Print this page

مرايا وشظايا: ما بين الإهمال والرحيل الفنان التونسي جدير بالعرفان

بعد أن أودعنا حسن الدهماني أغنيات ومواويل وموشحات، وودّع الحياة وفي عينيه ارتسامات

وأمنيات كتب لها بأن تبقى قيد الحلم... هتفت الأصوات من هنا وهناك متسائلة في إنكار: لماذا يعيش الفنان التونسي في تهميش وجحود ولا نقدّر موهبته ونعدّد حسناته إلا بعد موته؟ 

ليس حسن الدهماني المبدع الوحيد الذي خسرناه ولن يكون الأخير الذي رحل ولم ينل حظه في الحياة ولا حظوته في المشهد الفني... فلاشك أن تونس أنجبت عديد المطربين والكثير من المطربات ممن يركع الركح انحناء أما روعة أصواتهم وعذوبة شدوهم ولكن تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة:» إبداع كبير وحظ قليل».
لعل أولي الأمر وأهل الحلّ والعقد مطالبون بالإيمان بالفنان التونسي والمراهنة على نجاحه ووصوله إلى القمة لا إقصائه واستبعاده واللهث وراء الفنان الأجنبي بحجة أنه الأشهر والأكبر والأوسع انتشارا... ولعل الدورة الأخيرة من مهرجان قرطاج الدولي أسقطت كل هذه الحسابات في الماء وأعلت صوت الفنان التونسي في السماء وثأرت لملايين الدولارات التي ضاعت هباء.

في هذا المهرجان اقتلع الفنان التونسي الريادة وافتك الجمهور بكل جدارة حيث كانت سهرة المطربة يسرى محنوش الأولى على مستوى بيع التذاكر، كما أغوت عودة أمينة فاخت للغناء عشاق الطرب فاكتسحوا المدارج أمام شباببيك مغلقة. وفي العموم كانت العروض التونسية ناجحة في الدورة 54 من مهرجان قرطاج على غرار عرض «الحضرة» لفاضل الجزيري وعرض «كرنفال» لحسان الدوس...

وكما لتونس أصوات ذهبية رفعت رايتها بين الأمم وفي كل المحافل الدولية متى تحققت له فرصة الظهور فإن لها موسقيين من الطراز الرفيع وقد أثبت الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو محمد لسود خلال مرافقتها هذه الصائفة للحفلات الفنية مهنية وحرفية وموهبة شهد لها الفنان الأجنبي قبل التونسي وصفق لها الجمهور.
الأكيد أن وضعية الفنان التونسي في حاجة إلى مراجعة وإعادة التقييم في ظل متغيرات الخارطة الفنية من أجل إعادة توزيع الأدوار.

المشاركة في هذا المقال