Print this page

البنك الوطني للجينات يسابق الزمن

يستعد البنك الوطني للجينات للإحتفال بمرور 18 سنة

على إحداثه، ويتوقع أن يتزامن الإحتفال مع تظاهرات بيئية ميدانية تتضمن حملات تشجير، وترويج لثقافة المحافظة على الموروث الجيني وإطلاق مبادرات لضمان حماية السلامة الإحيائية والتدي للمواد المحورة جينيا.
انطلق أواخر عام 2007 نشاط البنك الوطني للجينات في تونس، بهدف المحافظة على جملة من أنواع النباتات التي بدأت تنقرض، وتخصيب البعض الآخر منها وتطويرها وتنميتها. ويعتبر هذا البنك الأول في أفريقيا لحفظ التنوع البيولوجي للنباتات، خاصة في المرحلة الحالية التي يحصل فيها تسابق على خزن أنواع من الجينات على أساس ندرتها وتقلص انتاجها وعدم توفر الأرضية للمحافظة عليها في ظل التقلبات المناخية التي يشهدها العالم
.
تتوزع النشاطات داخل البنك ومختبراته على جملة من التدخلات، تتركز على أنواع النباتات والحيوانات البرية والبحرية. وسيجري العمل على تطوير بعض أنواع الجينات التي تستقر في المناطق الخصبة، عبر عملية خلط للجينات بهدف استحداث أصناف جديدة منها، لاثراء النسيج الفلاحي في مجالات انتاجية جديدة تكون أكثر تأقلماً مع المحيط في ظل التطورات التي يشهدها والتأثيرات المناخية التي يتعرض لها.
وتتنوع تدخلات البنك في مناطق بحرية وبرية مختلفة من حيث خصوبة الأرض وأنواع النباتات التي تنتجها ونوعية مناخها، كأن يكون رطباً أو ممطراً أو قاحلاً أو صحراوياً. كما يتصل النشاط ببحوث تطوير الجينات وخزنها وتبريدها بهدف المحافظة عليها الى أوقات قد تطول أو تقصر. وكل هذا يتطلب تكنولوجيات عالية في مجال هذا الاختصاص المخبري الدقيق.
وتتمثل نشاطات البنك أساساً في الآتي:
- جمع الموارد الجينية وانتقاؤها والمحافظة عليها.
- اعادة ادخال الأصناف المنقرضة المتواجدة في الخارج.
- تنمية القدرات الوطنية في التصرف بالموارد الجينية.
- تعزيز البحث العلمي لاستدامة أصناف تتلاءم مع منظومة الانتاج والمناخ في تونس.
- التنسيق بين الهياكل العاملة في التصرف بالموارد الجينية.
وتتسع طاقة استيعاب البنك لـ300 ألف عيّنة. وهو يرتكز في نشاطاته على منظومتين، الأولى داخل البنك متمثلة في وحدته المركزية، أما الثانية فهي الشبكة الوطنية للموارد الجينية.
تتوفر عبر الوحدة المركزية جملة مختبرات تتولى تقييم الموارد الجينية وتنميتها. والى جانبها وحدات علمية لجمع العينات وانتقائها وإكثارها وتحضيرها للتخزين. وهي تتولى الاهتمام بتسجيل الموارد الجينية واستغلالها وتبادلها وتوزيعها وتخزينها وتكييفها وتصنيفها، وزراعة الأنسجة، ومتابعة الجينات عبر وحدة جودة الموارد الجينية. وفي البنك بيوت تبريد لخزن الموارد الجينية في شكل بذور ولقاح، وقد جهزت بمستلزمات الصيانة وامكانيات تقنية عالية.
أما الشبكة الوطنية للموارد الجينية، فتضم تسعفرق عمل من المؤسسات والأقطاب البحثية العاملة في هذا المجال. وهي تعنى بجمع التراث الجيني وتنميته بمختلف أصنافه النباتية والحيوانية.

