Print this page

طريق المقام لزياد الزواري في مهرجان الحمامات الدولي: الموسيقى دين الحالمين وصلاة العاشقين الأزلية

رحلة المتعة لن تنتهي ودرب الجمال لازال طويلا و السير في ربوعه

وبين ورود موسيقاه ممتع لا يفنى، بالكمنجة كتب الياذة الحب تراتيل ودين جديد يعتنقه كل محبي الامل و البهجة اللامتماهية، رحلة الروح الى اللاحدود، رحلة تفنى فيها كل الحواجز الزمانية و المكانية رحلة المقام وطريقه هي رحلتك ايها العاشق الى اعماقك رحلتك الى ذاتك لتعرف انك انسان انك حيّ وحالم ابدا.
طريق المقام رحلتك الازلية الى الحلم الذي لن يفنى وطريق تزينه ورود الحياة ورياحين الجمل فيه تسمع شدو طيور الحرية وترفرف ريات السلام و تتماهى مع خرير مياه الخلود وتشرب من كأس الموسيقى المسكرة حدّ الثمالة الموسيقية، رحلة كتب تفاصيلها عاشق الكمنجة زياد الزواري وصاحبه في تنفيذها مجنون الباس غسان فندري وإله الايقاعات الارمني julien tekeyan و سيّد القيثارة التركي abdurrahman tarikci، رحلة اسمها طريق المقام.

غازل الحلم فانت في حضرة كمان زياد الزواري
تونسي الهوى والانتماء عشق الموسيقى منذ النعومة فاختارها دينه ومديدنه، فنان بمواصفات عالمية قرر ان يكون صوت الموسيقى التونسية ويقدمها للاخر مهما كانت جنسيته، يعمل على الطبوع التونسية ويقدمها للجمهــــور في ارجاء العالم، الدكتور زياد الزواري سافر بجمهور الحمامات الى عالمه الخاص حملهم في رحلة موسيقية تنطلق من الهوية التونسية لتحلق في سماء الموسيقى الانسانية.

نوتات هادئة، مغمض العينين يعزف وينطلق في حلمه الجميل، موسيقى هادئة وكانها لحظات غزل بين الزوار وكمنتجته معشوقته الاولى والابدية، صوت جوج البحر زاد من بهاء الحلم، الضوء بالوانه الزاهية هو الاخر تماهى مع الموسيقى لتكون دعوة صريحة للحضور ليغمض عينيه ويحلم .
هنا الحمامات غازل الحلم متى شئت، لك ان تتجول وتجوب كل دول العالم بخيالك، لك ان تستمتع، لك ان تعشق تركيا وتبحث في اسرار الهند وتتجول في ارياف مصر وتكتشف من جديد شوارع صفاقس وانهجها، لك ان تعانق الامل المتجدد دوما بالموسيقى ، لك ان تغازلها وتقول «ايتها الموسيقى ان في انغامك الساحرة ما يجعل لغتنا عاجزة قاصرة»، هنا الحمامات، ولقاء مع طريق المقام لك ان تفتخر انك امام عاشق تونسي وعازف عالمي يمتعك بنوتات تشبه موسيقى الحلم وتنسيك ربقة الواقع وآلامه.

