Print this page

أيام سجنان في مدينة ياسمين الحمامات: احتفاء بباعثات الحياة في الطين ...

سنوات من العمل، سنوات من الفكر والنحت والجمال كتبتها نساء سجنان بفخارهنّ قبل أن يصبحن رمز للبهاء و تسلط عليهن أنظار السلطة وتصنف اعمالهنّ

في التراث العالمي، نساء سجنان اللواتي ينتمين لرقعة جغرافية ريفية في الشمال سيحتفى بتجربتهن الحياتية-الابداعية في القرية الحرفية بياسمين الحمامات.

ضمن فعاليات الدورة الأولى لأيام سجنان، دورة انطلقت أمس بمشاركة ستين حرفية وتدشين لساحة خالتي جمعة قيدومة الحرفيات واحتفاء بها وبتجربتها الفنية والتظاهرة من تنظيم المدينة المتوسطية والجمعية التنموية لتطوير الفنون والصناعات ومجمع الحرفيات «سجنانية».

تكريم عميدة الخزفيات: خالتي جمعة سيدة الطين وساحرته
المرأة كما الأرض تهب الحياة، المرأة مثل السماء تمطر ودا وحبا وأفكار مختلفة، من رحم الفقر والخصاصة في تلك القرية البعيدة سجنان ولدت أعمال إبداعية ساحرة أصبحت جزءا من التراث المادي التونسي وسجّلت في اليونسكو.
نساء سجنان الجميلات، بسيطات كما الارض وشامخات كما جبالها وصلبات كما الطين، وتكريما لهنّ ولابداعهنّ ولخلقهنّ لافكار جديدة تصنع بالطين، تكّرم عميداتهنّ خالتي جمعة، تلك المرأة الرقيقة –القوية، اللينة والشامخة فمن فكرة الولادة والخلق تميزت خالتي جمعة.

هي عميدة الحرفيات تلك المرأة السبعينية أصبحت أعمالها قبلة لمحبي الخزف والمهتمين بهذا الفن الجميل، خالتي جمعة المعروفة بانحيازها للمرأة في عرائسها الطينية انحيازا بالفطرة للجمال و للبهاء، خالتي جمعة امراة تونسية تعلمت من الارض الخصب، احبت الطين الذي لامسته منذ الصغر وابدعت في تجسيمه لتقدم اعمال خزفية مميزة، أعمال من الطين تكرم فكرة الخلق، فالمرأة كما الخالق تشترك معه في نحت مخلوقات ابداعية صغيرة تسرّ العين وتحيّر الفكر ليطرح الاسئلة ويبحث في الجماليات والصورة انطلاقا من الفطرة.

خالتي جمعة،المرأة السبعينية ميزتها ابتسامتها التي تخفي الكثير من الاسئلة، خالتي جمعة تركت السنون الكثير من التجاعيد على وجها ظاهرة كما الجبال المحيطة بسجنان، سمراء سمرة الطين، امرأة ومناضلة تعلمت صناعة الطين بفطرة الأم وهي تعتبر من أقدم حرفيات سجنان ومن اشهر الحرفيات أيضا، لأعمال خالتي جمعة خصوصيتها لأنها تحاكي بهاء المرأة، المرأة رمز الولادة منذ الأزل تصنعها خالتي جمعة في أبهى صورة، لم تدخل المدرسة لكن الفطرة علمتها أن تانيت عنوان للجمال واثينا الهة للبهاء ومن عظمة الفينيقيين صنعت عرائس لنسوة تجمع البهاء والبساطة، أعمال خالتي جمعة نسوية بامتياز فبالطين تكتب قصتها وقصص الكثيرات ممن عشقن الطين الذي كان مجرد تحف تباع على حافة الطريق او في «حوانيت» سجنان ليصبح اليوم مدرجا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

في ياسمين الحمامات تكرم خالتي جمعة في المدينة السياحية تكرم المرأة الريفية الخالقة للجمال، في مدينة ياسمين الحمامات سيعرفون انّ تخليلة خالتي جمعة تختزل كل بهاء نساء الريف الحالمات.

في الحمامات سيكون لخالتي جمعة ساحة تعرّف بها وتقدمها لضيوف الحمامات من التونسيين والاجانب، اسم تلك المرأة البسيطة سيدخل التاريخ ويبقى خالدا محفورا في أذهان زوار القرية الحرفية بالحمامات، سيتعرف مرتادو البحر على فطنة وذكاء تلك التونسية الشامخة شموخ تانيت آلهة الجمال، في الحمامات أيضا ستعرض إحدى اشهر اعمال الخالة جمعة للبيع، تحفة خزفية هي صورة لامرأة، عروس من الخزف يدوية الصنع أبدعت خالتي جمعة في نحت تفاصيلها وزينتها باللون الأسود الطبيعي فبدت كملكة تتربع على عرشها واسم خالتي جمعة سيكتب على إحدى أهم ساحات مدينة الحمامات للتعريف بإبداعات المرأة التونسية في كل شبر من هذا الوطن.

معرض فخار سجنان: دعم للسياحة البديلة
ستّون حرفية تستقبلهن ياسمين الحمامات، ستون عاشقة للطين سيصطحبن ابداعاتهنّ ليعرضنها في المدينة السياحية، ستّون امرأة مشاكسة تنحتن تعاليم الجمال وينقلن افكارهنّ على الطين ليصبح تحفا تحاكي الماضي وتلامس الحاضر في الدورة الأولى لأيام سجنان بالمدينة ياسمين الحمامات.
ومعرض خزفيات سجنان يتنزل في اطار دعم التراث والحفاظ على المخزون الثقافي والصناعات التقليدية واتاحة الفرصة للمراة الحرفية لتقدم افكاراها وانتاجها وتدعم سياحة بديلة وتنظمه المدينة المتوسطية و الجمعية التنموية للفنون والصناعات ومجمع الحرفيات «سجنانية» والمجمع يضم 100حرفية من سجنان ويعمل على تكوين ورسكلة الحرفيات خاصة في ما يتعلق بالمبيعات والجودة والتصميم بالاضافة الى تعريفهنّ بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية إضافة الى عملية الترويج لصناعات الفخار خارج تونس.

فخار سجنان علامة فارقة في التراث المادي التونسي هو لبنة للابداع تكتب تفاصيلها نساء عشقن الارض والطين، وعن المعرض وخصوصية فخار سجنان تقول الحرفية صبيحة العياري إحدى اشهر الحرفيات بالجهة «ميزة اعمالنا انها يدوية مائة بالمائة، منذ قرار اخراج الطين الى مرحلة تجفيفه ثم وضعه في الماء وبعد خلطه مع التافور، ميزتنا اننا نقدر بالعين المجردة ماذا سنصنع وكم نحتاج من الطين لصناعة تلك القطعة، ثمّ نجففها تحت الشمس وبعدها نضعها في النار ولا نستعمل الفرن بل نحفر في الارض ونضع القطعة وبعدها نستخرجا لتزيينها بذلك اللون الاسود وهو مستخرج من نبتة الرمث» .
 في ياسمين الحمامات ستجتمع الحرفيات احتفاء بهنّ وبتجاربهنّ في الحمامات سيحتفى بخالتي جمعة وتدشن الساحة باسمها ليظل فخار سجنان قبلة كل الباحثين عن الجمال الفطري والذكاء النسوي والتعرف على خصوصيات سجنان وتاريخها عبر فخارها.

المشاركة في هذا المقال