Print this page

فيلم «la maquisarde» لنورا حمدي ضمن مهرجان «سينما السلام»: السينما صوت المقاومات وذاكرتهنّ المثقلة بالشجن

السينما ذاكرة، السينما ذاكرة الشعوب وحكاياتها وقصصها، السينما ذاكرتها وصوتهاّ المكتوم، اليهنّ انجزت نورا حمدي روايتها «المقاومة» التي

حولتها الى فيلم روائي بنفس العنوان سيكون في الأسبوع القادم في القاعات الفرنسية والسينما أداتها لكتابة أوجاع وذكريات ومقاومة النساء الجزائريات خاصة القبائليات اثناء حرب التحرير الجزائرية التي قتلت فيها نساء كثيرات انحزن الى الوطن فكنّ دروعا بشرية وقتل الكثير منهنّ لمساعدة المقاومين وعدم افشاء الأسرار.
La maquisarde فيلم روائي طويل للمخرجة الفرنسية الجزائرية نورا حمدي وهو من بطولة الممثلتين سوسن عباس و»ايميلي فافر بيرتين»، فيلم يعود الى احداث حرب 1956 في منطقة القبايل الجزائرية وعرض ضمن فعاليات مهرجان سينما السلام مساء الاربعاء11 مارس في قاعة الريو.
السينما ذاكرة الشعوب
البداية بمشهد علوي لغابة كثيفة الأشجار مع صوت لتسارع اقدام يصنع موسيقى بداية العرض، يضيق مجال التصوير وامتداده لتركز الكاميرا على امرأتين تحملان ملابس وتجريان وسط الغابة إلى حدّ أن يصلا الى رجل مٌلقى مصاب والدماء تلوّن التربة بالأحمر، تبدأ الاحداث من «غابة سيدي عي بوناب» في القبايل في الجزائر، وتحمل الجمهور الى العام 1956 وأحداث حرب التحرير الجزائرية، الحرب الشرسة التي ضربت فيها فرنسا بشدّة لتكتم الاصوات المنادية بجزائر «حرة ومستقلة وديمقراطية».
تتصاعد حركة المقاومين، وسط الغابة، مع حديث عن تزويج الشابة نايلة بحبيبها «المقاوم»، تحدث الجلبة وموسيقى الحرب ليجد المتفرج نفسه امام خوف نايلة وهربها الى الغابة بعد ان هاجم الفرنسيون القـــرية وهدموا اغلب المنازل.
تهرب الشابة الى الغابة وهناك تصبح جزءا من المقاومين الذين اختاروا الغابة والجبل، احداث الفيلم تدور في غابة سيدي علي بوناب التي تقع في أقصى غرب ولاية «تيزي وزو» على حدود ولاية «بومرداس» وكانت المنطقة تسمى أثناء فترة الاستعمار «Camp du Maréchal(مخيم الماريشال) الذي اصبح معتقلا للنساء اثناء حرب التحرير، المعارك في الفيلم تنقل القليل مما عاشته مناطق «تادمايت» و«لعزيب» و«نزعموم» و«بوريما» و«ايغيل» مسالة أثناء حرب 1956».
الفيلم روائي توثيقي، فيلم ولد من حكاية حقيقية، حاولت المخرجة الاقتراب فيها من الواقع والتصوير في الاماكن التي تحدثت عنها بطلة الفيلم، الفيلم عنوان لذاكرة جزائرية لا تموت، ذاكرة حاول الاستعمار طمسها لكنها قاومت وظلت الى حدّ اليوم، الفيلم انتصار للإنسان الباحث عن حريته في كل شبر من البسيطة، هو رسالة تنحاز للإنسان وحقه في تقرير مصيره، «صحيح انني مواطنة فرنسية-جزائرية، لكن الحرب الفرنسية الجزائرية يجب أن لا تنسى ويجب أن نحافظ على تلك الذاكرة للاجيال القادمة» كما قالت مخرجة الفيلم.
المرأة رصاصة في قلب النسيان
هنّ الذاكرة المنسية، هنّ الصادقات الحالمات بجزائر حرة، هنّ اللواتي اغتصبن وقتلن ودفن في حفر جماعية ونسيتهنّ اغلب الكتب والمؤرخين وتناستهم الدولة الفرنسية، هنّ النساء اللواتي انحزن إلى الجزائر ودفعن ثمن حياتهنّ لأجل استقلالها.
كلّ منهن قاومت بطريقتها، هناك من عالجت المقاومين الرابضين في الجبل، وهناك من رفضت الوشاية بأبناء بلدها وأبناء مدينتها، وأخرى دفعت بأبنائها الى قلب الغابة ليصطادوا الجنود الفرنسيين وتوجد التي حملت السلاح وقاتلت كما المقاومين كما هو شأن بطلة الفيلم نائلة (سوسن عباس)، وتوجد المدافعات عن حق المرأة الجزائرية وحقوق الانسان عموما وهنّ من جنسية فرنسية كما الطبيبة سوزان Emilie favre-bertin وكلّهن وان اختلفت ادوارهنّ مقاومات من أجل الاستقلال وقتلتهن بنادق الجنود الفرنسيين وطمست ذكراهنّ ووجودهنّ في مقابر جماعية.


