على جل انتاجات هذا الموسم الرمضاني مما فضح عدم نضج الصياغة الدرامية وكشف عدم الحرفية والتمكن من أبجديات الكتابة إلى الشاشة...
كثيرا ما يراود المشاهد التونسي الانطباع بأن معظم الأعمال الدرامية المعروضة على تلفزات بلاده هي عبارة عن إسقاط ركيك على الواقع أو اجترار «تيمات» اعتادها المتفرج حتى ملّها ... ويبدو أن احتكار البعض لمهمة الإخراج ومسؤولية السيناريو في الآن ذاته قد أدخل الأعمال الدرامية في «دوامة» من المشاهد غير المتناسقة وغير المتآلفة وغير المنسجمة في بحث عبثي عن «منارة» تضئ الشاشة بلا جدوى !
كما إن الاستغناء - عمدا أو اختيارا- عن رواد السرد وأعلام كتابة السيناريو قد زج بالإنتاج السمعي والبصري في أزمة عميقة. فعوضا عن الارتكاز على نصوص متينة ومحكمة البناء، كثيرا ما يسقط صناع الدراما في فخ الاعتماد على «شبه نصوص» بعيدة عن شكل ومضمون السيناريو في مفهومه الحرفي وبعده الفني باعتباره كتابة أدبية وإبداعية أوّلا وقبل كل شيء.
وليست تونس بفقيرة إلى المواهب الفذة ولا إلى الأقلام الجيّدة في تحبير سطور سيناريو جيد ومحترم سواء من جيل الكبار أو الشباب. ولكن بعد أن أضاءت الشاشة التونسية ثلة من المسلسلات العالقة بالذاكرة بإمضاء كتاب السيناريو علي اللواتي وعبد القادر الحاج نصر وعلي الدب وغيرهم... غرقت دراما هذا العام في بحر سيناريوهات ضعيفة ومهترئة غاب عنها الفن والإبداع وحضر فيها انخرام التماسك الدرامي ... ولسائل أن يسأل : لماذا يغيب الاقتباس من الأدب والاستنجاد بالروايات التونسية سيما ذات العناوين المتوجة بالجوائز الأدبية لحفظ ماء الوجه من مذلة سيناريو قد ينتهي قبل أن يبدأ؟!