Print this page

منبــر: مدنين تبكي محمد عيادي العوني

عاشت مدينة مدنين في الساعات الأخيرة على وقع وفاة واحد من خيرة أبنائها

البررة الكاتب و السياسي «محمد عيادي العوني» بعد صراع مرير مع المرض والفقيد من مواليد مدينة مدنين سليل إحدى أعرق العائلات بالجهة فجده لأمه الشيخ المفتي العلامة «محمد بن الحاج نصر» وهو في نفس الوقت زوج بنت القاضي «الحاج عون بن عون « جدَّه لأبيه تلقى تعليمه الابتدائي و الثانوي بمسقط رأسه و بِجربة ثم واصل تعلمه الجامعي في ترشيح المعلمين بالعاصمة ليلتحق إثر ذلك مدرسا بسلك التعليم الثانوي بجربة ، عُرف بغزارة إنتاجه الأدبي حيث بدأ حياته الأدبية بكتابة القصة على صفحات الملحق الثقافي لجريدة العمل كقصة «الجبان» الفائزة بِالجائزة الثانية لكتابة القصة التي نظمها الملحق الثقافي لجريدة العمل سنة 1967 و قصة سحقا للعنكبوت التي نُشرت على صفحات نفس المجلة كما ألف العديد من المسرحيات كمسرحية «إلى روما» و مسرحية «منصور الهوش» التي أثارت جدلا سياسيا آنذاك و بلغ الأمر حد منعها من قِبل الرئيس الراحل «الحبيب بورقيبة» و إقالة وزير الثقافة آنذاك و مسرحية «من يُحب بُثينة» التي عُرضت في مدنين و جربة و رمادة و العاصمة و بطلب من جمهور مدنين اُعيد عرضها ثلاث مرات كما ساهم الفقيد في كتابة الرواية فألف رواية «قصر النخلة» الفائزة بجائزة الكومار و أعقبها برواية ثانية موسومة ب «سرنديب» و كان شغف المرحوم بمدنين و تعلقه بها لا يضاهيه شغف فكان آخر مؤلفاته  كتابه  «قصر مدنين الحضن الدافئ لورغمة البناة و البنون» الذي أصدره متحديا المرض وهو دراسة تاريخية قيمة أرخ خلالها المؤلف لقصة مدينة أهملها المؤرخون منذ ما قبل الميلاد إلى حد تأسيس الدولة المدنية الحديثة .

علاوة على ذلك تقلد الفقيد مناصب سياسية و إدارية هامة إذ كان عضوا بالحزب الاشتراكي الدستوري و عرف بميله الشديد للشق الليبرالي فيه و كان أحد دُعاة دمقرطة الحزب مؤمنا إيمانا شديدا بالحريات رافضا للإملاءات المركزية وقد تولى منصب معتمد بحي التضامن و مندوب جهوي للثقافة بولاية مدنين في فترته شهدت الجهة أوج إشعاعها الثقافي فأسس النواة الأولى للمهرجان الصيفي الذي استضاف وقتها عشرات النجوم العرب كمارسال خليفة و راغب علامة و باسكال مشعلاني و عرض النوبة و لشدة تعلقه بالمسرح قام الفقيد بتأسيس أول مهرجان وطني لمسرح التجريب الذي كانت تقام فعالياته بمقر سينما الحرية سابقا و أرسى تقاليد مازالت متواصلة لليوم شأن حلقات النقاش التي تلي العروض بحضور المخرج و الممثلين كما كان مؤسسا لملتقى الشعراء الذي كانت تقام فعالياته في عطلة الشتاء هذا المهرجان الذي كان يؤمه كبار الشعراء حينها كعبد الرحمان مجيد الربيعي والصغير أولاد حمد و غيرهما . و قد عرف عن الفقيد إخلاصه و تفانيه في عمله و عطاؤه اللامحدود للجهة كما عرف عنه نظافة يده و براءة ذمته و لا يختلف في ذلك عاقلان فطيلة مسيرته الحافلة بالعطاء كان محمد عيادي العوني مصلحا لا يخشى في قول الحق لومة لائم لم ينتظر من الدولة أو من أبناء جهته جزاء ولاشكورا بوفاته فقدت مدينة مدنين صرحا متينا وذاكرة محلية ترشح أخبارا و مرويات نسأل الله له المغفرة و نرجو له الرحمة و إن لله و إنا إاليه راجعون.

ضو سليم

المشاركة في هذا المقال