Print this page

«المغرب» تحضر كواليس تصوير فلم «ستريمز» لمهدي هميلي: محاكمة لمنظومة الفساد وانتصار للمهمشين

«سكوت... أكسيون.. إعادة» ثلاث كلمات تحكم تصوير المشهد السينمائي وتتردد في اليوم عشرات المرات وربما تتواصل لأيام وأيام

حتى تبلغ اللقطة الكمال دون زيادة أو نقصان في عين المخرج حتى لا تسقط من غربال الفرجة عند الجمهور. هي رحلة صبر جميل ولعبة أعصاب على فريق الفلم كسبها في النهاية. وهكذا كان المخرج مهدي هميلي في كواليس التصوير يسابق الوقت ويخاتل اللحظة المناسبة لاقتناص أفضل الزوايا والمشاهد في فلمه الجديد «ستريمز».
جالت كاميرا المخرج مهدي هميلي بين الحمامات وقمرت وتونس العاصمة... لتصوير مشاهد فلمه الروائي الطويل «ستريمز». وقد منح أدوار البطولة إلى كل من عفاف بن محمود وحكيم بومسعدوي وإيهاب بن يحيى وهشام يعقوبي وسليم بكار وسارة الحناشي...

الأمومة أمام اختبار الحياة
عن الحب والحرية والتضحية، اختار المخرج الشاب مهدي هميلي أن يواصل في فلمه الروائي الطويل الثاني الاشتغال على تفكيك العلاقات الاجتماعية وإعادة تركيبها بمنظار السينما ومن منظور سوسيولوجي وثقافي واقتصادي...

وبعد أن تناول في فلمه الروائي الأول «تالة مون أمور»، الذي عرض في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية دورة 2016، علاقة الحب بين الرجل والمرأة، اختار في فلمه الروائي الثاني «ستريمز» تسليط الضوء على العلاقة بين الأم والابن وما يحكمها من غريزة ومن تركيبة بسيطة ومعقدة في آن واحد .

وعن حكاية فيلم «ستريمز» وعوالمه ومناخاته ، صرّح المخرج مهدي هميلي لـ«المغرب» بالقول: «تقع بطلة الفلم عفاف بن محمود التي تؤدي دور الأم في ورطة حرجة تقودها إلى زنزانة السجن بتهمة الزنا. وأمام الفضيحة يهيم ابنها الوحيد على وجهه وقد انقلبت حياته رأسا على عقب بسبب هذا الحدث، الصدمة.

بعد خروجها من السجن، ستسعى الأم إلى البحث عن ابنها الذي فقدت سبل الاتصال به في كل الدروب والمسالك... ممّا يمكنها من اكتشاف تونس القاع والهامش والتعرف على كل الفئات والشرائح الاجتماعية ... فإذا بها في رحلة البحث عن ابنها تعثر على ذاتها وتتصالح مع نفسها... ويمكن وصف فلم «ستريمز» بأنه اشتغال على سينما الجسد وعلى تيمة الحرية في كل وجوهها...».

«زازا» من الغناء إلى السينما
في وتيرة تصوير متواصلة لا تهدأ وإعادة متتالية للمشهد الواحد لمرات ومرات وحركة ذهاب وإياب لاتتوقف... كانت أجواء تصوير فلم «ستريمز» في جزئه الأخير. وعن ظروف التصوير ومصادر التمويل،اعتبر المخرج هميلي أن هذا الفلم من أصعب تجاربه في الإخراج على كل المستويات باعتبار أنه يغوص في علاقات معقدة وأزمات عاطفية مربكة .. كما استغرق 4 سنوات في البحث عن مصادر تمويل قبل الحصول على دعم وزارة الشؤون الثقافية والدخول في شراكة إنتاج مع جهات سينمائية أجنبية.

ولئن ضم فلم «ستريمز» حوالي 40 ممثلا، فقد تم منح أحد الأدوار إلى «زازا» وقد برّر المخرج مهدي هميلي وجود هذه الفنانة التي عرفها الجمهور مغنية على شاشة فلم سينمائي بأنه بحث طويلا عن شخصية بمواصفات «زازا» لأداء دور ثانوي -لكنه مهم-، فحسم أمره في ترشيحها للدور بعد أن تعامل معها في كليب «يما» ورأى فيها وجها سينمائيا في «ستريمز».

هل تطوّرت تجربة الإخراج للأفلام الروائية عند مهدي هميلي في تجربته الثانية؟ يعلّق المخرج الشاب فيقول: «لئن كان فيلم «تالة مون أمور» محاكمة لفوضى الثورة وما أفرزته من اضطراب ولخبطة، فإن «ستريمز» محاكمة لثماني سنوات بعد الثورة لم تغير شيئا من وضع البسطاء والمواطنين عموما بل ساهمت في استفحال منظومة الفساد في كل المجالات وتضييق الخناق على الناس وجعل حياتهم أكثر صعوبة وتعقيدا..».

ومن المنتظر أن يكون فلم «ستريمز» جاهزا للعرض ومصافحة جمهور الفن السابع في غضون سنة 2020.

المشاركة في هذا المقال