Print this page

الإعلان عن جائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي»: العراقية عواطف نعيم صاحبة لقب أفضل نص مسرحي عربي

قد لا تملك تونس الكثير من المال والسخي من الجزاء لتغمر الفائزين والمتوجين بالذهب والدولار ولكن يكفيها شرفا أن مهرجاناتها العريقة

وجوائزها الأدبية تحظى بقدر كبير من التقدير بفضل قيمتها المعنوية أساسا وتأثيرها في الحركة الإبداعية العربية. وفي هذا السياق تشرئب أعناق المبدعين العرب كل عام إلى تونس عند موعد الإعلان عن جائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي» لاكتشاف من ناله شرف التتويج. وتحت إشراف وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وبحضور محمد الحبيب بن سعد المدير العام للبنك التونسي ورئيس الجائزة عز الدين المدني تم الإعلان مساء الجمعة عن هوية الفائزة بالجائزة في دورة مسابقة النص المسرحي باللغة العربية.

سنة 1984 بعث البنك التونسي جائزة « أبو القاسم الشابي للإبداع الأدبي»، لتحتجب في سنة 2011 لمدة أربع سنوات، قبل أن يعيد البنك التونسي إحياءها بالشراكة مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في جوان 2016 ، مع الإعلان عن مضاعفة قيمتها المادية لتبلغ اليوم 25 ألف دينار.

عواطف نعيم أول امرأة عراقية تنال التتويج
هي القلم الوضاء علما وإبداعا والوجه التلفزي الشهير واللسان الحر على ركح التجريب والتجديد... ومن أجل هذه المواهب والصفات استحقت الدكتورة في الإخراج المسرحي عواطف نعيم أن تكون واحدة من أهم الفنانات في العراق ومن أبرز المبدعات العربيات. ولدت الفنانة العراقية عواطف نعيم سنة 1946  لتجمع بين ألقاب الممثلة والمخرجة والباحثة والأكاديمية بمنتهى الحب والشغف مما وهبها بكل سخاء مسيرة خصبة البصمات والآثار وثرية بالجوائز والتتويجات... وكانت آخر التكريمات للعراقية عواطف نعيم في تونس بفوزها بجائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي».

وبعد أن وجد نصها المسرحي « اثنان في العتمة، واحد في..» الوقع الجميل والصدى الكبير عند أعضاء لجنة التحكيم، تسلمت الفائزة عواطف نعيم جائزتها وهي مزهوة بانتصار قلم المرأة المبدعة رغم شراسة المنافسة لتنال لقب أول عراقية تتوّج بجائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي».

عن هذا الفوز قالت الدكتورة عواطف نعيم في كلمة لها بالمناسبة: «لطالما كرمتني تونس ولطالما كنت فخورة بهذا التكريم، حيث حظيت بتكريم أيام قرطاج المسرحية في مناسبتين في سنتي 1994 و2007، وها أنا أكرّم للمرة الثالثة بتتويج نصي المسرحي بجائزة أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي . ولقد تعلمنا من شاعر تونس الكبير أبي القاسم الشابي أن «من لم يحب صعود الجبال... يعش أبد الدهر بين الحفر». كما تعلمنا من أستاذنا الكبير عز الدين المدني أن المسرح هو فن الحياة... فشكرا جزيلا لكل أساتذتي الأجلاء لمنحي شرف الحصول على هذه الجائزة المرموقة لأصبح أول امرأة عربية تفوز بجائزة أبي القاسم الشابي.»

نصا عبد الحليم المسعودي وبوكثير دومة محل تنويه
احتكمت النصوص المسرحية المترشحة إلى جائزة «أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي» إلى لجنة تحكيم يرأسها الكاتب المسرحي الكبير عزالدين المدني وتضم عضويتها أسماء لامعة في المسرح التونسي والعربي وهم: والناقد المسرحي عبد الرحمان بن زيدان من المغرب والمخرج المسرحي أحمد إسماعيل من مصر والدكتورة نور الهدى باديس والدكتور مبروك المناعي والمخرج المسرحي حافط خليفة من تونس. أما مقرّر اللجنة فهو القاص والمترجم التونسي ساسي حمام.

