Print this page

الأخلاقيات: ولا تنسوا الفضل بينكم

الوقفة السادسة: لهذه القاعدة «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ» تطبيقات في حياتنا اليومية، فمن هذه التطبيقات علاقة العمل،

فإذا عمل اثنان في عمل، ثم افترقا لظرف طبيعي، فلا ينبغي أن ينسى أحدهم للآخر فضله الذي قدمه، ومن ذلك المعلمون الأفاضل الذين تعلمنا على أيديهم، فلا بد من رد الوفاء لفضلهم بزيارتهم، وخدمتهم ونحو ذلك، ومن ذلك الجار الصالح يُتعاهد ونحو ذلك، ممن كان لنا معهم علاقات وبصمات على اختلاف أصنافهم، وإن من أقل ما يرد به على أصحاب الفضل أن يُدعى لهم بظهر الغيب، فهو لا يكلف شيئًا، لكنه شيء عظيم وكفى به ردًّا كريمًا.

الوقفة السابعة: إذا كنت في حاجة إلى المال، ثم أقرضك فلان حاجتك، فلا تنس فضله هذا، عليك بسداده في وقته، وعدم تأخيره وشكره والدعاء له وخدمته، مقابل ذلك فإن ذلك يتولد منه إحسان آخر، بخلاف سوء الحال في رد ذلك القرض، فإنه يتولد عنه نزع الإحسان عنك، وربما نُزع عن غيرك.
في حين أن البعض هداهم الله قد ينقلب على عقبيه، فينكر أو يتناسى هذا القرض، وربما إذا سدده، سدَّده في جهد جهيد، ومشقة على صاحب المال المحسِن، وهذا لا شك نسيان لهذا الفضل؛ مما جعل بعض المحسنين يتوقفون عن هذا الجانب الكبير من الإحسان بسبب هذه المواقف السلبية.

الوقفة الثامنة: إن عدم نسيان الفضل هو نوع من الإحسان، وقد ورد في القرآن الكريم محبة الله تعالى للمحسنين ومعيته، ورحمته بهم وجزاؤه لهم بالإحسان، فلا تفُتك هذه الأمور الطيبة العظيمة بنسيان الفضل لغيرك.
الوقفة التاسعة: لا ينبغي أن تكون ساعة الخصومة بين كل اثنين تهدم مودة سنين، قال أبو حاتم البستي رحمه الله: «من لم يكن لقليل المعروف عنده وقْعٌ، أوشَكَ ألا يشكر الكثير منه»، وقال الشافعي رحمه الله: «الحر من حفظ الوداد ولو لحظة».
الوقفة العاشرة: مما يؤسف له عند بعض الناس أنه عندما يحل الفراق بعد الوفاق، نجد أعراضًا تنتهك، وأسرارًا تعلن، وكأن هذين المفترقين لم يعيشا ولا يومًا واحدًا، فذهب الإحسان كالسراب، وبات الأمر أوهنَ من بيت العنكبوت، وما أبعد شعرة معاوية عن تفكير هؤلاء، وهذا لا شك أنه من ضعف الإدراك والشخصية، فلا دينًا بهذا أقاموه، ولا خلقًا رفيعًا امتثلوه!

يتبع

المشاركة في هذا المقال