من افتكاك إعجاب من واكب وتابع وأمعن النظر في لوحتيها: "استراحة محارب" و "يمامة" المشاركة بهما في معرض الفن الحديث بصالون الرواق سوسة جوهرة، حيث برهنت لمسة الرسامة على تمرٌس بطقوس الفرشاة وتلاعبها بالألوان الزيتية رغم صعوبة التقنية لينتهي بها التجوال على بياض القماشة بتوقف عند مفترق رحلتها الشيقة في ضيافة الفلرس المحارب الذي عاد مظفرا من غبار المعركة ممتلئا بصهيل الملحمة.
ولم يكن وضع عنوان اللوحة واختياره إعتباطيا بل توفٌر على نصيب وافر من الوعي الكامل بمناخ المعاناة النفسية و في حجم الفكرة التي تجلٌت منتشرة بين زوايا اللوحة ليتوسطها محرار الزمن متمثلا في ساعة واضحة المعالم بلا عقارب فاتحة بذلك باب التأويل على مصراعيه وبين الأركان العلوية للقماشة تتوزع أحصنة المحاربين تفتش لها عن خيمة العشيرة وتبحث عن ظلال نخيل أو عين ماء جارية لتسترجع هي وفرسانها أنفاسها لغزوة جديدة تلوح قريبة في الزمن والمكان حتى تنحتها في سجلات الذاكرة .
ثمٌ تتحوٌل زاوية البصر إلى الأعلى أين حلٌقت يمامة غرٌدت بهديلها تحت سماء مكتظة بالشعاع تارة والغيمات تارة أخرى وبينهما يطرح السؤال الحارق عن مصير من ركب الرحلة وما احتكٌ بها من جرعات الحيرة التي طالت مساحة التحليق.
لقد استطاعت الفنانة التشكيلية عايدة عمار أن تشدٌنا قويا إلى عالمها الإبداعي المكتنز ببهارات بصمتها التشكيلية المغايرة لتجارب الأخريات من بنات جيلها.
لدى عايدة عمار قدرة على المثابرة وطول نفسه حين تتجاذب حديثها السري في علاقة مع مساحة القماشة وتبصم على توحدها الروحي والعاطفي حتى تقرع الفكرة سطح اللوحة نافرة للبياض عاشقة لتوزيع أحاسيسها المرهفة ألوانا زيتية ممتلئة بالدهشة.