Print this page

«أمان بيولوجي مستدام..من بنزرت لجبل عبد الرحمان..»

هنالك تواصل ما بين أمنا البيولوجية وأمنا الأرض، وفق مشروع طريف مهم للمفكر الشاعر عبد اللطيف العثماني..

حالنا البيولوجي ومستقبلنا التنموي..أية علاقة؟
بين مبارحة دور التلوث والتدمير الذاتي المنهجي للمنظومات والموارد، واستشراف آفاق البناء الإستراتيجي لتنمية صديقة للبيئة ، حاملة لمقومات الديمومة، تظل أسئلة وأحلام مشروعة.

سؤال حائر، جوابه، مع المواطنين، يكمن لدى العارفين، خبراء وناشطين، بينهم طاهر خواجة الإطار الوطني والخبير الدولي في التنمية المستدامة وإدارة الفسفاط وعديد المواد الأخرى..وقد حاول عبثا و مرارا الإجابة عن هذا السؤال، خلال إدارته للمجمع الكيماوي وشركة فسفاط قفصة، ويبقى إمكان إيجاد جواب عن السؤال، بالنسبة لقطاع الفسفاط ومخلفاته، برغم تعمق الأزمة وتراجع حال القطاع، وشبه غياب إرادة تطوير القطاع وإنقاذه، على حد رؤيته المتكاملة التي عرضها مؤخرا على منبر التميمي للذاكرة الوطنية.

في تقديم اللقاء الذي حضره عدد قليل من المهتمين، أشار الدكتور عبد الجليل التميمي إلى بدء إنتاج الفسفاط بتونس في بداية القرن الماضي بالحوض المنجمي. وبمرور الزمن سعت تونس إلى تحويل كامل إنتاجها من الفسفاط إلى حامض فسفوري وأسمدة ذات قيمة مضافة أعلى. وبعد الثورة, عرف قطاع الفسفاط في تونس تراجعا حادا، انعكس سلبا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحرم البلاد من مداخيل جوهرية بل هي أساسية في ميزانية الدولة.

وفي بداية 2013 عين المهندس الطاهر خواجة رئيسا مديرا عاما لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي والشركة التونسية الهندية للأسمدة. وبناء على تجربته وتشخيصه للأوضاع الراهنة للأزمة، طرح علينا اليوم الطاهر خواجة رؤيته بل وجب القول استراتيجية فاعلة للخروج من الأزمة مستندا على مفهوم التنمية المستدامة والذي يرتكز على خلق توازن بين البعد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي.

يأتي هذا الطرح نظرا لدقة هذا الملف المعقد جدا، وفشل كل محاولات الحكومات المتلاحقة لإيجاد الحلول المرجوة، لطمأنة الشعب على مصيرية هاته المؤسسة الوطنية ذات المردود الأساسي لخلق التوازن المالي للدولة وغياب القيادات السياسية ذات البعد السيادي لإرجاع الثقة للجميع في قطاع الفسفاط.

يذكر أن الطاهر خواجة متحصل على شهائد عديدة ويعمل خبيرا دوليا في مجال البيئة والتنمية المستدامة وله تجارب مع عدة شركات كبرى في أكثر من 20 دولة في العالم وبشكل أخص في افريقيا. وأود أن أقول هنا أن سي الطاهر الذي اكتشف هذا الفضاء الحواري لمؤسستنا، أصبح من الأوفياء لحضوره وكان يقوم بتدخلات رشيقة وواعية في عديد القطاعات وقد ركز أن تونس هي بألف خير وأن مستقبل المعرفة والبحث العلمي في بلادنا بل أدعو رجال الأعمال الغائبين أن يقتدوا بمنواله وإن يساهموا في تقدم وطنهم بدل الافتخار بأرصدة أموالهم المشبوهة المصدر!

وفي ظل غياب اهتمام الإعلام بالطرح الجدي المعروض، وبرغم أهمية الإجابات للحلول والبدائل، التي قدمها الخبير خواجة، يظل عدد هام من الأسئلة عالقا، يقرع أبواب كل التونسيين ساسة ومحكومين.
في انتظار انتباه الفاعلين الرئيسيين، يتحرك المجتمع المدني وتصنع الجمعيات بوادر ترمي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتفادي حوث ما حصل، في ظل منوال تنموي أثبت إخفاقه.

