في 15 جانفي 2016 تم غلق المسرح البلدي بالعاصمة للصيانة وإعادة ترميم على أمل إعادة فتح أبوابه في شهر جانفي 2017 إلا أن تأخر الأشغال أجلّ هذا الموعد إلى غاية اليوم 26 أفريل 2017.
غلق لأكثر من عام و2 مليار ميزانية الترميم
كان لغلق أبواب المسرح البلدي بالعاصمة للصيانة والترميم تأثير كبير وأثر سلبي على الحياة الثقافية في تونس باعتباره الفضاء الأنسب لاحتضان كبرى الاحتفالات الفنية وأهم التظاهرات الثقافية... وفي هذا السياق كان مدير المسرح البلدي «زهير الرايس» قد صرّح لـ»المغرب» بالقول :»فعلا خلّف الغلق الوقتي للمسرح البلدي شيئا من الأزمة في الوسط الثقافي باعتباره الفضاء الأنسب والأفضل والأكبر لاحتضان المناسبات الفنية والتظاهرات الكبرى على غرار أيّام قرطاج المسرحية والسينمائية ... ولكن كان لابد من التدخل وإعادة تهيئة مبنى المسرح البلدي على أسس سليمة وقد تداعت جوانب منه للسقوط... ولم تكن العملية مجرد ترميم بسيط أو إصلاح طفيف بل خضع الفضاء إلى تجديد عميق انطلاقا من القبو وصولا إلى السطح وكأنّ بنا نكتب له عمرا جديدا لن يطاله الوهن طيلة 50 سنة أخرى على الأقل . وبإعادة فتح أبوابه، سيكتشف الجمهور بنفسه الحلة الباهرة والشكل الجديد للمسرح البلدي ...»
وإن شملت عملية الترميم بالخصوص قبو المسرح، والشرفة وقاعة التشريفات وغرف الملابس ومدخل المسرح، وقاعة العرض... فقد تم الحرص على الحفاظ على الهوية المعمارية للمسرح البلدي كما تم تشييده سنة 1902 في تصميم للمهندس المعماري الفرنسي»جان-اميل رسبلندي».
وإن قدرت القيمة المالية الأولية المرصودة لأشغال ترميم المسرح البلدي من قبل بلدية تونس بقرابة 650 ألف دينار فقد بلغت الكلفة الجملية لأشغال الصيانة حوالي 2 مليون دينار.
مسرح وموسيقى ورقص على ركح المسرح البلدي
بعد أشهر من الغلق، يفتح المسرح البلدي اليوم ذراعيه لاحتضان فنانيه وجمهوره بعد طول غياب واشتياق. وفي عودته للنشاط والحياة ، سيكون ركح المسرح البلدي نابضا بالمسرح ، باعثا للموسيقى، محتفيا بالرقص ...وبمناسبة افتتاحه من جديد تم إعداد برمجة ثقافية في مختلف الفنون انطلاقا من اليوم 26 أفريل الجاري وإلى غاية 7 ماي المقبل.
على الساعة الثامنة من مساء اليوم سيكون أول عرض يحتضنه المسرح البلدي بعد أشغال الترميم بإمضاء الأوركستر السمفوني التونسي بقيادة المايسترو حافظ مقني.
ويقترح المسرح البلدي على رواده عددا من المواعيد المسرحية تتمثل في مسرحية» أو لا تكون» للمخرج أنور الشعافي، وأيضا مسرحية «كرب الغابة» للمسرح الجهوي في بجاية بالتعاون مع سفارة الجزائر، وكذلك مسرحية «كوشمار» لفرقة بلدية تونس للمسرح وإخراج
زهير الرايس الذي قدم هذا العمل المسرحي قائلا:» كوشمار هي مسرحية من نوع الكوميديا السوداء في اقتباس عن نص للكاتب الفرنسي»لابيش». ويتناول هذا العمل المسرحي قصة صديقين يلتقيان بعد فراق طال لسنوات عديدة فيجتمعان في سهرة احتفال بعودة الصداقة بعد انقطاع العلاقة، ليستفيقا في الغد وقد نسيا ما حدث في تلك الليلة ولم يكونا في حالة وعي ...ليجدا مفاجأة سيئة في انتظارهم ألا وهي التورط في جريمة قتل ...ليبدأ التحقيق في ما بينهما عن أسرار تلك الليلة وخيوط الجريمة بعيدا عن السلطات المختصة. وعلى ركح «كوشمار» يحضر في أسلوب ساخر النقد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي... لمظاهر وسلوكات نعايشها اليوم في المجتمع التونسي، الآن وهنا.»
وإلى جانب الفن الرابع، سيكون لجمهور المسرح البلدي موعد مع عروض فن الرقص على غرار عرض الرقص المعاصر «لا ترافياتا» من ايطاليا، و»دخلة» للفنان «أبو لقرا»، وعرض الرقص الفلكلوري لـفرقة «رزدولي»من روسيا،وعرض الموسيقى والرقص»فلامنكو» لفرقة «كازا باتاس» من إسبانيا.
ولاشك أنّ خبر إعادة فتح أبواب المسرح البلدي سينزل بردا وسلاما على قلوب أهل الفن والثقافة الذين ضاقت بهم السبل في البحث عن فضاء ملائم للعرض أيام غلق هذا المسرح الرمز.