في «كلينيك» قناة حنبعل يتحوّل هذا المكان المقترن بدلالات العلاج والدواء والشفاء إلى مسرح أحداث عنيفة ومرعبة تروّع الضحية وتصدم المشاهد ...
فبركة وخدعة في «الكلينيك»
قبل انطلاق بثها، أثارت ومضة إشهارية للكاميرا الخفية «الكلينيك» التنديد والاستنكار تعاطفا مع الممثلة نعيمة الجاني التي بدت في حالة هيستيرية من الصراخ والصدمة بسبب استدارجها في «مقلب» فظ ... ولكن بعد أن تم تسريب فيديو يظهر تواطؤ الممثلة مع مقدّم هذه الكاميرا بلال الباجي احتدت مواقف الشجب والاستياء من الضحك على ذقون المشاهدين ومحاولة استبلاههم وخداعهم بحلقات كاميرا مفبركة.
وتقوم فكرة هذا البرنامج على الاتصال بشخصية مشهورة قصد الالتحاق بـ»الكلينيك» والتعرف على مصاب في حادث مرور على أساس أن رقم هاتفها كان آخر رقم موجودا على هاتف المريض... وبعد أن يتم تخدير «ضحيّة» الكاميرا الخفية يتم التلاعب في جسدها عبر خدعة « الماكياج» لتستفيق على مشهد مريع وقد تشوّه جسدها أو فقدت عضوا من أعضائها...
ولم تنطل الحيلة طويلا على المشاهد خصوصا بعد أن فضح أهل الاختصاص الخدعة في بلاغ صادر عن المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بتونس جاء فيه «أن ما ورد في الكاميرا الخفية «الكلينيك» مجرد فبركة وخدعة للمشاهد، باعتبار أن الممثلين على عِلم مسبق بسيناريو هذه الكاميرا الخفية... وأنّ ما عُرض في الحلقات لا يمت للطب والتخدير بأية صلة».
وقد قرّر المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بتونس، وفق نص البلاغ، فتح تحقيق في الغرض، وذلك في إطار دفاعه عن القطاع وأخلاقيات الطب...
«الهايكا» على الخط
أمام انكشاف فبركة الكاميرا الخفية «الكلينيك»، وجهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري «الهايكا» لفت نظر إلى قناة حنبعل ودعتها إلى الالتزام بوضع الجملة التالية على الشاشة وبخط واضح «المشاهد التي يتضمنها هذا البرنامج هي مشاهد تمثيلية» قبل بداية شارة برنامج «الكلينيك» لمدة خمس ثوان، وذلك بعد التقرير الوارد عليها من وحدة الرصد التابعة لها والمتعلق بالبرنامج المذكور الذي تبثه القناة في إطار البرمجة الرمضانية.
وأوضحت الهيئة أنه بعد استدعاء الممثل القانوني للقناة تبيّن أن فكرة البرنامج تقوم على إيهام المشاهدين أن ما يتم بثه من مشاهد تخدير هي مشاهد واقعية والحال أنها تمثيلية ووقع الاتفاق على تجسيدها مسبقا مع المشاركين الأمر الذي يتأكد من خلال تحليل المشاهد فنيا صوتا وصورة.
وقد امتثلت قناة حنبعل لقرار «الهايكا» وبثت بالفعل قبل بداية البرنامج الإشارة التالية:»المشاهد التي يتضمنها هذا البرنامج هي مشاهد تمثيلية» وهو ما أسقط بالضربة القاضية هذه الكاميرا الخفية التي فقدت مصداقيتها لدى الجمهور بسبب استبلاه المتفرج في سيناريو ضعيف الحبكة وغير مدروس بصفة جيدة... دون إهمال حجم العنف المستفز والصادم للمشاهد مباشرة بعد الإفطار.
وإن كان من المفروض أن تكون الكاميرا الخفية مرادفة للابتسامة والترفيه عن النفس فقد انحرفت عن مسارها الحقيقي وتحولت وجهتها من فن الإضحاك إلى ترهيب الضحية والمتفرج على حدّ سواء، حيث أصبح السواد الأعظم من «مقالب» الكاميرا الخفية حبيس السادية والصراخ والعنف ... وهو ما يستدعي وقفة تأمل وإصلاح لإرجاع الكاميرا الخفية إلى عهدها الذهبي ووظيفتها الأصلية التي تحترم المشاهد وتزرع الفرح في النفوس العليلة.