مؤسسة الياسمين، طرحت في ندوتها السنوية قبل ايام نقاشا مهما حول البدائل والحلول لإشكال النفايات، بحضور الفاعلين من مؤسسات وجمعيات وخبراء وخاصة ممثلين عن المناطق المعنية بالمصبات.
وجمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة ببنزرت، صاغت أكثر من مشروع هادف لتأمين وصون الموارد والمنظومات، بينها مشروع مركز للنباتات الطبية.

وجمعية حماية البيئة والتنمية المستديمة ببنزرت التي بادرت مؤخرا لإنشاء مركز للنباتات الطبية في غزالة بنزرت عبر مشروع للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ppioscan وتهدف الجمعية التي ترأسها الدكتورة نجوى بوراوي وهي رئيسة الرابطة الافريقية للعدالة المناخية والمنسق الوطني للشبكة العربية للبيئة والتنمية رائد ونقطة اتصال الشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد من مخاطر الكوارث إلى المساهمة في حماية المحيط والثروات الطبيعية والتربية البيئية والتوعية في كل المجالات البيئية وبناء القدرات للشباب والجمعيات المحلية في عدة مجالات بيئية خاصة التغير المناخي ، الاقتصاد ألأخضر ، التنوع البيولوجي ، ادارة النفايات البلاستيكية....

و المناصرة والتعبئة خاصة في التغير المناخي والمواد الكيماوية وتعمل الجمعية بشراكة مع عدة شبكات ورابطات وطنية وإقليمية ودولية أهمها شبكة «فايقين لبيئتنا» والشبكة التونسية للتغيرات المناخية (عضو مؤسس) والشبكة العربية للبيئة والتنمية رائد والرابطة الافريقية للعدالة المناخية وشبكة العمل المناخي للعالم العربي والشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد من مخاطر الكوارث والشبكة الدولية للتخلص من المواد العضوية الثابتة والرابطة العالمية لطب أسنان خال من الزئبق والشبكة العالمية «مبادرة للأنصاف».
وقد أنجزت الجمعية منذ تأسيسها العديد من المشاريع البيئية في التوعية وبناء القدرات في مجالات التلوث الكيماوي، التغير المناخي، ادارة المياه، ادارة النفايات، الاقتصاد الأخضر، الحوكمة البيئية والتصرف المستدام في الثروات الطبيعية......

ومن المشاريع الحديثة التي تعكف الجمعية على إنجازها

مشروع “الحوار المحلي من أجل المناخ لوضع خطة عمل للتكيف والصمود ضد التأثيرات السلبية للتغير المناخي على البيئة بولاية بنزرت (السواحل، الغابات’ التنوع البيولوجي، المياة والتربة.....)».

هذا المشروع ممول من برنامج المنح الصغرى للصندوق العالمي للبيئة ويهدف الى جمع كل الأطراف المحلية (البدية، السلط المحلية، كل المندوبيات الجهوية، المجتمع المدني المحلي، شباب الجهة....) حول طاولة واحدة لإيجاد الحلول الملائمة والعاجلة والناجعة ووضع خطة عمل محلية للحد من التأثيرات السلبية للتغير المناخي على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة بالجهة وهي خطة يمكن تطبيقها في جهات أخرى مماثلة في البلاد. وكذلك الى خلق منصة محلية للتشاور وإيجاد الحلول لكل المشاكل البيئية بالجهة.

إضافة إلى مشروع «حماية النباتات الطبية بجهتي تسكراية وواد زيتون بولاية بنزرت» وهو ممول من الاتحاد العالمي لصون الطبيعة في اطار برنامج المنح الصغرى لمنظمات المجتمع المدني لشمال افريقيا.

ويهدف التمشي الى تشخيص وتثمين جميع النباتات الطبية بالجهة ورفع قدرات السكان المحليين وخاصة النساء في تثمين والاستعمال السليم والعلمي للنبتات الطبية وخلق فرص عمل لهم. ولتحقيق هذا قامت الجمعية بإحداث مركز للمعلومات حول هذه النباتات ولتدريب الفلاحين نساء ورجال بالجهة حول كيفية تثمينها و استعمالها وذلك بتهيئة قاعة بخلية الارشاد الفلاحي بمعتمدية غزالة. وإحداث حديقة بيئية وزرع كل انواع النباتات الطبية الموجودة في المنطقة للتشخيص والتعريف بها. وقد شرفنا السيد والي بنزرت مع السيدة رئيسة بلدية غزالة والسيد المندوب الجهوي للفلاحة ببنزرت وكل الإطارات المحلية بغزالة بافتتاح هذا المركز والحديقة البيئية.

