Print this page

الدراما العربية.. مسلسل «حارس القدس»: «كل بلد عربي بلدي.. كل إنسان عربي أخي ...»

فلسطين البوصلة والقدس قبلة كلّ عشاق الحضارة والتاريخ والجمال، فلسطين بوصلة الصادقين، فلسطين عربية،

الأرض المغتصبة والمروية حبا بدماء شهدائها، فلسطين كاسرة كل الحدود الجغرافية حاضنة الديانات المتجاورة وباعثة السلام في انفس عشاقها ولأجل فلسطين خاض المطران «ايلاريون كبوجي» رحلة المغامرة والعذابات لأجل وحدتها فأصبح «حارس القدس» وموحد أبنائها مسيحيين ومسلمين جمعهم على حبّ الارض والفكرة والوطن وان اختلفت الديانات.
«حارس القدس» مسلسل من انتاج وزارة الاعلام السورية، المسلسل من بطولة الفنان رشيد عساف واخراج باسل الخطيب وتمثيل صباح الجزائري وامل عرفة ويحى بيازي وإيهاب شعبان والسيناريو لحسين يوسف، والمسلسل يوثق لمناضل فلسطيني سوري هو المطران «ايلاريون كبوجي» ويكرمه وهو مناضل لا يعترف بالحدود الجغرافية والدينية فقط يؤمن بفلسطين الأرض والتاريخ والهوية.

«حارس القدس» سيرة مطران مسيحي وحّد الفلسطينيين
الإيمان بالوطن لا يجزّأ، حبّ الأرض والدفاع عنها لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا الدينية ولا اللغوية أو العرقية، أن تكون وطنيا معناه أن تكون إنسانا وتنحاز للحق ضدّ المستعمر أيّا كان اسمه «فرنسيا في سوريا او انقليزيا في فلسطين قبل وعد بلفور او الاحتلال الصهيوني بعد 1947) هكذا كان المطران ايلاريون كبوجي عنوانا للوحدة الوطنية مقاوم بالفكر والساعد والسلاح لاجل وحدة القدس والدفاع عنها.

«حارس القدس» مسلسل للكاتب والصحفي حسين يوسف، المسلسل من إخراج المبدع باسل الخطيب و يعتمد على تقنية «الفلاش باك» اذ تتابع الحلقات المطران وحياته في روما في العام 2009 ثمّ يبدأ المطران في استرجاع الذكريات من الطفولة إلى الشيخوخة ومعها تتصاعد الأحداث لتنقل للجمهور قصة إنسان فلسطيني سوري آمن بالقضية الفلسطينية وكانت هاجسه فساند شعبها وساعد الفدائيين وساند حركة فتح بتهريب السلاح في سيارته الديبلوماسية إلى أن تعرض للاعتقال والحكم عليه ب12سنة سجن بعد محاكمة دامت اشهر كان فيها «المطران المتهم اقوى من القاضي، محاضرته لم تكن لمجرد الدفاع بل كانت صرخة بوجه الظلم، صلاة مؤمن، صرخة للحرية في المحاكمة بات المتهم يحاكم القاضي لانه كان اشد شراسة» كما جاء في مذكرات احد متابعي المحاكمة من صحفيي فلسطين (حلقة22).

«حارس القدس» تكريم لسيرة المطران ايلاريون كبوجي ذلك الطفل المشاكس جورج الذي ولد هلى حبّ الارض «حلب» مدينته وعشقه الاول، ومنذ الطفولة كان منحازا للحق وللحرية، كبر الطفل ليكون رفيق استاذه «الاستاذ خليل» في المقاومة ولم يمنعه الثوب الكهنوتي من مساعدة الفدائيين والمقاومين بل أنه وظفه أكثر من مرة لينقذ أبناء وطنه من خطر الاعتقال.

