Print this page

الدراما العربية.. مسلسل «الاختيار» إخراج بيتر ميمي: «الأرض أمّ والأم تصان ولا تهان»

هل يموت الصادقون؟ هل تمحى ذاكرة المحبين؟ هل تطمس قصص الشامخين؟ هل أن الرصاصة التي اخترقت القلب قادرة على محو كلّ القيم الإنسانية

وشيم الشهامة و النخوة وحبّ الوطن؟ وهل أن حبّ الوطن والتفاني في خدمته إلى حدّ الموت جريمة؟، وأسئلة أخرى تطرح بصورة مميزة وأداء مقنع في المسلسل المصري.
«الاختيار» يكرم الشهيد أحمد منسي وكل شهداء الجيش الذين استشهدوا في حرب شرسة مع التكفيريين.
«الاختيار» بطولة أمير كرارة وأحمد العوضى ودينا فؤاد وسارة عادل وضياء عبد الخالق وعدد كبير من ضيوف الشرف، مسلسل من تأليف تأليف باهر دويدار وإخراج بيتر ميمي وإنتاج شركة سينرجي.

الشهيد احمد صابر منسي:
القصة لبطل آمن بالأرض وافتداها بدمه
آمن بوطنه، آمن أن سيناء أرض مصرية عربية، اتبع خطى أجداده في الدفاع عن الأرض، سيناء تلك الأرض المباركة، الأرض «التي ورثنا حبّها وسقاها الأجداد بدمائهم، أرض العزّة، سيناء جزء من مصر ارض مصرية لا يحقّ للمغتصب سرقتها أيا كان سواء أكان الكيان الصهيوني سابقا أو الدواعش وأصحاب الرايات السود اليوم» كما جاء في إحدى حلقات المسلسل، هو الشهيد الذي ستبقى ذكراه محفورة في عقول المصريين وكل متابعي العمل الدرامي «الاختيار».
هو الشهيد احمد صابر منسي، الذي يكرّم هذا العام بعمل درامي من بطولة أمير كرارة في دور منسي، مسلسل يسلط الضوء على تفاصيل مثيرة بعضها موجع واخرى مبهجة يعيشها الجنود في سيناء التي يقول عنها منسي «لازم نعمل حسابنا واحنا بنخطي اي خطوة على الأرض دي انو يكون عليها دم خالك او عمك او ابوك فلازم واحنا بندوس عليها نقدر الدم الي اتدفع فيها».

في «الاختيار» الوطن هو القبلة والدين، في العمل يقدم شخصية منسي البطل المحبّ لوطنه والباحث عن الشهادة في سيناء والمؤمن أن افتداء الأرض بالدم واجب كل جندي، قصة احمد صابر منسي البطل المحب للمواطنين والطيب مساعد الفقراء وحامي الأطفال وفي الوقت ذاته كان صارما في عمله يحبه المجندون ويهابونه، احمد المنسي الشخصية التي قدمها الممثل أمير كرارة (الذي نجح لثلاثة أعوام متتالية في جلب قاعدة جماهيرية بعد نجاح شخصية باشا مصر)
«الاختيار» ليس مجرد عمل تلفزيوني رمضاني بل إنه قصة نجاح ضابط في الجيش بقوته وجرأته وتحديه لداعش وكل رافعي الرايات السود، في المسلسل كتب السيناريو بكل دقة، النص شجن والحوار موجع حينا ومفرح أحيانا، وكأنّ كاتب العمل يقوم بعملية «تطريز» ولا مجرد الكتابة فمتابع حلقات المسلسل آليا سينحاز آليا لصف منسي، سيحبّ تفاصيله سينحاز إلى القوات المسلحة ويهتم أيضا بفكرة الدفاع عن الارض ويزدري «هشام عشواي» خائن القسم والعهد ويزيد سأمه من التكفيريين محبي الموت بتعلة انّهم جنود الله في الأرض.
في المسلسل لكل حلقة مميزاتها وفي كل مشهد هناك عبارات تحفر في ذاكرة المشاهد، فالسيناريو والحوار كتبهما باهر دويدار وكان ذلك بمثابة صرخة داخلية للشهيد منسي تخبر كل متابعي العمل انّ الأرض باقية مادام فيها أبناء صادقون يفتدونها بأرواحهم، وان الوطن باق وداعش زائلة لا محالة، فالمجد والخلود لأحمد منسي والخلود لكل من دافع عن وطنه بقلبه ولسانه وسلاحه.

