Print this page

عرض أصايل للفرقة الوطنية للفنون الشعبية ضمن مسرح الجهات: الرقص حرفة وحركة الجسد لغة للبحث في تاريخ منسي

لغة الجسد تعجز كلّ اللغات عن تجاوزها، للجسد لغته القادرة على اختراق المشاعر وفكّ كل الشيفرات، للجسد سحره وللغته

بهاؤها وفي مسرح الجهات بمدينة الثقافة تجدد اللقاء مع الفرقة الوطنية للفنون الشعبية التي تحاكي تاريخ البلاد وتنقل هواجس المنسيين وتفتح ابواب التاريخ للباحثين في عرض اسمه «أصايل».
«اصايل» عرض تونسي الروح و التقديم عرض يحاكي تونس من الحاضرة الى الريف عرض تصمت فيه اللغة المنطوقة وتترك المساحة للجسد وحده ليقول اجمل الخطوات. 

الرقص غوص في خبايا الذاكرة
هلاّ حملتك الذاكرة ذات مرة لتبحث في الهوية و تراث البلاد؟ هل تساءلت عن سرّ ذاك اللباس الذي يختلف من مكان الى اخر؟ هل عايشت تفاصيل اختلاف الهوية التونسية من الجبل الى الصحراء الى البحر؟ هل عانقت شموخ هذا الوطن وتفاصيله؟ هلاّ تاملت سحر تونس من خلال حركات الراقصين و النغمات التقليدية التي تصدح عاليا؟ الفرقة الوطنية للفنون الشعبية بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقى قادرة على الغوص بك في تاريخ الرقص التونسي وحكاياه وقصص كلّ رقصة وما يميزها عن غيرها.
في مسرح الجهات بمدينة الثقافة كان اللقاء الساحر، لقاء ميزته الوان زاهية مختلفة اختلاف هوية الشعب التونسي، لقاء يكون فيه الجسد سيد المكان، ينطلق اللقاء من الحاضرة مع رقصة المالوف وعنوانها «اتق الله» لوحة حركاتها هادئة هدوء نغمات المالوف ميزتها الة القانون التي تغانج شقيقتها الربابة وتستحضر جمال قرطبة من خلال الوان زاهية لفساتين الراقصات.

لازلنا في الحاضرة ومن مناطق سكنها الموريسكيون الى الزوايا ورقصات «العيساوية» و «سيدي بلحسن» و التخميرة في الرقص رقصات رجالية قوية تضرب فيها الارض بقوة، فلقاء مع سحر نغمات الناي مع المبدع حسين ميلود.
تتواصل الرحلة من الارض الى البحر ورقصة «البحارة» بالدنقري و الازرق الجميل لون المياه، رقصة تحاكي صعوبة البحر ومشقة مهنة البحارة.

تتواصل المتعة فلازال في جراب الفرقة الكثير لتقدمه ليرقصوا «بنات قابس» و«الغوغو» الرقصة الرجالية بالعصي للجزر ورقصة «الفلاحة» لساعة ويزيد التقاء الجمهور بنغمات تونسية تقليدية امتزجت مع آلات اخرى فأصبحت اكثر جمالا، لساعة وأجساد الراقصين تتجول في خبايا التاريخ تفتح الدفاتر المغلقة لتخبر الحضور عن الرقص وتاريخه ومساهمة الراقصين في المشهد الثقافي التونسي.

الرقص تأريخ
اكتب تاريخك كما تراه، دع لجسدك الحرية ليصرخ ويخبر الحضور عن تاريخ البلاد عن قصة كلّ رقصة وعلاقتها بما تعيشه البلاد انذاك من أحداث فالرقص حركة تاريخية وليس مجرد انفعالات يكتفي الجسد بتأديتها، والفرقة الوطنية للفنون الشعبية حمّالة تاريخ البلاد وجزء منى الهوية التونسية لانّ الفرقة في لوحاتها تقدم جانبا من الحياة البدوية و الحضرية ايضا ففي رحاب حركات الجسد تتحد اللغات و تتضح الرؤية لتاريخ كتبته الاجساد وتناسته الدراسات والبحوث.

من يقول الفرقة الوطنية للفنون الشعبية يستحضر حتما المبدع والمختلف سيد الجسد و لغته ذاك الذي اثر بطريقة او باخرى في تاريخ الرقص حمّادي اللغبابي، اللغبابي الحلاق الذي عشق الرقص فامتهنه، فنان تناسته الكتابات و احيت الفرقة وجوده بالرقص لانّ الرقص حياة وخطواته اصدق مما يكتب أحيانا.
والفرقة الوطنية تاسست عام 1962باقتراح من الدكتور صالح المهدي واختارت البحث و التوثيق للهوية الشعبية و الموروث اليومي والخطوات التقليدية في ربوع تونس وقد كسبت الفرقة الرهان.. على اعتبار أن اختصاصها هو الغوص في تفاصيل الحياة اليومية للأرياف والبوادي التونسية فكانت اللوحات التعبيرية والرقصات الشعبية بطابعها الفرجوي الممتع تعبّر عن تلقائية التونسي وتعاطيه مع الشأن اليومي بكل يسر وفقا للظروف المحيطة به، لوحات قدمت في مسرح الجهات ورحلت بالمشاهد من جني الزيتون الى البحر واصطياد الاسماك الى الفلاحة، مشاهد تجمع الحاضرة والبداوة وتتنقل بذاكرة التونسي في كافة جهات البلاد.

المشاركة في هذا المقال