمكنهم العمل؟ وأين نصيبهم من الإبداع؟ نحن هنا نريد إعادة توزيع للخارطة الثقافية من باب الحق والاستحقاق وليس من باب التهميش وقولة «مساكن بعاد».
ويضيف محدثنا على الوزارة أن تعمل على دعم الخصوصيات الثقافية في الجهات، نريد أعمالا مسرحية مختلفة وتشبه للجهات التي أنتجت فيها لنحصل على مادة مسرحية ثرية وليس مادة مسرحية متشابهة من حيث المضمون والشكل، لكن ولعشرة أعوام هناك غياب كلي للدولة وحتى مراكز الفنون الركحية لازالت تعمل بارادة شخصية من المشرفين عليها «لازلنا نحلم بنجاح المشروع لذلك متمسكين باللاشيء ومنه نخلق إبداعا يشبهنا» وغياب الدولة لا يعني نقص الدعم المادي أو غيابه بل اقصد غياب المشاريع والأفكار لان تأثيرها اقوى من المال لذلك وجب إرساء تقاليد ثقافة ذات خصوصيات محلية وهنا لا يمكن الحديث عن تنمية ثقافية في غياب استراتجيات واضحة.
من الملفات الحارقة حسب اليحياوي صناديق الدعم التي يجب مراجعة نظام العمل بها، هنا سبق وان اقترحت فكرة تتعلق بتنويع مصادر الدعم حتى لا ياكل الجميع من سلة واحدة، مثلا تكون الأطراف الداعمة ضرورة متنوعة ومنها وزارة الثقافة والمراة والتعليم العالي والتربية ويكون الدعم تحت عناوين مثلا «دعم المسرح التعليمي» او عنوان «دعم الكاتب التونسي» هنا يتقدم المسرحي بملفه وتتم دراسته قبل اسناد الدعم بذلك نضمن منتوجا إبداعيا مسرحيا حقيقي ونخفف الضغط على صندوق الدعم لذلك من الضروري مراجعة منظومة الدعم.
بعد الدعم يكون ملف التوزيع، فهل يعقل أن توزع إدارة المسرح عروضا لدور ثقافة مغلقة وفضاءات غير مجهزة وأحيانا دون جمهور (نريد للمسرحي أن يستمتع بعرضه ولا يكتفي بشهادة انجاز)؟ هنا يجب أن تتم مراجعة هذه المنظومة وتوزيع العروض حسب حاجة الجمهور في الجهات وتوزيعها على الفضاءات المهيأة والقادرة على توفير فرص العرض المحترمة للعرض والفنان وهنا نرفض سياسة «سلّك سلّك» المعمول بها في الإدارة نريد توزيع منطقي للعروض يضمن كرامة الفنان مسرحيا.
ويضيف اليحياوي ومن مشاكل المسرح التونسي تورط الإدارة في منطق «الحالة الاجتماعية» لذلك الإصلاح يكون من الأفكار وليس من الأموال.
فالمسرح التونسي في ضبابية، غياب مشروع الدولة نتج عنه غياب رؤية فنية عند المسرحيين، الوزارة إلى اليوم لم تفكر بانفتاحها على الفضاءات الأخرى المهمة مثل المدرسة والجامعة فعلى السلطة التفكير في شراكة حقيقية مع وزارة التعليم العالي فهل يعقل جامعات يرتادها آلاف الطلبة لا تضمّ مسرحا؟ او قاعة عرض محترمة؟.
لذلك على وزارة الثقافة ان تراجع شراكتها الورقية وتفعّلها لتصبح حقيقة ، فلماذا لاتكون هناك رؤية فنية مشتركة مع وزارة التربية (المسرح المدرسي) وأخذ تجربة السجون كتجربة ناجحة، أيعقل أن تنجح تجربة المسرح في السجن ولا تنجح في الجامعة؟.
و على الوزارة مراقبة فضاءاتها العامة الفضاء الذي لا يعمل أو لا يقوم على مشروع واضح وطريقة عمل محددة ولا ينجز مشاريع يمكن إغلاقه اذ يكفينا «استنزافا» لأموال الدولة .
ويختم علي اليحياوي تصريحه بالقول بالنسبة للمسرحيين هم جزء من المنظومة وعلى المسرحي نقد ذاته ومراجعتها يجب ان نناقش الأفكار ولا نكتفي بالنظرة الاجتماعية ونريد ثقافة فعلية بعيدة عن التظاهرات البروتوكولية المعتادة لذلك يجب أن ننقد ذواتنا أولا نصلح منّا ونقد أفكار ومشاريع قبل مطالبة الوزارة بالدعم المادي.
يوسف مارس:
نريد وزير يطبق القانون ويؤمن بالمشروع الثقافي
توجه الممثل والمخرج يوسف مارس برسالة الى وزير الثقافة الجديد عن طريق «المغرب» وكتب «يا سيدي الوزير نحن ننتظر منك القليل، اولا تطبيق القانون ثانيا تطبيق القانون ثالثا تطبيق القانون» ويضيف مارس نحن الآن في أمس الحاجة لوزير صاحب مشروع له القدرة والحنكة على صياغة قوانين جديدة تدفع بالفعل الثقافي نحو القاعدة، نحن مع وزير يقدم مشروعه للعلن من بداية تصوراته و افكاره حتى نساعده و نقيّمه ونراقبه فوزراة الثقافة ليست وزارة عروض مسرحية وسهرات موسيقية ومعارض ومتاحف ووزارة الثقافة الحامية الاولى للهوية التونسية يجب ان تترابط مع بقية الوزارات وزراة الثقافة مشروع حماية للمورث الثقافي ومختبر من التجديد..
