بمدارج الجامعة العربية الأمريكية بجنين في الضفة الغربية المحتلة. فكان ما كان من قذف الدكتور يوسف الصديق بأفظع التهم فقط لأنه امتلك جرأة التعبير عن موقف مخالف ورأي مختلف...
من «جنين» شمال الضفة الغربية المحتلة جاء خبر إيقاف محاضرة علمية للمفكر التونسي يوسف الصديق برحاب الجامعة العربية الأمريكية في غضون الأسبوع الجاري وتحديدا يوم الثلاثاء 11 أفريل بدعوى «الإساءة للدين الإسلامي ونشر الإلحاد...»
«الصديق» يُمنع من الكلام عن القداسة
بدعوة من الجامعة العربية الأمريكية في مدينة «جنين»، حلّ المفكر التونسي يوسف الصدّيق بالضفة الغربية المحتلة ليساهم في تأثيث ندوة فكرية حول علم الانثروبولوجيا في مجال الثقافات الإنسانية، تحت عنوان «مفهوم القداسة في الوثنية وفي ديانات التوحيد الثلاث». وتندرج هذه الندوة ضمن فعاليات مهرجان فلسطين للموسيقى الروحانية والتقليدية، الذي تنظمه «جمعية الكمنجاتي» في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية.
إلا أن هذا الفيلسوف وعالم الانثروبولوجيا التونسي لم يلق حسن الوفادة ولا كرم الضيافة من طرف بعض الفلسطينيين الحاضرين في مدارج قاعة المحاضرات بالجامعة العربية الأمريكية في جنين الذين قاطعوا مداخلته وأجبروه على قطع محاضرته بالقوّة بدعوى «تجاوز الخطوط الحمراء والإساءة للدين الإسلامي ونشر الإلحاد...»
وأمام حالة الفوضى التي عمّت قاعة المحاضرات، حاول منسق الندوة الاحتجاج على تصرف مجلس الطلبة، باعتبار أن الجامعة يجب أن تكون مكانا لحرية الفكر لجميع الأفكار... ولكن اللقاء انتهى برفع الندوة أمام عناد وتزمت المناوئين لحرية الفكر والتعبير.
تهجم ومصادرة فكر دون الاستماع وإعمال العقل
لماذا حدث ما حدث للمفكر يوسف الصديق في رحاب الجامعة العربية الأمريكية بالضفة الغربية المحتلة ؟ وما الذي استفز بعض الحاضرين ليشنوا الهجوم على هذا الفيلسوف؟ وهل كان الباحث وعالم الانثروبولوجيا يتوّقع هذه المصادرة لفكره ورأيه على أرض «جنين»؟
كل هذه الأسئلة حاولت «المغرب» أن تطرحها على الدكتور يوسف الصديق في اتصال هاتفي معه وهو لا يزال خارج حدود الوطن وتحديدا في الضفة الغربية المحتلة، فعلّق قائلا:» في الحقيقة فوجئت بهذا التهجم على شخصي ونعتي بأبشع الصفات وأرذل التهم بعد حوالي ساعة فقط من انطلاقي في تقديم محاضرتي حول القداسة في الأديان. وأؤكد هنا أن الشيوخ والأساتذة والطلبة الذين استهدفوني بالهجوم عليّ لم يكلفوا أنفسهم الاستماع إليّ أثناء المحاضرة بل كانوا يقتنصون اللحظة المناسبة لمصادرة رأيي ومنعي من مواصلة مداخلتي ...وأعتقد أنهم كانوا يحملون نيّة مبيّتة لفعل ما فعلوه بسبب تحريضات مسبقة ومواقف اتخذت سلفا مني خصوصا وقد سبق لي السنة الماضية إلقاء محاضرات في الجامعة نفسها دون أن أتعرض لأي مضايقة أو أي اعتراض...»
وإن أشار المفكر يوسف الصديق إلى ضبابية الرؤية بخصوص مصير باقي المحاضرات التي كان ينوي تقديمها في مدن الضفة الغربية المحتلة فقد أكد إصراره على مواصلة سلسلة المحاضرات المبرمج تنظيمها في «رام الله»، و»بير زيت»، و»بيت لحم» لتكون الخاتمة في القدس يوم 22 أفريل الجاري. وفي هذا السياق كشف الدكتور يوسف الصديق أنه لا يمانع في حضور شيخ دين من أهل الثقات في فلسطين عند إلقاء محاضراته ليكون تناظر الأفكار وخطاب العقول هو الحكم عند حدوث الجدل...
وأضاف الدكتور يوسف الصديق بالقول:» يحزّ في نفسي أن نتخاصم وأن نهتك كرامة بعضنا البعض كالأعداء أمام أنظار العدو الصهيوني ...إنه لخزي وعار ! فللأسف بعض العقول المتزمتة والدغمائية تختصر القرآن في الترتيل في حين أنه دين عقل يحثنا على التفكير والبحث والتجديد ... لهذا فلن يسكتنا التهديد وسنواصل النضال من أجل نهضة الأمة العربية الإسلامية.»