طريق المقام رحلة الموسيقى الانسانية
غريب امرك ايتها الموسيقى، عجيبة حكاياك فوحدك قادرة على اسعادنا دون البحث عن الأسباب لنوتاتك تأثيرها السحري على الإنسان ايتها الموسيقى يا سيدة المكان و سيدة كل زمان لك ان تحدثي جمهور الحمامات عن سحر «طبع تونس» إلى «قناوة» المغرب الأقصى وصولا إلى mûgâm مرورا بـ «Raga» الهند وبمسحة الجاز حين يبلغ الشرق يعمل عرض « طرق المقام » على تأصيل تلازم الموسيقى بالحرية حين يكون انعكاسا مباشرا لسحر الشرق وحين يكون ترجمة أمينة لأوجاع إفريقيا وأحزان الجاز وثورة موسيقى الروك وتمردها على الموسيقى و على كل شيء فوحدك القادرة على نفي كلّ الحدود.
عـلى ركــح الحمامات قدم زياد الزواري عرض «طريق المقام» وهو رحلة موسيقية انطلق في العمل عليها منذ 2007 مع اول تلاحينه رسالة الى اقبال ، رسالة حبّ غناها عبد الرحمان التركي فصحب الحضور في جولة في شوارع انقرة و التمتع بسحر اسطنبول.
من تركيا الى الهند الى الالوان التي تزين المكان الى بلد عرف بالتنوع الموسيقي و الثقافي ولقاء مع موسيقى الراجا ونوتات هادئة وجميلة وكانها لحظات لاكتشاف سحر الهند وتنوعها الموسيقي ، يبدع الزواري على كمانه ويتميز غسان فندري على الة الباس تماما كعازفي الراجا المقدسة.
نوتات هادئة حينا تحيلك الى لحظات الحب و قوية حينا اخر كأنها نار للثورة والتمرد، موسيقى كصوت مياه الشلالات ممتعة ومرات كلهب النيران، الموسيقى كالحالة النفسية للعازف فصوت لكل «راجا» اسم مشتق من الحالة النفسية التي تريد الإيحاء بها- «الفجر»، «الربيع» ، «جمال المساء» ، «السُّكر» الخ- وكل «راجا» مرتبطة بزمن معين من اليوم أو من العام وتذهب الأساطير الهندية إلى أن لهذه الراجات قوة روحانية حتى ليقال إن راقصة بنغالية أزالت قحطاً بغنائها إحدى الراجات وهي المسماة «منع مالار»- أي نغمة استنزال المطر وفي الحمامات بموسيقاهم استنزلوا لحظات من الطمأنينة.
دع الهند واختلاف شعوبها وحوّل البوصلة الى المغرب الى موسيقى القناوة المقاومة التي تعبّر عن الام لشعوب و حكاياهم، ثم العودة الى تونس وموسيقى الزنوج موسيقى الحالمين بالحرية و الصارخين للحياة و موعد مع الة الشقاشق زينة موسيقى السطمبالي، ثم تكون الوجهة الى مصر الى موسيقى «الصعيد المصري» موسيقى القرى والارياف موسيقى الصادقين والباحثين عن اسرار الحياة الهادئة فبالموسيقى كتب الزواري صحبة العازفين رحلة الى اعماق الانسان.
الموسيقى نوتة سلام
الموسيقى عنوان للحياة هكذا هي في طريق المقام، اربعتهم مميزون واربعتهم عاشقون لما يقدّم، الموسيقى نوتة سلام قادرة على ارساء مفهوم السلام اكثر من كل المعاهدات واتفاقيات السلام الدولية وحدها الموسسيقى تمسح عن الروح ادران الحروب واوزارها، موسيقى الدرامز القوية ثائرة وغاضية موسيقى وكانها صرخات لمستضعفين موسيقى مجنونة وقوية وكانها ابتهالات من يطلبون الحياة موسيقى العازف الارمني جوليان تعود بالذاكرة الى 1894 تاريخ اندلاع المجازر العثمانية ضدّ الارمن، بالموسيقى يحدثنا جوليان عن معاناة شعبه بسبب قساوة السلطان الاحمر (عبد الحميد الثاني)، يصحب نغمات الدرامز موسيقى الكمان حزينة موجعة كانها تحدث الجمهور عن وجيعة 24 أفريل 1915 حين أعدم 250 ارمينيا من نخبة البلاد وكتابها ومثقفيها.
ولان الموسيقى عنوان للسلام لأنها رسالة انسانية بامتياز يكون للقيثارة صوت البلسم بموسيقاها تمسح عن الروح اوجاعها و تكتب عهدا جديدا للحب و الجمال مع عبد الرحمان التركي فلاول مرة منذ عقود يجتمع تركي وارمني على ركح واحد، في طريق المقام تمحي كل الفوارق والحدود وحدها الانسانية هي الفيصل.
زياد الزواري لم يكتف بجمع تركي وارمني في عرض واحد وانما جعل من التركي عبد الرحمان يغني باللهجة التونسية بنبرته التركية فغنى «يا بوعكازين» و «جرجيس» اغان امتعت جمهور الحمامات الذي عبر عن اعجابه بالقول «الزواري نطّق التركي ما اقواه».
طريق المقام رحلة ابدية لا تفنى، رحلة موسيقية تجوب العالم وتقدم كل المقامات والطبوع المميزة لكل بلاد، رحلة انسانية حالمة تلغي كل الفوارق والحدود الجغرافية والزمانية.
اوبرا كليلة ودمنة هل ستكون في تونس ؟
«طريق المقام طويل لكن يبدو ان طريق كليلة ودمنة الى تونس اطول» هكذا علق الزواري حين سال عن اوبرا كليلة ودمنة، للتذكير فكليلة ودمنة اوبرا عالمية جمعت عدة فنانين من دول عربية مختلفة ومن تونس يشارك فيها محمد الجبالي وزياد الزواري، كليلة ودمنة جابت 40 دولة منذ خروجها الى قاعات العرض في جانفي 2017 و في حوار لـ«المغرب» مع الزواري في فيفري 2018 أكد أنه قدم العديد من الملفات والطلبات لتكون كليلة ودمنة في تونس وبعد 6 مرات يعيدون الطلب نفسه ومازالت المهرجانات التونسية تتجاهل اوبرا كليلة ودمنة بمقولة «موش وقتو»؟ إذا كانت المغرب ملكية النظام وافقت على عرض كليلة ودمنة الناقدة للنظام الملكي فكيف ترفضها تونس الجمهورية النظام؟ كليلة ودمنة اوبرا عالمية تستحق المشاهدة فهل سيتنهي السجال الطويل و يكون للجمهور التونسي لقاء مع اوبرا متميزة؟

المشاركة في هذا المقال