Print this page

اللجنة الاستشارية لمراكز الفنون الركحية والدرامية: أيهما سيأتي أولا؟ «غودو» أم القانون الأساسي للمراكز؟

أحدثت وزيرة الشؤون الثقافية لجنة استشارية مكلفة بمتابعة وتقييم نشاط برامج ومنح مراكز الفنون الركحية والدرامية ومن مهامها إبداء الرأي

بخصوص الميزانية السنوية من طرف المراكز وفق معايير يتم ضبطها للغرض من اللجنة تأخذ بعين الاعتبار الأنشطة المبرمجة مع تقديم الميزانيات السنوية للمراكز وقف عقود البرامج المبرمجة مع المركز الثقافي الدولي بالحمامات و المصادقة على مقترحات تنقيح وتوزيع الاعتمادات.
إحداث اللجنة أثار ضجة المسرحيين وانتقاداتهم بين موافق ورافض وبعضهم اكد ان لا حاجة بهذه اللجنة واخرين نادوا الى ضرورة وجودها للمراقبة، جزء من المسرحيين دعا الى الاستعجال في انجاز القانون الأساسي واخرين رفضوا فكرة تعميم المراكز على الولايات.

اللجنة الاستشارية مدتها عام لم كل هذه الضجة؟
«انّ المشكل الأساسي ليس وجود لجنة بل غياب القوانين الأساسية لمراكز الفنون الركحية،» بهذه الجملة افتتح حمادي الوهايبي مدير مركز الفنون الركحية والدرامية بالقيروان (من المراكز القديمة) وممثلا عن المراكز في اللجنة الاستشارية تصريحه لـ«المغرب» مضيفا «سأكون موضوعيا، مراقبي المصاريف في الجهات ولأكثر من مرة يعطلون صرف ميزانيات المراكز، لذلك سبق وان أنجزنا خلية جمعت مراكز الكاف والقيروان و قفصة و صفاقس والقصرين، ورفعنا تشكياتنا إلى وزير الشؤون الثقافية و قدمنا مطلب لانجاز أقطاب تجمع المراكز (مثل ديوان الخدمات الجامعية)، لكن رفضت فكرة الأقطاب ثمّ قرروا انجاز المؤسسة الوطنية لمراكز الفنون الركحية، ونظرا لديون المؤسسة تقرّر أن تحال ميزانيات المراكز إلى المركز الثقافي الدولي بالحمامات».

ويضيف الوهايبي انّه لضمان الشفافية المالية اقترح مدير المركز الثقافي الدولي بالحمامات عدم اسناد الاموال دون رقابة واقترح اتفاقية اطارية تتضّمن كيفية التعامل بين مركز الحمامات ومركز الفنون الركحية ومن بنودها انّ يقدم كل مركز كل 3اشهر تقريره المالي ليتحصل على بقية الميزانية، وبعد نهاية الموسم الثقافي يقدم تقرير سنوي للمطالبة بالميزانية الجديدة، فاللجنة هنا ستكون للمراقبة.

مشيرا إلى ان اللجنة استشارية مدّتها سنة والوزيرة من يتولى تجديدها و»استغرب من هذه الضجة فاللجنة ستحل متى أنجز القانون الأساسي، المشكل في غيباب القانون وليس في اللجنة، فاللجنة وجدت لتسهيل صرف الميزانيات من قبل المركز الدولي للحمامات «هو بيدو عامل مزية لانه قبل هذه المهمة الصعبة» في انتظار انجاز القانون الاساسي الذي سينظم عمل المراكز».

