Print this page

عريضة مفتوحة تندد بتعطيل مساره: المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر والعودة على الأعقاب

بعد عقود من النضال والانتظار... استبشر الفنانون والرسامون والنحاتون وكل المهتمين بالفن التشكيلي بقرار الإعلان عن بعث «المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر» بمدينة

الثقافة. ولكن يبدو أن هذا الفرح بتحقق الحلم قد قُبر وهو لا يزال في المهد، حيث كانت أولى «النكسات» استقالة المستشار المكلف بمهمة إعداد هذا المتحف الفنان سامي بن عامر... وأخيرا يتداول أهل الشأن عريضة مفتوحة للإمضاء للمطالبة بالإسراع في تنفيذ ما تم الشروع فيه حسب ما نصّ عليه القانون وما عٌلق عليه من آمال وانتظارات...
جاءت ولادة المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر ثمرة لطلب ملح ومطلب متجدد بضرورة إرساء أسس هذا المشروع الثقافي والحضاري ليكون عنوان الحركة التشكيلية التونسية. فهل تحقق هذا فعلا وهل كان لأصحاب هذا الحلم ما أرادوه؟

خلط في المهام
على إثر تقديم المكلف بمهمة الإعداد للمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر سامي بن عامر لاستقالته من مهامه إلى وزير الشؤون الثقافية يوم 16 جويلية 2018 والتي تم قبولها على أن تكون سارية المفعول بداية من غرة أوت 2018، تم تعيين المكلفة بتسيير إدارة الفنون التشكيلية بالوزارة رابعة الجديدي في خطة مديرة عامة للمتحف.
و قد أثارت هذه التغييرات والتعيينات حفيظة أهل الفن التشكيلي فأصدروا عريضة ممضاة من الفنانين التشكيلين وأصحاب الأروقة ونقاد الفن التشكيلي والمهتمين بقطاع الفنون التشكيلية في تونس اعتبروا فيها «أن تعطيل فتح متحف الفن الحديث والمعاصر بمدينة الثقافة وتعيين إدارية وليست مختصة في مجال الفنون التشكيلية على رأس المتحف خطأ فادحا فضلا عن كون الجمع بين إدارة الفنون التشكيلية والإدارة العامة للمتحف يعتبر خلطا لا يخدم المشروع الثقافي والحضاري الذي يطمحون إلى تحقيقه منذ عشريات خلت من خلال بعث هذا المتحف».

وطالب أصحاب العريضة بـ «الإسراع في تحقيق ما تم الشروع في إعداده على أرض الواقع لضمان فتح المتحف منذ افتتاح مدينة الثقافة وتطبيق كل ما ورد في الأمر الحكومي المؤرخ في 23 أفريل 2018 تحت عدد 381 والذي يحدد مشمولات المتحف وتنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره... وفي ختام عريضتهم، شدّد أصحاب القطاع على ضرورة تعيين مدير عام كفؤ مختص في مجال الفنون التشكيلية على رأس المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر.

«إرباك» في التسيير
«تبعا للظروف الصعبة والمتراكمة التي أصبحت تحول دون الانطلاقة الفعلية للمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر» كان المكلف بتسيير هذه المؤسسة العمومية سامي بن عامر قد أعلن عن استقالته من مهامه.  

ومن أهم الأسباب التي دفعت بالفنان التشكيلي سامي بن عامر المستشار إلى التخلي عن مهامه حسب ما ورد في نص الاستقالة الموّجه لوزير الشؤون الثقافية هي « عدم تفعيل الأمر الحكومي عدد 381 المؤرخ في 23 أفريل 2018 المتعلق بإحداث المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر وضبط مشمولاته وتنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره، وتعيين المدير العام في الإبان كما كان منتظرا كما هو الشأن حظي به مسرح الأوبرا ومركز فن العرائس بمدينة الثقافة ».

ومن المعوّقات التي تحدّث عنها المستقيل والتي تسبّبت في تعثر مسار المتحف «استحالة تسلم الأعمال الفنية من إدارة الفنون التشكيلية  وتعطل وصول بعض العارضات الخشبية الضرورية لعرض الأعمال الفنية مما عطل المعرض الافتتاحي للمتحف».

واعتبر الرئيس السابق لاتحاد الفنانين التشكيليين سامي بن عامر أنّ «إرباكا» حصل في الفترة الأخيرة صلب إدارة المتحف بسبب «قرار الوزير تخصيص الطابق الثاني لإدارة الفنون التشكيلية دون سابق إعلام لإدارة المتحف  وهو ما يشكل  خطرا على استقلالية المؤسسة التي يقرها الأمر عدد 381  » . كما أوضح بن عامر أن «قرار تعيين شخصية إدارية على رأس المتحف قرار غير مناسب لما تتطلبه هذه الوظيفة من إلمام بقطاع الفنون التشكيلية وتحدياتها ورهاناتها ...»

بعد كل هذا التعثر والعودة على الأعقاب في مسار إحداث المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، هل سيكون هذا المتحف حقيقة مؤسسة مستقلة إداريا وماليا ومرآة عاكسة للمشهد التشكيلي التونسي؟

المشاركة في هذا المقال