Print this page

إضاءة: خلقت طليقا..كمثل الطيور

في ذكرى الميلاد العشرين، لجمعية أحباء الطيور، تهتز قلوب مئات عشاق الطيور وأنصار الجمعية وأحباؤها شوقا لعمر مديد لجمعية ولدت قبل أربعة عقود، على يد زمرة بينها الأستاذ علي الحيلي وآخرون..

خلال الاحتفال المميز، ترتجف أوصال آلاف العصافير الصغيرة التي لم تتحرر من مخاوفها القديمة ، من عسف صيادين أدمنوا الإجرام بالصيد المحظور، وتجار الممنوع، الذين يروجونها اسيرة في أقفاص أشبه بالزنازين الجماعية والانفرادية، في واضحة النهار، كسوق النخاسة في أروقة المنصف بأي، يوم الأحد..
التأم الاحتفال، على وقع موسيقى بصمت ملامح الاحتفال، ووقعت سيماء الفخر بأربع عقود من الفعل والتحرك المحلي والدولي التطوعي لتحصين الخلوقات الهشة الرقيقة الصادحة، من رياح النهب والمجازر والاتجار العشوائي.

احتفل عدد من رواد الجمعية وشاركهم لفيف من الخبراء والشباب وممثلي المؤسسات والمنظمات، ولم يغب عنهم ما يحف بالكائن الصغير المحاصر بمحاذير وعوامل الانقراض، فالجهد موصول، والتحديات بلا حد ولا عدد..
ربما لتعاملهم الكثيف مع أصغر الكائنات المشاهدة في الكون، يمتاز أحباء الطيور بسمات متشابهة، فيها كثير من الوداعة واللطف والتواضع..

ولذلك أيضا هم الأكثر دراية بواقع الطيور العجيب وأسراره المتفردة، من ذلك أن للطيور مسارات للهجرة على مدار العام، وتوجد مواقع مهمة للطيور على مستوى العالم، حسب التصنيف العالمي لمنظمة حماية الطيور العالمية، حيث السواحل والجزر التي تستخدمها الطيور إما للتغذية خلال عبورها أو للأنواع التي تقضي الشتاء بها أو تلك التي تعشش كعدد من الطيور البحرية.

في تعداد قبل عشر سنوات تقريبا كانت الطيور في تونس تعد 362 نوعا منها 121 طيرا مهاجرا و184 نوعا تعشش وقتيا أو بصفة دائمة في ربوعنا، بينما بلغ عدد الطيور المنقرضة إلى حد الآن 18 نوعا أهمها النسور.
يعرف كثير من العامة طائرا مهددا تسلط عليه ضغط لاعتبارات لا تخفى، وهو من اكثر الطيور المهددة بالانقراض، وهو ما دعا لبرمجة خطط للحماية والإكثار بمعهد المناطق القاحلة مثلا، إلى جانب طيور أخرى كالبومزين، الذي يتعرض لصيد عشوائي مكثف.

وينبع اهتمام الجمعية بالطيور والعصافير المهددة بالانقراض من قناعتها بالتأثير السلبي لتفشي هذه الحالات على الطبيعة والبيئة. فالطيور بأنواعها تلعب دورا أساسيا في التوازن البيئي، ووجودها جزء من المشهد البيئي لكل المجتمعات. وعندما يحدث أي اختلال في الطبيعة (تلوث، تقلص الفضاء البيئي الصحي، الصيد غير المنظم) تتضرر الطيور والعصافير لأنها من الكائنات الحساسة التي يجب التعامل معها برفق، وتوفير الظروف الملائمة لها كي تنمو في بيئة سليمة ونظيفة.

ويشتعل الضوء الأحمر الذي يشير لاحتمالية الانقراض،عندما يتقلص عدد الطيور عن المعدل العادي بشكل كبير. وتوجد شروط تم وضعها عالميا لتصنيف الطيور المهددة بالانقراض.
وقد وضعت تونس عدة قوانين لحماية هذه النوعية من الطيور حفاظا على التوازن الطبيعي، ووفقا للصندوق العالمي للمحافظة على الطبيعة فالطيور المهددة بالانقراض مصنفة الى عدة درجات من حيث الخطورة:

- وضعية حرجة : كروان الماء ذو المنقار الدقيق الحبارة.

- أقل خطرا : البط الرخامي البط زرقاء أحمر بط أبيض الرأس صقر بوجرادة رمادي الرأس.

- يحتاج لاهتمام خاص : نورس بودوين ويضاف الى ا لقائمة صنف عاشر هو «زران رمادي» وتم في تونس تحديد عدة أصناف أخرى تعتبر مهددة بالانقراض مثل العصافير المغنية التي صدر قانون خاص لحمايتها وانقاذها من الزوال.

وتلعب جمعية أحباء الطيور دورا كبيرا في تحسيس الجمهور بأهمية المحافظة على الطيور والعصافير بأنواعها بعيدا عن أي شكل من أشكال التأثير على التنوع البيئي.
كما توجد ببلادنا عدة مناطق ومحميات مخصصة للحفاظ على هذا التنوع الطبيعي من أبرزها محمية اشكل، وجزيرة زمبرة والهوارية وسبخة السيجومي والشعانبي وجزر الكنائس.

بلغت الجمعية الأربعين وهي بعد شباب، وأبانت في احتفاليتها الأخيرة عن نضج ونجاح في التكامل الأفقي على مستوى المجتمع المدني ومع هياكل الدولة ولاسيما الإدارة العامة للغابات، وعلى مستوى دولي مع منظمات بيئية دولية شريكة في برامج ومشاريع متعددة آتى الكثير منها أكله وحقق أهدافا معتبرة.
وفي لحظة نشوة جماعية بالذكرى ، نترحم على روح المؤسس الأستاذ علي الحيلي، رحمه الله، مع أمل في تصوير واقعي لنغم علي الرياحي «أنا كالطير» الذي يستلهم، قصيد الشابي، خلقت طليقا.. بحيث ، يستشعر البشر خطورة الحال، ويبادر لتعديل العادة، فلا يقدم على حركة تهدد الزائر الأنيق الشادي خفيف الظل ليضطره لـ..فر فر ويتركه، يحلق في الأفق الـ قريب,, ويزقزق.

المشاركة في هذا المقال