تعميم المراكز؟ قرار مرتجل ام تنفيذ للامركزية؟
ستة وعشرون مركزا للفنون الركحية والدرامية في الـ 2020 هكذا تمّ تعميم المراكز من قبل وزير الشؤون الثقافية السابق محمد زين العابدين، وبالعودة الى التاريخ يقول الدكتور محمود الماجري انه ارتبط تأسيس المراكز بمفهوم اللامركزية التي تم استيعابها منذ ذلك الحين على أنها انتقال ضروري للسلطة الثقافية والفنية إلى الجهات، بما يعني أنه من واجب الجهات ومن حقّها أن تكون مسؤولة في جزء كبير عن اختياراتها التنظيمية والجمالية ( نوع المسرح الذي تنتجه وتوزعه)، أي أنها مستقلة نسبيا عن المركز، وفي ذلك تأكيد صريح على أن المسرح قائم على التنوع وما على الدولة إلا أن تدعمه دون التدخل في خصوصيات خطابه ومنطلق هذه المراكز الاولى كان اقليميا )مركز لاكثر من ولاية واحدة) والولاية الحاضنة شريك أساسي الى جانب بلدية المكان بناء على عقد شراكة.

فمن فكرة اللامركزية انطلقت الدولة في إنشاء المراكز لكن مع بدايات 2020 تمّ افتتاح 26مركز في كامل تراب الجمهورية وفي كل الولايات و كان آخرها «مركز قرقنة» في 14فيفري قبيل تغيير الحكومة عن فكرة التعميم يقول الماجري «الوزارة، وفي اختيارات غير مدروسة، أعطت أكثر من جرعة قاتلة لمشروع المراكز بتعميمها دون مبرر على كامل الولايات، بل في نزوة من نزواتها العابرة (وهي كثيرة) أدمجت الجُزر في هذا التعميم (والغريب أن لا أحد اعترض، لا من داخل الوزارة ولا من المسرحيين، على هذا التعميم العشوائي على كامل مراكز الولايات، بل برزت مطلبية واحتجاجات للحصول على هذا «المكسب» وكأنّ المُطالبين والمحتجين غير مسؤولين، من مواقعهم، عن مستقبل هذه المؤسسات. لسائل أن يسأل: أليس لهم تصورات مخصوصة تراعي متطلبات جهاتهم الثقافية والتراثية والتاريخية أم أن المسرح صالح لكل زمان ومكان دون تصرّف أو تأويل أو إبداع؟.

وفي السياق ذاته يؤكد حمادي الوهايبي ضرورة مراجعة فكرة التعميم قائلا «وجب مراجعة تعميم مراكز الفنون الدرامية، الأجدر إتباع سياسة التدرج بمعنى ننجز مؤسسة وطنية للفنون الدرامية بعدها كل جهة تتوفر فيها الاستعدادات المالية واللوجستية لاحتضان مركز للفنون الركحية يبعث فيها المركز تدريجيا» واكد الوهايبي انّ ضمان نجاح عمل مركز ما يتطلب ما قيمته 300 ألف دينار ميزانية، فهل تقدر الوزارة على توفير 8مليارات لـ26 مركز؟ حتما لا؟ وهل يمكن لمركز العمل بـ 50 ألف دينار؟ طبعا امر صعب».

وبالإضافة إلى ضرورة مراجعة تعميم المراكز دعى الوهايبي إلى ضرورة مراجعة التعيينات، فإدراة مركز للفنون الركحية وجب أن يكون تتويج لمسار من العمل وليس بداية مسار لانّ المدير وجب ان يكون له التجربة والخبرة ورصيد هام من الأعمال المسرحية ليضمن نجاح المسؤولية الموكلة اليه».