وعن معايير الانتقاء وعدد الترشحات وخيارات لجنة التحكيم، أفاد ساسي حمام الكاتب العام لجائزة « أبو القاسم الشابي للإبداع الأدبي» في تصريح لـ»المغرب» بأن اللجنة تلقت 39 نصا من 9 بلدان عربية بالإضافة إلى تونس وهي الجزائر والمغرب ومصر وسوريا والعراق وقطر وسلطنة عمان والأردن. وبعد الغربلة الإدارية تم إسقاط ترشحين لعدم الاستجابة لشروط الجائزة باعتبارهما دواوين شعرية وليس نصوص مسرحية.

وعن نقاط القوّة في نص الكاتبة العراقية عواطف نعيم والتي رفعت مثقاله في ميزان لجنة التحكيم، قال مقرر الجائزة ساسي حمام : « بعد نقاش وجدل وأخذ ورد، وجدنا في نص «اثنان في العتمة، واحد في...» طرحا طريفا لموضوع الساعة وهاجس الراهن، إذ طرحت الكاتبة معضلة الإرهاب وما يخلفه من أثار نفسية واجتماعية... ولعل قوة هذا النص تتأتى من براعة صاحبته في تأليف حوارها المسرحي وتوليف حلقاته بكثير من الحرفية والجمالية.»

أما عن هوية النصوص المسرحية التي لم تفز بجائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي» ولكنها حازت على تنويه اللجنة، فقد كشف لنا كاتب عام الجائزة ساسي حمام أن نص «الروهة» لعبد الحليم المسعودي حظي بالإعجاب والتقدير وكذلك نص «من قتل حمزة» للثنائي بوكثير دومة من تونس ومفلح العدوان من الأردن، وأيضا نص «هوجة عرابي وخيانة الوِلس» لصاحبه عبد الغني داود من مصر، إلى جانب نص «العودة إلى الشرنقة» للكاتبة المصرية نهى صبحي ونص الكاتب السعودي ياسر مدخلي بعنوان «عزف اليمام» ...

شروط ومعايير
لا تنتصر جائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي» إلى جنس أدبي معين، بل تحتفي كل سنة بصنف إبداعي مختلف تشجيعا للكتابة والثقافة والمعرفة. فتهتم في كل دورة من دوراتها بالقصة أو رواية أو المسرح أو الشعر أو الترجمة أو النقد... وكانت دورة 2019 مخصصة للتأليف المسرحي العربي حيث وضعت اللجنة شروطها ومعاييرها بعد «استشارة عدد من أعلام المسرحيين العرب في التأليف والإخراج والتمثيل ومن النّقّاد والمنظّرين في شأن الخطاب الأدبي والفني الحديث المتعلّق بفنّ المسرح في ندوة فكرية فنيّة استغرقت أعمالها ثلاثة أيام».

.وتتمثل أهم الشروط للترشح إلى مسابقة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي» في صنف التأليف المسرحي أن يكون العمل المرشّح تأليفا باللّغة العربيّة الفصحى، لا مقتبسًا ولا مترجما ولا مكتوبا بالأساليب التّجريبيّة الحديثة كتوصيف الحركة على ركح المسرح أو التّركيب الآلي للكتابة المسرحيّة. وكذلك أن يكون قابلاً مستقبلاً للإخراج وللتّمثيل على ركح مسرحي، أو تمّ قبوله للإخراج والتمثيل ماضيا في مدّة زمنيّة لا تستغرق أكثر من عشر سنوات بداية من موسم 2009 المسرحي مع تقديم المترشّح بيانا لمكان عرضه وتاريخه وقائمة في صفات العاملين فيه ووظائفهم الفنيّة والتّقنية. كما يجب أن يكون النص منشورا ومطبوعًا في نشرتـه الأولى في شكل كتاب، وصــــــادرًا في فترة ما بين موسم 2009 وموسم 2019.

وفي انتظار مداولات اجتماع اللجنة العليا لجائزة « أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي»، سيتم الإعلان عن مجال المسابقة ليكون الموعد في السنة القادمة مع متوّجين جدد ومع احتفاء جديد بالإبداع والفن والحياة.

المشاركة في هذا المقال