Print this page

مركز الفنون الركحية والدرامية في بن عروس: «لبنة أخرى للإبداع أساسها التكوين»

عمّمت تجربة مراكز الفنون الركحية والدرامية بتونس وأصبح يوجد 26مركزا في كامل تراب الجمهورية ومن ضمن

المراكز الجديدة مركز للفنون الركحية والدرامية ببن عروس الذي يشرف على إدارته المسرحي معز العاشوري.
وقد توجه المركز الحديث الى التكوين قبل الإنتاج لان التكوين خيار استراتيجي في ولاية تعرف كثافة سكانية عالية، في بن عروس حلم أخر ولد وبدأت عروقه تنتشر في المشهد الإبداعي لتكوين جيل يؤمن أن الفن ثورة والمسرح فرصة للإبداع ولصناعة مشهد ثقافي بديل.
التكوين لبنة أساسية للإبداع
«لا وجود لفعل مسرحي دون تكوين، لذلك اخترنا أن نكوّن المغرمين بالمسرح والفنون في ولاية بن عروس، التكوين أساسي وضروري لبناء نواة إبداعية في الجهة هكذا تحدث معز العاشوري عن توجه مركز الفنون الركحية والدرامية إلى التكوين، ولا يمكن المرور للإنتاج قبل الانتهاء من مرحلة التكوين، ولولاية بن عروس خصوصيتها اذ تتميز بكثافة سكانية عالية، وتعج بالمواهب والطاقات التي أردنا الاستثمار فيها فنيا» بهذه الكلمات عبر معز العاشوري عن توجه المركز الحديث للتكوين
ويضيف محدثنا «منذ أن بعث المركز وتم تعيينا على إدارته توجهنا إلى الشباب في الولاية واخترنا أن نوفر له مساحة للتكوين لنوفر له مساحة ليبدع ليعبر وليكتشف مدى جمالية الفنون وقدرتها على التغيير والتأثير، ومنذ البداية توجه عشرات المواطنين إلى المركز ليستفسروا عن التكوين والورشات خاصة والمركز موجود في قلب الولاية «نهج المنجي سليم»ّ قبالة شارع الحبيب بورقيبة».
وأكد العاشوري على أن جميع الورشات تشهد إقبالا كبيرا وجميعها مجانية، على سبيل الذكر الورشة التي يؤطرها الأستاذ حاتم دربال في هذه الفترة تجاوز عدد المسجلين فيها 50 شابا ونظرا لارتفاع عدد المقبلين على الورشات توجهنا إلى أن يكون شهرا جويلية وأوت مخصصين للتكوين، وقد قدم المركز في أواخر شهر جوان الورشة الأولى في كتابة السيناريو مع وليد سليمان، و»توجهنا إلى فنون أخرى لان المسرح «بحر متاع فنون» فالمسرح يحتوي السينما و الفرجة والموسيقى وكل التلوينات الإبداعية التي يمكن أن يستوعبها الفن الرابع، بالإضافة إلى ان المراكز للفنون الركحية والدرامية لا تقتصر على المسرح» حسب تعبيره.
وفي برنامج الدورات التكوينية قدم الممثل المتميز يحيى فايدي ورشة فن المهرج وتم تكوين 20عنصرا في هذا الفن ويحيى فايدي ممثل ومختص في فن المهرج، وكان لرواد المركز فرصة للتعرف على مسرح النو مع الطاهر عيسى بلعربي بالإضافة إلى تجربة «الكوميدي دي لارتي» مع رياض حمدي، ويشير العاشوري إلى أنه لن يقع الانتصار على هذه الورشات اذ سيوفر المركز تربصات للتقنيين أيضا في تقنيات السينوغرافيا والضوء والموسيقى والتقنيات البصرية والديجيتال لان المسرح فن مفتوح ويتطلّب الكثير من الكفاءة لتحقيق النجاح، فـ «التكوين خيارنا الاستراتيجي لتوفير جيل من الشباب قادر على الإبداع بعد حلقات تكوينية وورشات تضمن له مساحة إبداعية» .
الإنتاج: تثمين للتراث ومحاولة لتأسيس مسرح غنائي تونسي
مركز الفنون الركحية والدرامية حديث العهد، المركز في منطقة تعرف كثافة سكانية عالية والطاقات الشبابية موجودة يمكن الاستثمار فيها ثقافيا، في برنامج المركز تنقسم حلقات الإنتاج إلى ثلاثة: المدى القريب والمتوسط والبعيد.
بالنسبة للمدى القريب يقول معز العاشوري أنهم بصدد التحضير لعمل مسرحي بعنوان «الوحش» عن نص للمؤلف المجري «اكوستا كريستوف» والنص (رغم قدمه) يشبه كثيرا ما يعيشه العالم اليوم لأنه يتحدث عن وحش غير مرئي يضرب العالم ويجبر الجميع على التباعد الاجتماعي والعزلة تماما كما فعل فيروس كورونا في كل العالم تقريبا، الدراماتورجيا ستكون جماعية والإخراج سيكون للمبدع يحى فايدي.