وزارة الثقافة هي كل التفاصيل الفنية في تونس في شتى المجالات نحن في حاجة الى وزير عالم بالواقع الثقافي التونسي ليغير، الثقافة أساس التنوير وهي المدافع الأول على إنسانية التونسي و تضمن له الحرية في التعبير و خاصة العدالة في التفكير.
ويتساءل محدثنا :هل تملك الحكومة التونسية الجديدة تصورا إستراتيجيا متكاملا للتغيير الثقافي، يأخذ بعين الاعتبار التطورات السريعة التي حدثت في القيم الثقافية بتونس الآن و هنا ؟ وهل تعي هذه الحكومة ووزارتها المكلفة بالثقافة و الفنون ، تبدل الأنساق الثقافية وقيم التبادل الثقافي؟ أم أن خطابها الثقافي مازال منغمسا في الأحلام الرومانسية والشعارات الدعوية الجوفاء؟ومهرجانات الفلكورية والايام التلفيقية؟
ويشير مارس في حديثه إلى أن الحكومة لا يمكنها في منظورنا أن تتعامل مع الثقافة سياسيا أو إستراتيجيا إذا لم تجعل منها فضاء للابتكار والإبداع وتأسيس وعي نقدي تسنده قيم الحرية والمساءلة في المجتمعين السياسي والمدني ،لا يمكنها ذلك إذا لم تستفد من الثقافة في القطاعات الإنتاجية الأخرى، إذا لم تجعل من الثقافة إسهاما يوميا لتمكين المواطن من تحصيل المعرفة والتربية والذوق والإحساس الجمالي وتنمية الملكة النقدية.
فالتعامل مع الثقافة كسلطة رمزية ومعرفية يتنافى مع المهام المنوطة بها وبأدوارها ومسؤولياتها، إذ تقوم السياسات الرسمية على تكريس قيم القبول السلبي بالأوضاع المتردية القائمة ،القبول بانعدام الثقة في فعاليات المؤسسات السياسية/ القبول بجعل الثقافة وإنتاجيتها حبرا على ورق، وكلام رومانسي، لا يغني ولا يسمن من جوع
إن العديد من الفاعلين الثقافيين يعتبرون أن الفرصة أصبحت ملائمة من أجل التفاعل والحوار بين السياسيين والمثقفين لتشخيص الوضعية الثقافية الراهنة بالبلاد، ووضع الأسئلة المختلفة العميقة من أجل تحديد أسباب أزماتها المتراكمة، وإيجاد الحلول المناسبة والممكنة لها، ومن أجل إعادة النظر في المنظومة الثقافية، ليس فقط بسبب الدعوات المتزايدة للإصلاح في كافة القطاعات، ولكن أيضا بسبب التحديات التي أضحت تملي إرادة التغيير على تونس2020،الذي شاهد/ يشاهد انهيار مجموعة من القيم والمفاهيم الثقافية والسياسية التي أثبتت جدارتها لعقود بعيدة، في الوقت الذي بدأت تبرز فيه أجيال جديدة، بخطابات جديدة، ووعي جديد، متشبع بالحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة، وغيرها من القيم الثقافية افلا تدكرون»..
نصر الدين حجاج مخرج
مسرح الهواية:
قانون الفنان وإلغاء «الباتيندة» من الضروريات
مسرح الهواية حلقة أساسية في العملية الإبداعية المسرحية وفي هذا السياق يتحدث المخرج نصر الدين حجاج ويشير إلى ضرورة بعث هيكل يوحد الهواة بعد تقهقر الجامعة والرابطة بالإضافة إلى تكثيف ملتقيات المسرح الي من شأنها تكوين الهواة مع دعم الجمعيات الناشطة مسرحيا و دعا نصر الدين حجاج الى الغاء «الباتيندة» لانها تثقل كاهل الجمعيات المسرحية لان الجمعيات بالاساس غايتها فنية وليست ربحية فلم تضطر لدفع معاليم الى القباضة المالية.
ويضيف محدثنا أنه يجب العمل على بعث صناديق لتشجيع نوادي المسرح الخاصة او في دور الثقافة والشباب مع ضرورة تحسين البنية التحتية المهترئة في المؤسسات الثقافية ، وعلى الوزارة تفعيل فكرة اللامركزية الثقافية و اعادة النظر في منظومة الدعم للجمعيات الناشطة مع توفير دورات تكوينية في كل المجالات لخلق جيل من الهواة متكون اداريا وتقنيا وفنيا، ويؤكد الحجاج «من الضروري مراجعة ثمن العروض المنتقاة امام غلاء الاسعار اليومي ولضمان كرامة المسرحي يعتبر ملف قانون الفنان من الملفات الحارقة التي يجب ان تفتح اوّلا .
ولاننا في زمن التكنولوجيا والتطور التقني على الوزارة مواكبة هذا التطور بفتح منصة خاصة الكترونية تجمع كل المسرحيين، كتاباتهم وافكارهم ومشاريعهم ومحاولة جدولة المهرجانات ومتابعتها يعني كل مهرجان يعنى بالمسرح او الثقافة ينزل الاعلان وفتح باب الترشح وجوبا في منصة الكترونية حسب تعبير محدثنا.

المشاركة في هذا المقال