Print this page

على ركح مهرجان قرطاج الدولي: مارسيل خليفة يغني للشاعر التونسي آدم فتحي

مثل طائر مهاجر عاد الى عشه بعد فراق زمن، ومثل عاشق ولهان اختار اعلان حبه الازلي لجمهور تونسي قل ان يغيب عنه لسنتين او ثلاث

متتالية، كذلك فعل ليلة الخميس فنان الحب والمقاومة والسلام مارسيل خليفة على ركح مسرح قرطاج الاثري في سهرة موسيقية فنية ممتعة «نقت نسبيا الذوق العام من بعض الشوائب الفنية واعادت بعض الاعتبار لهذا المسرح الكبير» على حد عبارة أحد المتابعين للحفل الذي اضاف «هذا الرجل صدق في حب تونس».
اطل مارسيل خليفة على الركح يتوسط ثنائي دربه الجديد: على يمينه نجله رامي خليفة عازف البيانو وعلى يساره ايموريك وسترتش عازف الباتري. جلس كل منهم الى الته يعدلها، وقال خليفة لجمهوره الذي وقف يحييه تحت عاصفة من التصفيق «اليوم كتبت تدوينة على حسابي الشخصي على الفايسبوك، انا لا أملك من لغة الأنبياء سوى مفردة يتيمة: كلمة حب. انتم الحب، لكم كل الحب».

خلال هذا الحفل الذي دام ساعتين ونيف، غنى مارسيل لفلسطين وللعروبة المهزومة، عزى الشهيد وام الشهيد الذي سقط في ميادين المقاومة دفاعا عن الحق والحرية المسلوبة، انشد للحب والسلام، كرم رفيق دربه الشاعر الكبير محمود درويش وحي روح شاعر الخضراء الصغير اولاد حمد، ورثى مارسيل ايضا الشهداء والاحرار و«شباب الثورات العربية المسروقة».

وبدا جمهور مهرجان قرطاج العاشق لهذا الفنان الانساني الكبير، وكأنه جوقة كبيرة من الفنانين والمرددين يغنون معه متى طلب منهم ذلك ويصمتون متى اراد ، تفاعل فاق حدود المتوقع واذهل مارسيل خليفة نفسه - على ما يبدو- فابتسم حينا وطأطأ الرأس احيانا ورفع شارات النصر تقديرا واحتراما لجمهور احبه بجنون، وبلغ التناغم ذروته عندما انشد خليفة أغنية «منتصب القامة امشي» واغنية «يا بحرية»، وعلق خليفة على هذا التناغم الكبير قائلا «انتم احلى ناس بجد».

بدا مارسيل برنامجه الغنائي برائعة «يا حادي العيس» التي تقول كلماتها «يا حادي العيس سلملي على إمي.. واحكيلها ما جرى.. واشكيلها همي» للشاعر الكبير محمود درويش واهداها لامهات الشهداء، ثم قدم اغنية قديمة للاطفال تحمل عنوان «الحلوانية» يقول مطلعها « كانت الحلواية ...واقفة على المراية... تاري بالمراية ... عم يتخبى القمر، «ثم اهدى خليفة شهداء تونس قطعة موسيقية صامتة بعنوان «صرخة» قال عنها انها تساعد على النفاذ الى داخل الانسان ووجدانه».

اثر ذلك أنشد مارسال رائعة «آخر الليل» لمحمود درويش ويقول مطلعها «اتركي أهلك، وأرضك، وملابسك القديمة، واتبعيني، أنظريني ابني لموتنا الحامض الصغير بيتاً صغيرا، وقولي هذا سيدي الصغير، الذي ينبغي أن أتعرّى له كل ليل»، وتتالت الاغاني تباعا: «منتصب القامة امشي»و«بوليس الاشارة» وهي اغنية للاطفال، ثم قطعة موسيقية صامتة بعنوان «بيروت» قدمها بقوله «اهديها لبيروت الابية» قبل ان يقاطعه صوت فتاة من المدرجات «ودمشق» ليعقب هو «ودمشق وبغداد واليمن ومصر وكل الدول العربية» كما لو انه اراد ان يقول، انها رسالة حب وامل الى كل الشعوب العربية.

ثم غنى مارسيل خليفة «الاغنية الحدث» التي كان فاجأ بها الجمهور التونسي مؤخرا فى الحمامات وجمال وعدد من المهرجانات الاخرى وهي من كلمات الشاعر ادم فتحي وتحمل عنوان «تونس الحرة».

يقول فتحي فى هذه الاغنية «غنّي لصباح جديد، غنّي...هنّي الشهيد بوليد، هنّي....يا أجمل المواعيد، بين الفرح والعيد...يا شعب لمّا يريد، يا تونس الحرّة»، هذا الاغنية التي الهبت حماسة الجمهور الحاضر فى مدرجات المسرح الاثري بقرطاج، غناها خليفة بلكنة تونسية وعزفها بمفرده على عوده، غنى وطلب من الجمهور إعادة بعض المقاطع وبرفع الصوت وبالزغاريد ايضا.

بعدها وقف مارسيل خليفة وسط الركح، متكئا على بيانو نجله رامي، وقال «كلما اتي الى تونس اتذكر صديقين عزيزين الى قلبي رحلوا عنا هما محمود درويش والصغير اولاد حمد، هما حتما ليسا بيننا جسدا، لكنهما قطعا يسمعوننا الان»، ثم عاد ليغني بعض اغانيه القديمة على غرار «جواز سفر»و«احن الى خبز امي» قبل ان يختم حفله بتلك الاغنية الخالدة «يا بحرية» ومن كلماتها « شدوا الهمة، شدوا الهمة، الهمة قوية، مركب ينده عَ البحرية، يا بحرية هيلا هيلا هيلا هيل».

بهذه الاغنية، انهى مارسيل خليفة حفله فى قرطاج، عانق ابنه رامي وايموريك وسترتش محيين الجماهير الكبيرة التي وقفت لهم اجلالا وتقديرا، ثم انسحبوا الى الكواليس، لكن هذه الجماهير رفضت المغادرة ومكثت تغني لوحدها تلك الاغنية الثورية الخالدة «انى اخترتك يا وطني حبا وطواعية».

المشاركة في هذا المقال