Print this page

مهرجان الموسيقى الجديدة: سناء موسى... الموسيقى بلسم الجراح فغنوا واحلموا

تغني لكل الجراح صوتها بلسم يخترق الحواجز الحدودية والجدران العازلة لدفء

صوتها هدهدة الاطفال تناجي جرحك فيبرأ تنادي روحك فتهب مستبشرة تنثر فيها براعم الامل فتزهر، لصوتها المخملي سحره لحضورها الركحي جماليته، هي سناء موسى صوت الجرح الفلسطيني كما تسمّى هي صوت الحياة ايضا.
في مسرح الجهات غنت للحرية غنت للحب وصدحت بصوتها الرقيق عاليا لتوقظ الهمم وتدعو الجميع ليحلم فرغم كل الجراح لازال للحلم نصيب ولازال هناك متسع للامل كما قالت ولنا ان نحلم ونكتب احلامنا في صحائفنا المقدسة.

الموسيقى صوت الوجع فينا
تغازل نوتات الكمان سحر المكان، تكتب الياذة للحلم موسيقى وكانها الوجع تجسد على الركح وجع المهجرين وجع الاحتلال وجع الظلم ووجع الوطن جميعها غنتها كمان محمد الاسود ايقاعات هادئة وحزينة تدفعك للتفكير والسؤال عن الانسان في الوطني العربي فالظلم واحد والوجيعة اوحد، لعشرة دقائق تكون الرحلة مع الموسيقى تتحدث الكمان باسم الوجع وهل هناك وجع دون تهجير واغتراب ووحده الناي يعرف معنى ان تقتلع من ارضك ووطنك وتزرع في مكان اخر سمّه قصرا او دولة اخرى او وطن الاخر او مخيم ففي النهاية انت لاجئ هكذا صرخ ناي محمد بن ميلود باسم وجيعة المهجرين.
بعدها تطل سناء موسى بثوبها الفلسطيني المطرز وصوتها المخملي لتغني للوطن و لتغني لكل سكان الشتات تغني «نجمة الصبح» وترثي الانسان فالأغنية رثائية من التراث الفلسطيني لعريس استشهد قبيل زفافه، في الاغنية تهليلة عن تفاصيل العرس و كيف يتم شراء القماش من عجلون في الاردن ومن ثمة الانتقال الى حلب لتفصيلها فالعودة الى فلسطين بالبدلة

كاملة، اغنية عن حلم تشتت وأراضي قسمت بعد ان كانت «بلاد الشام» واحدة.

مازال للناي أنينه مازال الوجع مفتوحا، انين الناي يصحبه شجن العود الملحن محمد موسى من فلسطين يرافق سناء موسى بموسقى العود الحزينة معا يكتبان وجع فلسطين وينقلانه اينما ذهبا، لتغني من «الشلاعيات» وتقول « هي يمّا ودعيني» ما صبر صبري لا يوسف ولا نوح ولا ايوب لما ابتلى» وسط امين الموسيقى وعبرات بمقلتي الفنانة يرتسم امل ما، فتتحدث الالات الايقاعية بصخب يبدع لطفي صوّة ونصر الدين الشبلي في كتابة تعاليم الفرح و تصدح سناء موسى لتقول:

زعق طير الحمام وقال بتهون
علينا وعلى جميع الخلق بتهون
حق من نزل المي من العيون
فكركم عندي دوم ما اتنسى

هكذا حيّت الوجع الساكن فيها، تحركت كطفلة على الركح غازلت آلات الموسيقية وطلبت المزيد من العشق لموسيقى تراها صوت للملائكة وشجن الروح وبلسم لكل الجراح، سناء ناشدت الحياة وغانجت سحرها تحدثت عن الفن وكيف يهزم اعتى المنظومات تحدثت عن الحياة وبصوتها نسجت مركبا للحلم وارسته في بحر الحب ودعت الجميع ليصحبها.

التراث زاد للإبداع
متى تغني تنظر الى اعلى وكأنها تناشد الحلم او تكتب لك ايها المتفرج صكا لدخول عالمها السرمدي، حين تهسهس تكون كلماتها كوقع رذاذ المطر على الورود صباحا، متى غنت تشعرك بقشعريرة للحب والخوف في آن، صوتها يضرب أوتار الروح فتهتز ويقشعرّ لها الجسد كصوفي هزه الرحال.
تمتلئ مدامع وتستحضر صور كل احبابك وأصواتهم فقط متى غنت «نيالك ما اهدى بالك» هي نجمة فلسطين و نجمة للموسيقى العربية الجديدة سناء موسى كنورس ابيض اللون تنثر اهازيجها اينما حلّت وفي مسرح الجهات نثرت باقات حب وموسيقى فلسطينية وتونسية وعراقية وكانها تناشد الامل الواحد.
صوتها المخملي الدافئ كان دواء للقلوب العليلة في سهرة كان الرقيّ أساسها، وبصوتها الذي اخترق حواجز مأساة بيت المقدس ليصل إلى تونس، قدمت سناء موسى مجموعة من أغاني التراث الفلسطيني والشّامي.