وعي ويقظة
معلوم أن استحداث تقنيات جديدة للتحوير الجيني أثار اختلافات في الرأي العام العالمي حول السلامة في مجال التكنولوجيا الاحيائية. من ذلك ما حدث في فرنسا من نقاشات حامية حول الذرة المحوّرة جينياً والتي أثبتت التجارب أن لها انعكاسات سلبية على التنوع البيولوجي، مما أدى بالسلطات المعنية الى سحب التراخيص الخاصة بزراعتها ريثما يتم مزيد من التدقيق. فعلى رغم تنامي المعارف حول التحكم بالهندسة الوراثية، تم تحديد أوجه نقص هامة، خصوصاً في ما يتعلق بمعرفة التفاعل بين الكائنات المحوّرة جينياً الناجمة عن التكنولوجيا الأحيائية، من جهة، والبيئة والصحة العامة، من جهة أخرى. وما زالت طي الغموض معرفة الآثار السلبية المحتملة لانتشارها ومدى تأثيرذلك على التنوع البيولوجي والصحة العامة.
وقد أولت تونس منذ سنوات اهتماماً لهذه المسألة، خصوصاً من خلال تنفيذ الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي. وقامت وزارة البيئة والتنمية المستديمة باعداد دراسة شاملة حول الكائنات المحوّرة جينياً، بهدف ارساء إطار وطني للسلامة الأحيائية يرمي بالأساس الى مقاومة التلوث الجيني ووضع خطة متكاملة لمتابعة انعكاسات التكنولوجيا الأحيائية ومراقبة استعمالاتها. كما صادقت تونس عام 2002 على بروتوكول قرطاجنة المتعلق بالسلامة الأحيائية، الذي تم إقراره من أجل ضمان الحماية في مجال النقل والمناولة والاستخدام المستدام للكائنات المحوّرة جينياً عملاً بمبدأ الاحتياط.
وتأكيداً على أهمية موضوع السلامة الأحيائية على الصعيدين الوطني والعالمي، وباعتبار التطور السريع في مجال التكنولوجيا، تم تكوين لجنة وطنية استشارية للتدقيق في الكائنات المحوّرة جينياً تبعاً لتوصيات مشروع الاطار القانوني الوطني للسلامة الأحيائية.
.
وقد أعدت تونس استراتيجية كبرى تستهدف بشكل خاص: اعتماد سياسة وطنية واضحة تأخذ بعين الاعتبار الملاءمة بين ضرورة المحافظة على التراث البيولوجي والأصول الجينية المحلية وتلبية حاجات البلاد، تطوير مختبرات البيوتكنولوجيا لتحسين قدرات الموارد الجينية المحلية وضمان الأمن الغذائي حاضراً ومستقبلاً، العناية بالمحاضن الطبيعية للموارد البيولوجية في إطار المحميات الطبيعية وحدائق النباتات.
وع الجيني هو جوهر التنوع البيولوجي-إن الحفاظ على التنوع الجيني هو أحد العوامل التي تحدد بقاء الأنواع وقدرتها على الصمود في النظم البيئية. ومن خلال عملي كخبير في الحفاظ على البيئة، أستطيع أن أشهد بأن الحفاظ على التنوع الجيني يساعد الأنواع على التكيف مع البيئات المتغيرة، ومقاومة الأمراض، والحفاظ بشكل عام على التوازن في النظم البيئية. وهنا، سوف أستكشف التقنيات الرئيسية المستخدمة في الحفاظ على التنوع الجيني، من الأساليب الموجودة في الموقع مثل الحفاظ على الموائل إلى الأساليب المتقدمة خارج الموقع مثل بنوك الجينات، وخزائن البذور، والحفظ بالتبريد.
ما هو الحفاظ على التنوع الجيني؟
في الأساس، يشير التنوع الجيني إلى تنوع الجينات داخل النوع، والتي تحمل كل السمات المختلفة التي تجعل السكان قادرين على البقاء والازدهار. ويشكل هذا التنوع الأساس للتكيفات للتغلب على التحديات مثل تغير المناخ، وتدمير الموائل، والأمراض. ومع ذلك، فإن التهديدات مثل تجزئة الموائل والأنشطة البشرية تقلل بشكل كبير من هذا التنوع الجيني. هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية يذكر أن التآكل الجيني في كل من الأنواع البرية والمستأنسة يؤدي إلى زيادة الضعف.
