السوريين اتخذت من الشارع ركحا ومن الطريق مسرحا ومن المارة جمهورا.
قليل من الدقائق وكثير من الإنسانية، شارك من خلالها الفنان لطفي بوشناق هذه الفرقة الموسيقية غنائها وشجنها ووجعها... حتى اخترق الفيديو الموّثق لهذه اللحظة الإبداعية -الإنسانية الحدود دون قيود. فهللت الأصوات مباركة هذا الشعور الرقيق والراقي في موقف ضرب فيه الفنان التونسي موعدا مع الإحساس... مع الإنسان.
ولم يكتف بوشناق بمجرد شدو القدود الحلبية مع الفرقة السورية بل لم يخجل من حمل السلّة وجمع المال من المارة في حركة رمزية منه لمساعدة الفنانين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم .
وكما يزيح هذا الصوت الرخيم، الشجي، المغرد... عنا سحابات الهموم وغيوم الحياة بنقاء أدائه وصفاء فنّه وعذب لحنه... فقد رفع بوشناق عن الفرقة الموسيقية المغتربة مرارة فقدان الوطن. وهكذا برهن صاحب «هذي غناية ليهم» أن الفنان ليس ضمير المجتمع الذي يعيش فيه فحسب ولكنه ضمير الإنسانية بصورة عامة ولسان العدالة والحرية وحقوق الإنسان في كل مكان.
وليس هذا الموقف بغريب عن هذا المطرب الكبير صاحب المشروع والرسالة الذي سبق له أن تصدى على هامش «مهرجان موازين» مؤخرا لإحراج سؤال صحفية مغربية عن سبب ارتفاع عدد التونسيين المنظمين إلى «داعش» بمقطع من أغنيته «أحنا لحدودك حرس طول مافينا نفس ... أحنا بالمرصاد ليهم مهما يصطادوا الفرص ... إيد وحدة وكلمة وحدة ونبرة واحدة بنفس الصوت ... اللي يهدد أمن بلادي يعني واصل خط الموت ... وأرض بلادي أغلى من نفسي وأولادي ... وأحنا بأوجاعك نحس طول ما فينا نفس». فصفق له الجميع بحرارة وحيّوا وطنيته العالية.
في عالم الأوهام و هذا كم نحتاج إلى أمثال لطفي بوشناق، كم نحّن للطرب الأصيل والصوت الجميل، كم نشتاق إلى فن مشبع بالإبداع والإنسانية