«حارس القدس» مسلسل يوثق لحياة المطران ايلاريون كبوجي، الأحداث جدّ متسارعة، بدت وفية لسيرة المطران المقاوم، تحمل المتفرج إلى طفولته وتصاحبه إلى سنوات الشباب والمقاومة والسيرة مقتبسة من كتاب «مذكراتي في السجن» الذي كتبه المطران عن تفاصيل سجنه، في المسلسل ينحاز العمل للإنسان تماما كما المطران الذي انحاز دوما إلى الوطن دون تمييز بين أهله، وفي أول العمل نجد المطران شابا ينقذ أبناء مدينته المسلمين من الجند الفرنسيين ويلبسهم لباس الكهنة، وفي مواقف أخرى يقف جنبا إلى جنب مع الشيخ المسلم للصلاة على شهداء فلسطين بعد القصف الصهيوني فالعمل بكل تفاصيله ينتصر الى الوطن وكأنه وجه صفعة على وجوه شباب اليوم ليتحدوا بدل الفرقة ويعلوا رايات أوطانهم عوض الانقسام إلى فرق وطوائف «أشعر انني أنصهر في كل بلد عربي، اشعر انني لكل بلد عربي ابن وخادم وكل بلد عربي هو بلدي» كما قال المطران يوم تقرر اخراجه من سجن الرملة شريطة نفيه الى روما ومنعه من زيارة كل الدول العربية.

الموسيقى والشعر صوتا الروح
عاشق للشعر، محب للكلمة الحلوة والكتابات الجميلة هكذا كان الطفل جورج كبوجي الذي كبر وكبر معه حب للشعر العربي فاصبح يتذوقه ويتلذذه وكانت قصيدة اعتراف التي كتبها باسمه الشاعر يوسف الخطيب فاتحة المسلسل في شارة البداية، كلمات نارية من شاعر ثائر موجهة الى «حارس القدس» او «امير الكنيسة العربية» كما يقول صاحب القصيدة، الكلمات التي تقول»:

«أبت أظن غسول هذي الأرض من دمنا
وان يدا تعتق للصباح صفاء أدمعنا
وان غدا سيولد من مخاض غد سيرحل حزن هذا الكون في حنايا اضلعنا
أبت أُصرّ إليك وجهك رجع صوتك فاحتفظ بالسر
عن غير الصباح وعن غير اجنحة الرياح وغير حنجرة الصدى
أبت سوف يجيء وعد غد يكون أغانيا ومغانيا»

الكلمات كانت في المسلسل بصوت الفنانة ميادة بسيليس التي عرفها الجمهور العربي باغانيها الثورية المنحازة للثورات، وكان بالمشرفين على المسلسل يريدون التأكيد على أن المقاومة في فلسطين مستمرة وروح الحرية تسكن كل عربي يرى أن القضية الفلسطينية قضيته الرئيسية، في المسلسل يحضر الشعر بكثافة فالمطران يقرئ لنزار قباني ولبدر شاكر السياب، يحفظ القصائد التي تتغنى بالأرض والوطن.

الموسيقى تمس الروح وتلامس الجراح المخفية «الأمّة العربية أسرتي في ازدهارها سعادتي ومن مكاسبها استمدّ كرامتي، أنا رجل دين عروبتي ومسيحيتي توأمان ومحبة الله وخدمة الأوطان تتماديان ومن لا يحبّ أمته خان ربّه، عروبتي ليست قائمة على عرق أو دين أو سلالة، عروبتي قائمة على قواعد لغوية وثقافية وحضارية» كما قال المطران في اول مؤتمر صحفي بعد خروجه من سجنه.
في العمل التغريدة الفلسطينية تصاحب تحركات المطران في القدس فالشعر في تماه عجيب مع الموسيقى التصويرية التي أبدعها سمير كويفاني يصنع سيمفونية الحب والمقاومة التي ولدت مع المطران إلى آخر أيام حياته، فبالموسيقى صنع مخرج العمل مشاهد درامية ممتعة ليصبح الشعر والموسيقى صوت الروح الخفاقة للحب والحياة.

طوبى للفلسطنيات سيدات الأرض
جميعهنّ قويات، يشتركن في حب الأرض والمقاومة، كلهنّ صامدات شامخات، كل» النساء مميزات فهنّ ملح الارض وماءها الثجاج، هنّ ريح صرصر ضدّ الخوف، هنّ سيل جارف من الحبّ ضد العدوانية، النساء باعثات الامل ومانحات الحياة، انصفهنّ «حارس القدس» ايلاريون كبوجي الذي ربته امّ تحملت مسؤولية الام والاب معا كبر على حبّ تضحيات المرأة وشموخها، في العمل تحضر المرأة الفلسطينية كداعم اوّل لكل حركات المقاومة هي ام الفدائي وحبيبة الشهيد، النساء في المسلسل مثل قبة الصخرة مغريات ساحرات يسرقن لبّ الناظر وقلب العاشق، شامخات صامدات لا يعرفن للياس طريقا، «حارس القدس» لم يكرم المطران لوحده بل كرّم الانثى: المرأة و الارض والوطن.

المشاركة في هذا المقال