ومن بين أهداف المشروع أيضا احداث مسلك سياحي ايكولوجي بواد زيتون للتعريف بجمالية المنطقة وتنوع ثرواتها الطبيعية خاصة مواردها المائية وتنوعها البيولوجي. وكذلك اصدار دليل لتشخيص والتعريف بالاستعمال العلمي لكافة النباتات الطبية.

كما تنجز الجمعية مشروع «الحوار المحلي للتصرف المستدام في النفايات البلاستيكية بجهة بنزرت» وهو ممول من جمعية «بي ماد» بموناكو ويهدف المشروع الى وضع خطة عمل للتصرف المستدام للنفايات البلاستيكية بالولاية وكيفية التخلص منها بداية من التجميع وحتى الرسكلة وذلك من خلال منصة التشاور التي تم خلقها في اطار مشروع التغير المناخي والتي تتكون من كل الاطارات المحلية المختصة. وأيضا توعية المواطنين والسكان وحثهم على فرز النفايات البلاستيكية من المصدر أي من المنزل وفي هذا الاطار قامت الجمعية بالشراكة مع بلدية بنزرت وبعض الجمعيات المحلية الأخرى بأيام توعية لمتساكني حي البلفيدير ببنزرت ووضع حاويات مخصصة للنفايات البلاستيكية كما قامت البلدية بتوزيع أكياس كبيرة على كل سكان الحي لفرز وتجميع النفايات البلاستيكية في البيت ثم وضعها في الحاوية المخصصة على أن يستلمها بعد ذلك جامعي هذه النفايات ويسلمونها للمرسكلين بالجهة.

كما نفذت مشروع «لنتخلص من ملغم الاسنان الرصاصي بتونس» وهي حملة توعية أولا للمواطنين والأولياء والتلاميذ للتعريف بالتأثيرات السلبية لهذه المادة على صحة الانسان وخاصة الأطفال وكذلك على البيئة وتشجيعهم على اختيار البدائل لأنها أجمل وأقل خطورة.
ثانيا لأطباء الأسنان والأساتذة الجامعيين في طب الأسنان لتشجيعهم وحثهم على وقف استعمال ملغم الأسنان واستبداله بالمواد البديلة الأقل خطورة وتشجيع الطلبة على ذلك.

ثالثا لصناع القرار (وزيري الصحة والبيئة والبرلمانيين) وحثهم على سن قانون لوقف استعمال ملغم الأسنان خاصة لدى الأطفال الأقل من 15 سنة والنساء الحوامل والمرضعات على غرار القانون الذي صادق علية الاتحاد الأوروبي والذي دخل حيز التنفيذ في غرة جويلية 2018.
وتتمثل خطورة ملغم الأسنان في احتوائه على 50 بالمائة من مادة الزئبق وهو معدن ثقيل يتبخر في الفم مع كل عملية مغض ثم يتراكم في المخ والكلى وعدة أعضاء أخرى بالجسد ويتسبب في عدة أمراض ومنها قلة التركيز والقصور الكلوي والتشوهات الخلقية عند الولادة وغيرها.
وفي جبل عبد الرحمان، انتظمت مؤخرا دورة متميزة لمهرجان جبل عبد الرحمان ببادرة من جمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة بالمكان برئاسة لسعد الزيادي ، وعاشت القرية موعدا استثنائيا من التنشيط واستكشاف الطبيعة والمخزون الايكولوجي عبر الخرجة الجبلية، وترويج المنتوج البيولوجي المحلي والتعريف بالعادات الثقافية والموروث كسائي والغذائي والغنائي.

ويحمل فريق الجمعية مشروعا سياحيا وثقافيا وتنمويا واعدا يعمل بالشراكة مع هياكل الدولة ولافاعلين المعنيين على تطويره وتفعيله ضمن مقاربة تؤكد على أسس التنمية المستدامة كمفهوم كوني والتحرك المحلي كفعل ميداني.

المشاركة في هذا المقال