كلفة تلفزات رمضان 2017: مليارات وميزانيات ضخمة من أجل اقتناص نسب المشاهدة

تبذل القنوات التلفزية الغالي والرخيص في سبيل التحضير لبرمجة رمضانية تجمع المشاهدين حول شاشتها وتشدّهم إلى شبكتها... وإن هلّ هلال رمضان 2017 في ظل مناخ اقتصادي حرج فيبدو أن الأزمة المالية لم تضيّق الخناق كثيرا على صناعة الدراما في بلادنا التي ظلت

إلى حدّ ما في مأمن من هذا الظرف الدقيق ... وهو ما يعكسه حجم الميزانيات المرصودة لجلّ الأعمال الرمضانية التي تتصدرها مؤسسة التلفزة التونسية.

في شهر رمضان، تعود التلفازات بقوّة لاكتساح المشهد بعد أن أمضت الأشهر في هندسة البرمجة الرمضانية . وإن يتحدث أصحاب هذه القنوات بسخاء عن ظروف التصوير ومضامين الأعمال، فإنهم كثيرا ما يتكتمون عن ميزانية شبكة رمضان على تلفازاتهم...

4.5 مليار ميزانية الشبكة الرمضانية على الوطنية
أعدّت التلفزة الوطنية العدّة وتأهبت لخوض غمار المنافسة على نسب المشاهدة في شهر رمضان. فكان أن رصدت ميزانية محترمة ومهمة لإنتاج شبكتها الرمضانية على قناتيها الأولى والثانية والتي بلغت 4.5 مليون دينار.
ويحظى مسلسل السهرة الذي يحمل عنوان «الدوامة» بنصيب الأسد في هذه الميزانية بما قيمته 2.3 مليون دينار. وهي ليست المرة الأولى التي تنفق فيها التلفزة التونسية بسخاء على الطبق الدرامي الأساسي فقد خصصت أكثر من 2 مليون دينار لتصوير مسلسل «وردة وكتاب» في الموسم الفارط ، لكن هذه الميزانية الضخمة لم تشفع للمسلسل في النجاة من سهام النقد وسياط الجلد بسبب الفشل.

واليوم، تراهن التلفزة التونسية على «الدوامة» لإعادتها إلى تصدر المشهد وكسب الرهان...ومسلسل «الدوامة» الذي يبث على الوطنية الأولى على الساعة الثامنة والنصف ليلا من سيناريو عبد المنعم حواس وإخراج نعيم بن رحومة وتنفيذ الإنتاج لشركة «سيني تلي فيلم للمنتج محمد الحبيب عطية. ويروي هذا المسلسل «قصة عداء قديم متجدّد بين عائلتين من كبار الفلاحين، يورّط فيه كل جيلٍ خلَفَه ويستنزفه وفي إطار صراع العائلتين، يجرّ الجيل الجديد رغم علاقات الحب المكتومة إلى دوّامة العداء والانتقام». وعلى امتداد 17 حلقة يشارك حوالي 60 ممثلا في هذا العمل الدرامي على غرار وجيهة الجندوبي، وفتحي المسلماني، وأسماء بن عثمان، ولسعد بن عبد الله، ومحمد علي بن جمعة، ومريم بن مامي، وعلي الخميري، ورشا بن معاوية، وجوليا الشواشي...
وإن يبدو الحكم مسبقا والتقييم مبكرا لمدى نجاح العمل واستحقاقه تلك الميزانية الكبيرة، فإن الملاحظ هو الصورة ذات الجودة العالية التي تميّز بها مسلسل «الدوامة» في حلقاته الأولى.

ميزانية «أولاد مفيدة» لا تتجاوز المليار ؟!
للموسم الثالث على التوالي، اختار المخرج سامي الفهري مواصلة بث مسلسل «أولاد مفيدة» وتوليد الأحداث ليطل هذا المسلسل على جمهور قناة الحوار التونسي في جزء ثالث بعد أن احتل في الموسمين الفارطين صدارة نسب المشاهدة ... وقد تواصلت سيطرة «أولاد مفيدة 3» على نسب المشاهدة وذلك وفق إحصائيات أعدتها «سيغما كونساي». ويبدو أن اختيار توقيت البث الذي جاء مخالفا لمواعيد بث الأعمال الدرامية الرئيسية على مختلف القنوات التلفزية قد ساهم في الرفع من نسبة مشاهدة «أولاد مفيدة» في جزئه الثالث الذي ينطلق على الساعة التاسعة والربع ليلا في حين تعرض بقية الإنتاجات الرمضانية على الساعة الثامنة والنصف ليلا في منافسة شرسة على شد انتباه الجمهور.
وإن تعذر الحصول على الكلفة الحقيقية لهذا المسلسل فمن المرجح أن ميزانية «أولاد مفيدة» لا تتجاوز المليار!

دعم من وزارة الشؤون الثقافية لمسلسل «المنارة»
في سابقة من نوعها في تاريخ الدراما التونسية تحصل مسلسل «المنارة» على دعم وزارة الشؤون الثقافية باعتباره «مشروعا ثقافيا»... و»المنارة» مسلسل اجتماعي للمخرج عاطف بن حسين يمتد على 15 حلقة وسيبث في النصف الثاني من شهر رمضان على قناة الحوار التونسي. ويجمع هذا العمل بين ثلة من الوجوه التلفزية والشخصيات المسرحية على غرار ليلى طوبال، منصف ذويب، عاطف بن حسين، سنية المؤدب، لسعد الجموسي، توفيق العايب، جمال المداني، شاكرة رماح... وقد بلغت ميزانية «المنارة» حوالي 2 مليون دينار.

وردا عن سؤال إلى أي مدى يختلف مسلسل «المنارة» عن غيره من الأعمال الدرامية وبماذا سيتميز عن باقي المسلسلات التونسية؟ أجاب المخرج عاطف بن حسين في تصريح سابق لـ«المغرب» كما يلي: «أولا يتميز مسلسل «المنارة» بالجدية والانضباط واحترام العمل في كواليس تصوير المسلسل وهذا في حّد ذاته يقدم مؤشرا إيجابيا سينعكس حتما على صورة المسلسل مما سيعكس حرفية العمل .. ثانيا، وعلى مستوى التقنية اعتمدنا على كفاءات وخبرات مختصة في الميدان حتى تكون الصورة على قدر كبير من الجودة حيث لم يعد من المقبول في عصر الصورة ارتكاب هفوات في هذا المجال فقد لاحظنا في المواسم الرمضانية الأخيرة تفطن المشاهدين لهفوات التصوير وانتقاد المتفرجين لرداءة الصورة في عدد من الأعمال الدرامية. ثالثا أعتقد أن مضمون المسلسل في حد ذاته طريف وغير مستهلك إذ يبحث في مسألة اجتماعية ذات ملحمة وجودية ألا وهي تشتت الإنسان بين رغبتين أو موقفين أو مصيرين» ...

أمام حرية تعبير في تونس سمحت لصناع الدراما بقطف مساحات أوسع من الحرية، فإن الخيار يبقى أمام المشاهدين لإجراء إسقاطات وتقاطعات مع ما يعيشونه... ومهما علا الثمن فإن الأهم هو الأجود لأنه الأبقى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115