تهدف جهود الحفاظ على التنوع الجيني إلى الحفاظ عليه واستعادته من خلال تقنيات مبتكرة تتراوح بين الحفاظ الطبيعي والتدخل باستخدام التكنولوجيا العالية. وتساعد هذه التقنيات المذهلة في الواقع على الحفاظ على الأنواع وكذلك الحفاظ على إمكاناتها للتطور المستقبلي وفائدتها في مجالات مثل الزراعة والطب.
طرق الحفظ في الموقع في مجال الحفاظ على التنوع الجيني
تُسمى طريقة الحفاظ على الأنواع في بيئتها الطبيعية بالحفظ في الموقع. وهي طريقة مهمة للحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية الصحية. هناك أنواع مختلفة من الأساليب الموضعية، مثل:
1. الحفاظ على الموائل و ممرات الحياة البرية
إن الحفاظ على البيئة يحمي الأنواع في مواطنها الطبيعية من خلال العمليات التطورية الطبيعية. ومن الأمثلة على ذلك المتنزهات الوطنية ومحميات الحياة البرية ومحميات المحيط الحيوي. وسوف تسمح الممرات البرية التي تربط بين الموائل المجزأة بتدفق الجينات بين السكان المعزولين، وبالتالي الحد من مخاطر التزاوج الداخلي. وفي الهند، تعمل الممرات بين موائل النمور على تعزيز الاختلاط الجيني ومرونة السكان.
2. المناطق المحمية للأنواع المهددة بالانقراض
وقد نجحت هذه المناطق المحمية في استعادة قدر كبير من المواد الوراثية للأنواع المهددة بالانقراض مثل الذئب المكسيكي وكندور كاليفورنيا. وتحرص برامج الإدارة على ضمان ازدهار الأنواع بشكل طبيعي مع أقل قدر من التدخل البشري.
طرق الحفظ خارج الموقع في الحفاظ على التنوع الجيني
تتضمن التقنيات المستخدمة خارج الموطن الطبيعي الحفاظ على المواد الوراثية خارج مواطنها الطبيعية، مما يوفر شبكة أمان للأنواع المهددة بالانقراض. وتجمع هذه التقنية بين الدقة العلمية والتكنولوجيا الحديثة.
1. بنوك الجينات
تخزن بنوك الجينات المواد الوراثية مثل البذور أو الأبواغ أو الأجنة. المرافق مثل قبو البذور العالمي سفالبارد تضم هذه المزرعة ملايين البذور لضمان بقاء الأنواع النباتية الحيوية للأمن الغذائي، حتى في السيناريوهات الكارثية. تم حفظ أكثر من مليون عينة من البذور هنا, تمثل التنوع الزراعي العالمي.
2. حفظ بالبرودة
الحفظ بالتبريد هو حفظ المادة الوراثية، والتي قد تشمل أجنة الحيوانات أو أنسجة النباتات أو الأمشاج في درجات حرارة منخفضة للغاية. وفي هذه العملية، يتم إيقاف النشاط البيولوجي للتخزين طويل الأمد. وغالبًا ما تستخدم حدائق الحيوان ومؤسسات البحث مثل هذه التقنيات عندما تكون الأنواع مثل الضفادع أو المرجان معرضة لخطر الانقراض بشكل خطير.
3. التربية في الأسر و برامج إعادة التقديم
تحافظ برامج التربية المُدارة على التنوع الجيني في البيئات الخاضعة للرقابة. على سبيل المثال، برنامج استعادة طائر الكوندور الكاليفورني تربية طيور الكندور في الأسر، مما أدى إلى زيادة أعدادها بنجاح ارتفع عدد السكان من 27 في ثمانينيات القرن العشرين إلى أكثر من 1980 أعيد إدخالهم إلى البرية اليوم. توجد بعض أدوات المراقبة الجينية التي تساعد بالفعل في اختيار الأزواج التي يمكن استخدامها في التكاثر. وبهذه الطريقة، يمكننا تجنب مشكلات التزاوج الداخلي والحفاظ على الصحة الجينية. ومن بين هذه الأدوات تسلسل الحمض النووي.
4. خزائن البذور
إن بنوك البذور مصممة خصيصًا للنباتات، مما يعني أنها تخزن التنوع الزراعي. وهي مهمة للمحاصيل التي تتدهور بسبب تغير المناخ أو الزراعة الأحادية. بالإضافة إلى قبو سفالباردهناك بنوك وطنية للبذور في جميع أنحاء العالم تعمل على الحفاظ على النباتات المحلية.

 

 

 

 

 

المشاركة في هذا المقال