Print this page

مركز الفنون الركحية والدرامية في بنزرت: «يطيح معز» أسئلة عن الحرية ودعوة إلى الحياة

المسرح فعل متمرد المسرح ولادة أزلية لقيم الحرية والتمرد وثورة داخلية تسكن ممارس هذا الفن وتدعوه دوما إلى محاولة التغيير،

المسرح حب وعطاء ونقد وهذا هو شعار الممثل المسرحي اوس ابراهيم الحالم و المتيم بفعل متمرد وحركة مسرحية ثرية ومتنوعة المصادر و المعارف، ولان المسرح رديف للانسانية والحلم يخوض المسرحي الشاب تجربة جديدة عنوانها «يطيح معز».
هذا الإنتاج هو الأول لمركز الفنون الركحية والدرامية ببنزرت والعمل نتاج مختبر المسرح الذي جمع مواطنين أحبّوا الفعل المسرحي وانخرطوا في لعبة جميلة كانت نتيجتها أول عمل ينتجه المركز حديث الولادة، والعمل كتجربة هي دعوة للحرية وانتصار للإنسان ومحاولة للتأكيد على قدرة الشباب على صناعة المشهد المسرحي.

المسرح متعب وممتع
«جينا نلعبوا حصلنا ومحلاها اللعبة وقت تحصل» هكذا يعلق أوس ابراهيم على مسرحية «يطيح معز» ويؤكد ابراهيم لـ«المغرب» المسرح حب وولادة لكل شيء جميل، في البداية لم نفكر بانجاز عمل مسرحي بل كان الهدف الأول أن نلتقي ونتشارك بعض الأفكار والمشاريع ننقاشها، نقضي ساعات في التدريب لنتعرف أكثر على الفضاء ويعرف المشاركين في المختبر ما هو المسرح لكننا تورطنا في لعبة جميلة، لعبتنا هي اليوم عمل مسرحي في مراحل تحضيره الأخيرة واسمه «يطيح معز».

العمل وليد مختبر المسرح بمركز الفنون الركحية والدرامية ببنزرت الذي تديره جميلة التليلي، يقدمه مواطنون ليسوا بممثلين لكنهم أحبوا اللعبة المسرحية وانخرطوا فيها، مواطنون تورطوا في الفعل الإبداعي حسب مخرج العمل أوس ابراهيم، هؤلاء المواطنون جمعهم الفن الرابع وتشاركوا في الفكرة وهم معز الحاج كيلاني و فيروز التواتي ، وحسن الأشهب وأمل العبيدي وحمدي الضيف ومنال البكوري وإيمان فليس و أنيس الخشيمي وميساء الطرابلسي وصفاء بوعلاق ورفيق محجوب وأمل البوغانمي وغفران كشيدي جميعهم «جاء يلعب حصل» وكلنا تورطنا في هذا الفعل الحيّ الممتع كما يقول المخرج الذي أشار إلى أهمية الفعل المسرحي عند المواطن، لان المسرح الهادف ينمّي الملكات الفكرية للمتلقي ويهذّب الذوق ويعلّم المواطن التمييز بين الايجابي والسلبي، فالمسرح ضرورة والفنون ضرورية لبناء مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم وفي كل الدول الغربية يقاس مدى التطور والتقدم بتطور الفنون وقدرتها على توجيه الرأي العام والتأثير في الإنسان لذلك ندافع وبشدة عن حق المواطن في الثقافة الجادة لنحصل على شعب مثقف ولا نكتفي بـ «نخبة مثقفة».

«يطيح معز»الممثل-المجرم: دعوة أزلية للحرية
جمعهم المسرح، جمّع ذلك الفضاء الصغير أحلامهم وأفكارهم وحاول المخرج والمدرب أوس ابراهيم تجميع كل تلك الرؤى والأفكار في وعاء واحد ومحمل مسرحي تجريبي اسمه «يطيح معز» وهو محاولة تجريبية في طور الانجاز كما يقول مخرجها، و»يطيح معز» تجربة مكانها مركز الفنون الركحية والدرامية ببنزرت والزمان «عند الشغف» لان المسرح يقوده عادة الشغف إلى الحياة والحب.

