Print this page

إضاءة: هواجس البيئة بين مراكش وهونولولو

تشارك تونس في غضون أسابيع قليلة بالهونولولو في مؤتمر عالمي للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وسيحضر المؤتمر ممثلون للحكومة وللمجتمع المدني، وليكون للمشاركة صدى يذكر يقارن بأولمبياد ريو هذا العام.

كما تشارك تونس مطلع نوفمبر القادم في المؤتمر22 للأطراف المتعاقدة في اتفاقية تغير المناخ بمراكش المغربية، وقد يكون للرأي العام المحلي نصيب من مجريات الحدث، خلافا لسابقه في باريس 2015 لسبب بسيط وهو احتضان المغرب الشقيق لهذا الحدث المناخي العالمي الذي يستقطب نحو 30ألف مشارك من 190 دولة.

وبين الحدثين الدوليين، مشاغل ورهانات ومشاكل كبرى تخص مصير أصناف نباتية وحيوانية، وأوساط حيوية، ومنظومات إيكولوجية، والضغوط المسلطة عليها، واشكال التحرك المطلوبة والممكنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومساهمات الأطراف المعنية من حكومات ومشرعين وقوى مجتمع وغيرها في التحكم في مسار التدهور والانقراض، والحد من وتيرة الهبوط الجنوني للكوكب نحو سفح الفناء.

في بلادنا لا نهتم بمؤتمر مراكش لتغير المناخ، كما نتابع دورات كرة القدم ومهرجانات الفنون، ولا تشد مثل هذه القضايا الرأي العام وجل وسائل الإعلام، لأنها ليست من الخبز والأمن والمعيش اليومي..والحال أنها تخص مصير البشر ومستقبل الحياة، واحتمالاته المتضائلة بما كسبت ايدي الناس.

في ما يتعلق باجتماع هاواي الخاص بصون الطبيعة، لم تعد خافية أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي في الوقت الحالي نتيجة تناقص أعداد أجناس الحياة ، فقد أظهرت بيانات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) أن العالم قد فقد منذ السبعينات من القرن الماضي ما يقرب من ثلث الحياة البرية التي تعيش فيه، وأن العديد من الدراسات كشفت أن عدد الأنواع التي تعيش على سطح الأرض قد انخفض بنسبة 25 في المئة، بينما انخفضت الأنواع البحرية بنسبة 28 في المئة والتي تعيش في المياه الحلوة بنسبة 29 في المئة.
فالإحصاءات تظهر بأن الجنس البشري يمحو نحو 1 في المئة من الأنواع الأخرى التي تسكن الكرة الأرضية كل عام، وهو ما اعتبره الشاعر إحدى “مراحل الانقراض الكبرى، مبينا أن السبب في ذلك هو التلوث وانتشار المزارع الحيوانية والتوسع الحضاري إضافة إلى الإفراط في صيد الحيوانات و الأسماك.

وفي ما يخص مؤتمر مراكش الموعود، جلنا لا يدري أن تغيّر المناخ يؤثر في المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة - مثل الهواء النقي ومياه الشرب المأمونة والغذاء الكافي والمأوى الآمن.
ولا نعلم أنه من المتوقع أن يفضي تغير المناخ في الفترة ما بين عام 2030 و2050 إلى نحو 250000 وفاة إضافية سنوياً من جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.
كما نجهل أن تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة (أي باستثناء التكاليف المترتبة في القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه والإصحاح) تبلغ ما بين 2 - 4 مليارات سنويا بحلول عام 2030.
وأن الأماكن ذات البُنى التحتية الصحية الضعيفة، ومعظمها في البلدان النامية، ستكون الأقل قدرة على التحمل ما لم تحصل على المساعدة اللازمة للتأهب والاستجابة.
كما لا نعلم أن خفض انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال تحسين استخدام وسائل النقل والغذاء وخيارات الطاقة، يمكن أن يحسن الصحة خصوصاُ عن طريق تقليل تلوث الهواء.

بين المؤتمرين ورقات وجلسات ومفاوضات وتجاذبات وضغوط وجهود آلاف مؤلفة من العلماء والخبراء والسياسيين والمستشارين والمشرعين والناشطين والإعلاميين...وعلى المحك،لو ندري، وعي الإنسانية ومدى تنبهها واستعدادها لتلقف الفرصة وإدراك خطورة اللحظة، وحتمية الاختيار.

هل نعلم قبل فوات الأوان، أن على البساط مستقبل الكوكب ومعه البشرية؟

المشاركة في هذا المقال