تتميز ولاية بن عروس بالفرجة، والعروض الفرجوية الضخمة التي تلامس أكثر عدد ممكن من الشرائح الاجتماعية ولأننا نريد العمل على خصوصية المنطقة ليكون للمركز خصوصيته أيضا نحن بصدد التحضير لعمل فرجوي سيركوي موسيقي ضخم يتناول خصوصية المنطقة فبن عروس منطقة فلاحية وصناعية وغنية بالآثار والتراث الصوفي كل هذه المميزات سنخلق منها أفكار تتحول إلى عمل فرجوي حسب تعبير مدير مركز الفنون الركحية ببن عروس.
«أوذنة» العروس الساحرة، دقة الجميلة المدينة التي نهضت من ركامها وتجملت لتتباهى بنفسها وتعاند شقيقتها قرطاج، «أوذنة» البهية زينة ولاية بن عروس وشامة تاريخ على وجنتها ستكون محور عمل المركز على المدى المتوسط، فالمركز كما يقول مديره قدم عملا لصندوق التشجيع على الإبداع بعنوان «يوميات اوثينا» والعمل المقدم لن يقتصر على المسرح المدرج بل ينفتح على 10هكتارات كاملة ويندرج المشروع في إطار الحفاظ والدفاع عن التراث الثقافي للموقع من خلال عرض فني-علمي يشمل اغلب المسالك الموجودة بالموقع من المسرح المدرّج إلى الحمامات إلى المنازل إلى ساحة الكابيتول وكل سنبعث فيها الحياة بالفن.
ويضيف معز العاشوري «في إطار دعم السياحة الثقافية سيتم تصوير الموقع بتقنيات عالية الجودة لتحضير أنموذج جديد لدليل الزائر للموقع الأثري، نريد لزوار الموقع اكتشافه من خلال المزج بين التاريخي و الثقافي، فالعروض الثقافية ستكون وسيلة لمعرفة الموقع واكتشافه جديد والبرنامج سينجز بالشراكة مع وكالة إحياء التراث والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ببن عروس ووكالات السياحة»، وفي البرنامج سيفتح باب الترشّح عبر «الفيديو كاستينغ» وسيشرف على المشروع علميا المشرف على موقع اوذنة نزار بن سليمان لنقدم صورة أخرى عن «اوذنة» صورة حية تتماهى مع الجديد في عالم الديجيتال وتقدم رؤية أخرى للآثار وتجلب الزوار والسياح والمهتمين بالتاريخ والسياحة والفن.
أما على المدى البعيد فسيخوض المركز تجربة مميزة هي «المسرح الغنائي التونسي» فتونس غنية بالمواهب ولم لا يكون في وطننا مسرح غنائي حلم جميل سنخوضه، سنكوّن المغنّين في التّمثيل والرّقص ونكوّن المسرحيين في الغناء سننجز «كوسرفاتوار» للمسرح الغنائي بعدها نمر إلى تجربة الانتاجات المسرحية الغنائية التي تفتقر إليها الساحة الثقافية التونسية، نريد مسرحا غنائيا حقيقيا يلتزم بضوابط هذا الفن.
حلم وليد ومصاعب تثقل الكاهل
«نحلم ونسعى لنحقق ما نحلم به فنيا، مراكز الفنون الركحية والدرامية مشروع ثقافي حقيقي نريده أن يكون لبنة للبناء وللارتقاء بالمشهد المسرحي والفني، و لكننا نعاني الكثير من النقائص» بهذه الكلمات عبر معز العاشوري عن حجم الحلم مقابل المصاعب التي تعاني منها المراكز الوليدة وأولها غياب الموارد البشرية فالمركز يضم مديرا دون عملة أو موظفين.
ويفتقر المركز إلى التجهيزات أيضا فلا وجود لحواسيب أو آلة «سكانار» وطباعة، في المركز حاسوب وحيد يتيم أما الميزانية فلوحدها تحتاج الكثير من الجمل والتعابير للحديث عن ضعفها فهل أن 50 ألف دينار قادرة على تسيير مركز للفنون الركحية يعد نشاطا عاما بالورشات والانتاجات؟ حتما لا!.
وأشار العاشوري إلى أن القانون الأساسي للمراكز تم الاتفاق عليه مبدئيا ومرّر إلى وزارة الشؤون الثقافية في انتظار التسريع في تمريره إلى رئاسة الحكومة، فالمراكز ليست بهرجا ولا «حاجة زايدة» لكنها مشروع ثقافي-سياسي ومواطني ووجب أن تتفاعل معه الإرادة السياسية لان الاعتقاد أن المندوبيات وحدها قادرة على سدّ الشغور الفنّي مجرّد وهم، وحدها المراكز تقدر على الاستثمار في شباب واع مثقف وقادر على التغيير إلى الأفضل من خلال الفنون.
مركز الفنون الركحية والدرامية ببن عروس تجربة أخرى تضاف للمشهد الإبداعي فرصة أخرى نريد من خلالها ترسيخ ثقافة المواطنة، ثقافة حقيقية تعلم الأطفال والشباب معنى الفن وتدافع عن حقوقه التي لا تتجزأ، نعمل على مستوى عالمي لتكون المراكز فرصة للاستثمار الحقيقي القادر على جلب الموارد المالية للوزارة ويساهم في تطوير المشهد الإبداعي في تونس.

المشاركة في هذا المقال