فمن التّهليلة الفلسطينية «عينه ملانة النوم» التي تغنيها الأم الفلسطينية لابنها حتى أغنية «نيالك مهدا بالك»، «رمانك يا حبيبي» و «منديلي ضاع يا حلو» وهي أغنية مشاكسة، شرحت كيف كانت الصبايا يطرّزن رسائلهنّ على المناديل، ويرسلنها مع الريح لعشّاقهنّ وفي تونس ارسلت كل رسائل العشق الى وطنها الاشمل الى كل الناطقين بلغة الضاد الى الذين يشاركونها الوجع اخبرتهم ان الموسيقى تكسر كل القيود و تفتت الصخرة الصلدة وتخترق كل الحدود فهبوا واحلموا واستمتعوا.

من التراث الفلسطيني والعراقي والتونسي غنت، غنت للحلم غنت للوجع عادت بالذاكرة الى الذاكرة المشتركة فأغنية «طلت البارودة والسبع ما طل» يقابلها في النسخة التونسية «يا خيل سالم» وكلتاهما تتحدث عمن جندوا قسرا وشاركوا في حروب لا تهم شعوبهم حروب وحده المستعمر يستفيد منها، لكل عاشق للحرية غنت سناء موسى للحالمين نسجت خيوط الحلم للعشاق حاكت اجمل الحكايا للموجوعين صنعت ترياقا ضد الالم و للاجئين في كل اصقاع البسيطة بنت عالما سرمديا يفوح منه شذى ياسمين الوطن ورائحة القهوة المميزة، لكل الحالمين اكدت ان الحلم كائن و نادت الجميع ليغني ليحلم ولتكون موسيقاه عنوان للرفض عنوان لحرية ازلية ويكون صوته صرخة ابدية للوحدة وصوت الوطن وان اختلفت الجنسية.

افتتاح مهرجان الموسيقى العربية الجديدة
مكادي نحاس تشعل شمعة حرية لا تنطفئ
اردنية المولد، عراقية الهوى، سورية المغنى، عربية الانتماء اما اسمها فكوني وله رمزيته عند الانسان، هي «مكادي نحاس» الفنانة التي افتتحت فعاليات الدورة الاولى لمهرجان الموسيقى الجديدة بمسرح الجهات بمدينة الثقافة، مكادي ومعنى إسمها «الحرية» منشد الشعوب ومطلب الانسانية غنت للحياة غنت للحب غنت من التراث الاردني والسوري.
معنى اسمها «الحرّية» ،افريقي الأصل، والدها أسماها على قصيدة للشاعر عبدالباسط الصوفي تحدّث فيها عن حبيبته. شاركت في عدد من الأعمال المسرحية وتأثّرت بأعمال الأخوين الرحباني والسيدة فيروز وتربّت على السيد درويش، الشيخ إمام ومارسيل خليفة.
صوت رخيم صدح فأطرب ورقص على نوتاته الموسيقية الجمهور الغفير الذي أتى متعطّشا لفنّها. انتقلت بالحضور بين أغانيها الخاصة من قديم وحديث وبين أغاني العمالقة الثلاثة: الفنان العراقي سعدون جابر، وديع الصافي وفيروز. من «يما مويل الهوى» للشاعر محمود درويش، «تجي نسافر»، «ورحل»، «يا خيّي»، «يا عمة» و»نتالي» التي غناها الجمهور وطلب إعادتها مرة أخرى، إلى أغنية وديع الصافي «عالرّوزانا» و»صغيرون» لسعدون جابر..

ثم أظهرت الفنانة الأردنية جانبها الوطني الانساني من خلال الاغاني التي تحمل قيمة فكرية وموسيقية سياسية واجتماعية مثل أغنية «يا ظلام السجن» تضامنا منها مع سجناء الرأي في العالم العربي. هي قصيدة للسوري «نجيب الرّيس» الذي كتبها في سجن على جزيرة أرواد.
لأولاد احمد غنت «الاهي اعني عليهم» وناشدت الله ليحرر كل الاسرى والمعتقلين وسجون الراي، هي مكادي نحاس الاردنية عاشقة الاغنية المتمردة، فنانة لها صوتها الطفولي وحب لاغاني فيروز التي قدمت منها «انا لحبيبي» هي ايضا متمردة غنت لمعاذ كساسبة الطيار الذي احرقته داعش و كتبت لكل المظلومين في الارض ، صوتها سلاحها لتصدح بالحياة وفي مدينة الثقافة كانت موسيقاها شمعة حرية لا تنطفئ.

المشاركة في هذا المقال