وفي تصريحه لـ«المغرب» يقول أوس ابراهيم أن العمل يندرج في خانة «مسرح ما بعد المعنى» إذ يتولد فن ما بعد المعنى من محاولة تخريب الادعاء بامتلاك المعنى، وان المعنى لا يتحقق أبداً بصورة كاملة ، وما بعد المعنى له موقف من الأسلوب، لذلك نعمل على التفكيكية .
ويضيف قد ظهرت عدد من المسرحيات التي دارت حول تشظي الهوية وتغريب اللغة وبالتالي التشكيك في النص نفسه بل والدعوة إلى موت الشخصية مما يدعوا إلى استيعاب ذاتنا كشظايا من الفكر والرؤيا والحدث ، وكل ذلك من اجل منح المتلقي رؤية متحررة وقراءات متعددة، فمع سقوط الأنظمة الشمولية في السياسة ،وكذلك المعايير الجماعية في الأحكام الجمالية يسقط معز، والتجربة محاولة ترتكز على 13مواطن، 13لاعب و13حالم ضمن ما يمكن تسميته «الممثل-المجرم».

«يطيح معز» تجربة تدعوا إلى الحرية وتساندها، فكرة مختلفة من ممثل ومخرج حلم ومتمرد دائم الدعوة إلى الحرية كفكرة وهدف لأن الحرية هي غاية المخرج، حرية الشكل، حرية التلقي، حرية القراءة، إذ لم يعد مجديا الركون إلى ارتباطات فنية مسبّقة لقيام التجربة المسرحية، لأن المسرح في جوهره فعل معرفة، وتقنية رؤيوية يعبر من خلالها الفنان عن تطلعات الإنسان وهواجسه إزاء ما يشغل وجوده في هذا الكون والحرية بمفهومها الشامل هي ما يشغل أوس ابراهيم في تجربته المسرحية.

أوس ابراهيم: بنزرت ثرية بالكفاءات وفقيرة في التظاهرات
أوس ابراهيم ممثل ومخرج، مسرحي استطاع كسب رهان النجاح في الأعمال التي شارك فيها، آمن بالمسرح وحقق النجاح، عن تجربته في مدينته بنزرت يقول أوس «نحن نحلم ونحاول تحقيق ما نحلم به، مدينتنا الجميلة ذات الإرث التاريخي والحضاري نريدها أن تكون منارة مسرحية، مدينتنا بنزرت هي أكثر المدن التي يتجاوز فيها هواة المسرح محترفوه فمدينتنا تعجّ بالطاقات والأحلام والمواهب لكن مدينتنا تعيش فقرا مدقعا في عدد التظاهرات الفنية خاصة المسرحية وتلك معضلتنا الأساسية مع مندوبية الشؤون الثقافية.

ويضيف محدثنا، المندوبية هي المسؤول الأول عن انجاز تظاهرات حقيقية تهتم بالمسرح، وعلى المندوبية الاجتهاد لإيجاد فعل ثقافي حقيقي في بنزرت بدل الاكتفاء ببرمجة هزيلة تقوم على جمع بعض العروض وتقديمها دون إرساء مشروع مسرحي وثقافي يعيد لبنزرت بريقها ويعرّف بمسرحييها وموسيقييها وفنانيها فلمَ لا يعيدون مهرجان الحبيب شبيل للمسرح؟ وهل ستنجز الدورة الثالثة لمهرجان مريم الزياتي للفنون ولمَ يغيبون الشباب عن الفعل الإبداعي وتغيب السلطة عن محاولة التفكير وتكتفي بالفرجة والحضور الشرفي؟.

المشاركة في هذا المقال