Print this page

مدير أكاديمية الشعراء حمزة عمر لـ«المغرب»: نعمل على رأب الصدع بين الشعر والجمهور

وحده الشعر يمنحنا جناحا من الخيال لنقبّل الشمس ونداعب القمر... هو ذاك الكون من الشعور الذي يغرقنا في بحور بلا

أعماق من الأمنيات والتهيؤات والتأملات... فإذا بنا نرى الأشياء بعيون الشعر أجمل بكثير وببصيرة الإحساس أبعد من حدود الحواس. وحده الشعر فوق الوصف وعصيّا عن التعبير لأنه بكلّ بساطة صور عجائبية تتشكّل من عجين الكلمات لتستحيل إلى أغنيات ومساءات ونبض حياة.
في سبيل إعلاء صوت الشعر، كان التأسيس لأكاديمية الشعراء في تونس لغاية صقل موهبة الشعر وإرفاقها بتقنية ولادة القصيدة كتابة واستعارة وإلقاء... كما يشير إلى ذلك مديرها الشاعر حمزة عمر في حوار لجريدة «المغرب» في ما يلي سطوره:

• كيف كانت ولادة «أكاديمية الشعراء»، ماذا عن دواعي بعثها ومراحل نشأتها؟
«أكاديمية الشعراء» مشروع أطلقته جمعية تونس الفتاة بدعم من صندوق الثقافة للجميع لسفارة ألمانيا بتونس، وانطلق تنفيذه في سبتمبر 2018 ويستمرّ إلى موفّى السنة. لاحظنا من خلال مختلف التظاهرات التي تنظمها تونس الفتاة (المنتدى الشعري «عبور»، ملتقى الأديبات الناشئات «يراع»...) وكذلك من خلال متابعتنا للساحة الأدبية في تونس أنّ هناك مخزونا هائلا من المواهب الشعرية التي تبشّر بالكثير، غير أنّ الكثير من هذه المواهب ينقصها الصقل والتأطير وتفتقد إلى التشجيع والتحفيز الكفيلين بجعلها تواصل طريقها. لاحظنا كذلك أنّ هناك هوّة تتعمّق بين الشعر والجمهور، إذ أنّ أغلب الأمسيات الشعرية لا تحظى بمتابعة كبيرة. لهذه الدواعي خصوصا قمنا بتأسيس هذه الأكاديمية، وهي المشروع الأوّل في تونس الذي يجمع بين الجانب التكويني والجانب المسابقاتي في مجال الشعر، إذ نطمح إلى دعم قدرات الشعراء المشاركين في مختلف تقنيات الكتابة الشعرية من خلال الجانب التكويني، كما نطمح إلى شدّ انتباه الجمهور وخلق متابعين أوفياء للأكاديمية في كامل أطوارها من خلال الجانب المسابقاتي.

• هل يمكن للشعر أن يدّرس في «أكاديمية» أم هو ينبع من موهبة على إيقاع الأوزان والبحور؟
لاشكّ أنّ الموهبة هي الأساس الذي تنبني عليه التجربة الشعرية، غير أنّ الموهبة الخام وحدها تظلّ غير كافية، إذ لا بدّ من إثرائها بمختلف المعارف حتى تتطوّر وتتمكّن من فرض نفسها في الساحة الأدبية. ليست هناك وصفة جاهزة لخلق تجارب شعرية، والورشات في الأكاديمية لا تقوم على التلقين، بل على التفاعل بين المكونين والشعراء الشبّان. هذه الورشات ستعزّز معرفة المشاركين بخصوصيات الكتابة الشعرية وتقنياتها وتحفّزهم على الارتقاء بمستوى نصوصهم إلى آفاق أرحب.

• هل من فكرة عن أعضاء لجنة التحكيم ومعايير الانتقاء وشروط المشاركة؟
أعلنّا في شهر سبتمبر 2018 عن فتح باب الترشّح للأكاديمية للشعراء الشبّان المتراوحة أعمارهم بين 18 و25 سنة، وقد تلقينا 25 ترشّحا شارك أصحابها في اختبارات الأداء التي انتظمت يوم 29 سبتمبر، واختير بعدها 16 شاعرا للمشاركة في أشغال الأكاديمية، بعد احتساب الأعداد المسندة إليهم من لجنة التحكيم التي راعت جودة النص خصوصا من حيث سلامة اللغة وأصالة الصورة. شارك الشعراء في مرحلة تكوينية أولى امتدّت على 40 ساعة واختتمت بالدور ربع النهائي حيث تمّ اختيار ثمانية منهم للمرور إلى المرحلة القادمة، وهم في هذه الفترة بصدد المشاركة في المرحلة التكوينية الثانية التي ستختتم بالدور نصف النهائي، حيث يبقى منهم أربعة مشاركين لمواصلة المشوار من خلال مرحلة تكوينية ثالثة تختتم بالدور النهائي، حيث يتم تتويج أحدهم بلقب الأكاديمية.
يُشرف على التكوين في الأكاديمية نخبة من الشعراء التونسيين، وهم الأساتذة خالد الوغلاني والشاذلي القرواشي ويوسف رزوقة، إضافة إلى المسرحي الأستاذ نزار الكشو الذي يشرف على ورشات الحضور والإلقاء. ويشكّل المكوّنون أعضاء لجنة التحكيم في مختلف أطوار الأكاديمية إلى جانب شعراء ضيوف في كلّ دور. وقد سُعدنا بمشاركة الشاعر أحمد شاكر بن ضيّة مدير بيت الشعر التونسي في لجنة التحكيم الخاصة باختبارات الأداء والشاعرين كمال بوعجيلة وسلوى الرابحي في ربع النهائي.

• بعد بلوغ التصفيات النهائية ما هي طموحاتكم وبرامجكم المستقبلية؟
نأمل أن يواصل الشعراء الشبّان المشاركون في الأكاديمية مشوارهم الإبداعي، وستحرص جمعية تونس الفتاة على توفير الفرص لهم جميعا، بغضّ النظر عن النتائج النهائية، للبروز في الساحة الثقافية التونسية والتعريف بإنتاجاتهم. كما نرجو أن تتاح للأكاديمية الظروف الملائمة لتواصل عملها في السنوات القادمة حتى تساهم في تأطير أكبر عدد ممكن من الشعراء الشبّان.

• هل من علاقة بين «أكاديمية الشعراء» وبيت الشعر التونسي؟
تربط جمعية تونس الفتاة علاقة مميّزة ببيت الشعر التونسي، وهي علاقة سبقت انطلاق أشغال الأكاديمية. وقد استضاف بيت الشعر التونسي، مشكورا، المراحل الأولى من الأكاديمية ونعني بذلك اختبارات الأداء والورشة التكوينية الأولى. كما أنّه يجري التحضير حاليا لتظاهرة شعرية كبرى في 2019 بالشراكة مع هذه المؤسسة العريقة.

• ما الذي يمكن أن تضيفه «أكاديمية الشعراء» للقصيدة التونسية؟
نأمل أن تساهم أكاديمية الشعراء في خلق جيل جديد من الشعراء التونسيين...جيل متمكّن من كافة جوانب الكتابة الشعرية وقادر على فرض حضوره في الساحة الثقافية والعمل على رأب الصدع بين الشعر والجمهور.ونحن نؤمن أنّه يوجد بين الشعراء الشبّان المشاركين من يمكنه، بشيء من المثابرة، أن ينقش اسمه لا في الساحة الثقافية التونسية فحسب، بل على المستوى العربي.

المشاركة في هذا المقال