في المزج بين المشاهد الحقيقية والتمثيلية متعة وصدق
«الاختيار» منذ المشاهد الأولى كانت الأحداث متسارعة، الحلقات لا تترك للمشاهد فرصة اخذ نفس ومحاولة تحليل الحدث او الشخصية انما تحمله الى تفاصيل الأحداث والمداهمات وتشركه في قصص الجنود وحكاياتهم، فيصبح المتفرج جزءا من العمل، كل يجد نفسه في شخصية ما، كلّ حاملي السلاح من الجنود في كتيبة الصاعقة باتت قصصهم الحقيقية محل متابعة من مستعملي وسائل التواصل في مصر، لكل بطل قصة وحكاية أصبحت محل متابعة وفتح المسلسل أبواب البحث عن عائلات الشهداء وزيارتهم وتقديمهم في البرامج التلفزية الرمضانية، فنفضت عنهم غبار النسيان وعادوا إلى الذاكرة واحتلت قصصهم الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي.

«الاختيار» ليس من وحي الخيال بل قصص حقيقية أعيدت صياغتها لتصبح عمل درامي بطولي «المواطنون لم يكونوا يعون مدى تلك التضحيات، وابنى كان بيحكيلى بس مكنتش متخيلة الوضع كده، والمسلسل أحيا الحس الوطنى فى نفوس المواطنين من جديد» حسب تصريح إعلامي لام الشهيد خالد مغربي المعروف بخالد دبابة.

حلقات الاختيار لا تترك للمشاهد فرصة الحياد إنما تقحمه في كل التفاصيل، ومن مميزات العمل المزج بين المشاهد الحقيقة والتمثيلية على غرار مشاهد المداهمات او عملية اغتيال الجنود أو المعارك التي خاضها منسي ورفاقه، فاغلب المشاهد التمثيلية تتبع مباشرة بمشاهد حقيقية على غرار مشهد استشهاد «خالد دبابة» أو الشهيد رامي حسين (احمد صلاح حسني) بعد انفجار مدرّعة وقد يكون أكثر المشاهد تداولا مشهد استشهاد «مارد سيناء» المجند محمد أيمن شويقي الذي شاهد تكفيريا يلبس حزاما ناسفا فجرى لاحتضانه وانفجرا لحماية زملائه، الشاب المقدام كرم في المسلسل أيضا.

«الاختيار» مسلسل يكرم أبناء الصاعقة وكل الجنود، وفيه انتصار للوفاء على الخيانة، يتتبع المسلسل قصص البطولات ليصنع منها بيتر ميمي عمل درامي من أكثر الأعمال مشاهدة في مصر، الصورة المبهرة للعمل من نقاط القوة أيضا، بالإضافة إلى اللياقة البدنية العليا لكل الممثلين مع التركيز على تفاصيل الشخصية النفسية ومحاولة تقديمها في افضل صورة.
«الاختيار» مسلسل ينحاز للوطن، ينحاز للارض في العمل دعوة للوحدة من خلال التركيز على شخصية «الشيخ حسان» ذلك الشيخ الزاهد او «الجن» الذي قضى طفولته وشبابه في الدفاع عن سيناء من القوات «الاسرائلية» وفي شيخوخته بات يدافع عنها من خطر التكفيريين، في المسلسل يتعاون الشيخ مع الجيش فتخطفه مجموعة «انصار بيت المقدس» وفي الحقيقة يذبح على جذع شجرة وتدفن جثته في مكان مجهول، لكن في المسلسل يقع الانتصار لروحه وجثمانه بايجاده ودفنه بما يليق بشيخ مناضل.

كما تتحد في العمل القبائل البدوية وشيوخها مع ابناء الصاعقة حدّ ان «الشيخ سالم» (دياب) يموت وهو يدافع عن احمد منسي، فالعمل يكرس معنى البطولة، المسلسل يوثق لنضالات ابطال استشهدوا وهم يحمون الارض من التكفيريين، لكل وطن «منسيه» وكثر هم «احمد منسي» في كل ارض هددتها قوات داعش الارهابي والقاعدة، فاحمد منسي ليس فقط الانسان بل هو فكرة الشهامة والوطنية وفداء الأرض والانتصار لها.

المشاركة في هذا المقال