تعميم المراكز خطوة تاريخية للدفاع عن المسرح
فكرة بعث وتعميم مراكز للفنون الركحية ايجابية نابعة من جوهر الامركزية لان كل الجهات مستحقة لفعل مسرحي يمثلها ويخلق عادات في الفرجة لدى سكان تلك الجهة هي فكرة واعية ولا بدّ ان تتحمل الدولة المسؤولية فيما يتعلق بالتشريع» بهذه الكلمات عبر مدير مركز الفنون الركحية والدرامية بالقصرين عن موقفه من تعميم المراكز، مضيفا لكن وجب «المأسسة»ّ ببعث ادارة عامة للفنون الركحية والدرامية تنضوي تحتها جميع المراكز خاصة وانّ الفعل المسرحي اليوم يعيش حالة شتات بين إدارات مختلفة ونادى الطيب الملايكي بضرورة وجود استراتجية واضحة لتقديم الميزانيات للمراكز مع ضرورة الانتباه للمراكز الجديدة لأنها الأكثر استحقاقا لدعمها لتنجح.

المسرحي ماهر المحضي عبّر عن رفضه لفكرة اللجنة واصفا اياها بسياسة الهروب إلى الأمام قائلا «في اعتقادي أن هذا القرار ليس اعتباطيا وإنما هو محاولة الالتفاف على مشروع بعث مؤسسة وطنية تعنى بمراكز الفنون الدرامية لها قانون أساسي ينظمها ويهيكلها، وكما العادات التونسية جميعنا نعرف ان اذا أردت افشال مشروع فابعث له لجنة» مضيفا ان فكرة بعث مراكز ركحية في 24ولاية خطوة ثمينة لا بدّ من الدفاع عنها والالتفاف حولها لضمان نيل هدف تأسيس مؤسسة وطنية تعنى بهذ القطاع» حسب تعبيره.

ومن جهته ثمّن سامي النصري الخطوة الهامة التي قامت بها وزارة الشؤون الثقافية في تعميم مراكز الفنون الدرامية والركحية بكل الجهات و «بعث 24 مركز، وهي خطوة تاريخية لنهضة القطاع المسرحي ودفع الحياة الثقافية والفنية بالجهات الداخلية. كذلك نثمن تخصيص ميزانية للمراكز لسنة 2020 تقدر ب 02 مليون دينار والاستعداد لدعم هذه الميزانية بموارد اضافية» حسب تصريحه لـ«المغرب»..

ويضيف النصري مدير قطب المسرح والفنون الركحية «في نفس الإطار كان الاتفاق هذه السنة على أن يكون المركز الثقافي الدولي بالحمامات اطارا مؤسساتيا لتسهيل المنح الخاصة بالمراكز ومتابعة احتياجاتها المالية خاصة مع ضرورة العمل على صرف القسط الأخير من منح المراكز لسنة 2019. وان كنا لا نرفض تكوين لجنة خاصة للمتابعة والتقييم لهذه السنة فإننا ندعو الى دعمها بخبرات مسرحية من القطاع الدرامي و من مسيري المراكز والحفاظ على روح التشارك والحوار بين الفاعلين المسرحيين في علاقة بذلك و بأهم انشغالات القطاع والمهنيين بشكل عام. وهو ما تم مبدئيا حيث أعلمنا السيد رئيس اللجنة المقترح بمراجعة التركية قريبا».

و أكّد النصري انّهم وفي إطار الحرص على متابعة اشكاليات المراكز والمنح والتجهيزات فقد اجروا مقابلة أولى مع رئيس ديوان وزيرة الشؤون الثقافية يوسف بن ابراهيم حول مشروع أمر إحداث المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية و أشار محدثنا آن هناك استعداد مبدئي من الوزارة ومن السيدة الوزيرة للبت في موضوع الأحداث و تقنين وضعية مراكز الفنون الدرامية والركحية التي انتظرت طويلا وحان بعث المركز الوطني للفنون الدرامية و الركحية الحاضن لهذه المؤسسات جميعا.

مضيفا انه أيضا من الضروري البحث في سبل استراتيجية جديدة لخدمة الثقافة والفنون و تطويرهما امام حدث الكارثة الوبائية العالمية و أثرها على الفعل الثقافي ورهاناته المستقبلية و ربما من أجل ميلاد ثقافة أخرى حية، أصلية ومواطنية».

المشاركة في هذا المقال