الفيلم مقتبس عن رواية «المقاومة» والرواية كما تقول المخرجة والكاتبة نورا حمدي في بداية الفيلم «الى أمي الى النساء الجزائريات، الى ذاكرة المرأة المقاومة، الى كلّ المنسيات، اليكنّ الفيلم»، وفي تصريح لها أكدت المخرجة انّ الفيلم الذي كان رواية هو «قصة حقيقية، هي قصة أو شعور بسرّ عظيم كانت تخفيه امّي وحين تحدّثت امي بالسر وانزاح الوجع الذي كتمته لأعوام قررت كتابة كل ما قالته، قررت العودة الى الجزائر الى القرية او بقاياها، هناك تعرفت على احد الاقرباء وهناك وجدت بقايا المعتقل الذي احتجزت فيه، وأخذت على عاتقي كتابة ذاكرة كادت تٌنسى وإحياء دور المرأة الجزائرية التي قاومت المستعمر الفرنسي وساندت حركة التحرر الجزائرية، من ذكريات امي ولدت الرواية ثمّ الفيلم».
تتبع الكاميرا هروب نايلة من القرية الى الغابة، ترافق لحظات تعلمها لاستعمال المسدس، ثمّ خوض غمار المعركة قبل اعتقالها، في المعتقل نسوة كثيرات، في تلك الغرفة الضيقة ذات الجدران الصلبة والنوافذ الحديدية تبقى وحيدة مع ذاتها، تحدثها عن المقاومة واعن لحرب، قبل ان تؤنس وحدتها الطبيبة سوزان التي تعرض جسدها للاغتصاب بسبب مداواتها للمقاومين، في الغرفة الضيقة تتحادثان، كل تفتح خزانة ذكرياتها لتحدث الاخرى عن وجعها وكل تقدم اسابها للمقاومة، فالجزائرية تحلم بجزائر حرة ومستقلة والفرنسية تريد ترسيخ فكرة حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وبين شجن الذكريات، تكون اعتداءات الجنود على الفكرة والجسد، كلّ ذلك الوجع خزنته «الام» في ذاكرتها وكتمته قبل ان تبوح به الى نورا حمدي التي وثقت كل تلك الحكايات لتعيد ردّ الاعتبار الى نسوة ضحين لأجل الجزائر، لتعيد ذكرياتهنّ وتقول للعالم انّ المرأة عنوان للمقاومة وكثيرات اكلتهنّ حرب التحرير هاهي السينما تعيد اليهنّ الحياة.

المشاركة في هذا المقال