منظوماتها الهشة، من جراء الزحف العمراني والتصحر وتغير المناخ.
ومع ئلك تستمر الجهود الوطنية لمواجهة تلك التحديات بالتشجير والتكيف المناخي والمشاريع الهادفة لمكافحة التصحر وصون التنوع البيولوجي.
ووفق ما تورد وزارة البيئة في موقعها فبالرغم من التقدم الذي سجلته تونس في مجال حماية المنظومات الأيكولوجية ومكافحة التصحر، خصوصا خلال التسعينات من القرن الماضي، ظلت تطرح العديد من المشاكل التي زادت وطأتها منذ سنة 2011. فقد كان لتدهور المنظومات الأيكولوجية تأثيرات سلبية ليس فقط على النشاط الاقتصادي ونجاعته، بل أيضا على المتساكنين. وكان لتدهور التربة والغابات والتنوع البيولوجي تأثيرا سلبيا على الإنتاجية الفلاحبة واستدامة الموارد الطبيعية وعلى مختلف عناصر المنظومات الأيكولوجية. كما كان للتسرب البحري للموائد المائية الساحلية تأثيرا نجم عنه تدهور نوعية المياه الجوفية مما عمق تبعية هذه المناطق بمياه الشمال.
تواجه تونس اليوم تحديات رئيسية اقتصادية واجتماعية وبيئية وبالتالي، فإنه من الضروري اكتساب رؤى استراتيجية جديدة وكافية تمكن من إدارة هذه التحديات الخاصة بحماية الموارد الطبيعية بشكل صحيح والوصول إلى رهانات التنمية المستدامة.
ولهذه الغاية، تم في الآونة الأخيرة تطوير أو تحديث العديد من الاستراتيجيات في المجالات الاستراتيجية الرئيسية للتنمية المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية التي لها علاقة بمكافحة التصحر، حيث طرحت ستة مجالات رئيسية في هذا المضمار وهي: المحافظة على المياه والتربة والغابات والمراعي والتنوع البيولوجي والمياه والواحات وتغير المناخ.
استراتيجية المحافظة على المياه والتربة 2030
أعدت الإدارة العامة للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية استراتيجيتها الجديدة للمحافظة على المياه والتربة ضمن رؤية مستقبلية في أفق 2030 بهدف تحقيق "مناطق ترابية ريفية مزدهرة تتم فيها التنمية بالاعتماد على فلاحة منتجة وتصرف بطريقة مستدامة في الموارد الطبيعية وصامدة أمام تغير المناخ، وذلك من خلال عمليات المحافظة على المياه والتربة الموجهة نحو الإنتاج والتي يتم تنفيذها وتقاسمها من قبل الفلاحيين" (الإدارة العامة للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية، 2017).
وعلى عكس استراتيجيات المحافظة على المياه والتربة السابقة (1990-2001 و2002-2011)، فإن هذه الاستراتيجية الجديدة تراهن على الابتكار في مناهج وأدوات تنفيذها، إذ أنها تطرح مقاربة تمزج بين التهيئة والتنمية الريفية وليس كبرنامج قطاعي. لذلك تفضي هذه المقاربة الجديدة على استراتيجية محافظة على المياه والتربة أكثر ملائمة بما يعزز بعد الاندماج والإستدامة ويتناغم ويتكامل مع الرؤية الأفقية لبرنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر.
وتنقسم محاور هذه الاستراتيجية إلى مجموعتين من العناصر: العناصر ذات الطبيعة الفنية والعناصر الأفقية أو المشتركة. وقد تم توزيع برنامج التهيئة حسب الولايات كما وقع ضبطه على أساس تحديد خارطة مناطق تدخل ذات أولوية وتغطي هذه المناطق 2717508 هكتارا، أي ما يعادل 17.5٪ من مساحة البلاد.
أما بخصوص العناصر الأفقية، فهي تخص بناء القدرات والجوانب القانونية والمؤسساتية والتمويل والمتابعة والتقييم.
الاستراتيجية الوطنية للتصرف وللتنمية المستدامة للغابات والمراعي 2015-2024.
خلافا للاستراتيجيات الغابية السابقة التي كانت تهدف جميعها إلى المحافظة والرفع من مساحة المناطق الغابية، تبنت الإدارة العامة للغابات والمراعي إستراتيجية وطنية جديدة لتنمية والتصرف المستدام في الغابات والمراعي 2015-2024 وذلك للحد من تدهور الغابات والمراعي ولمقاومة التغير المناخي والتصحر.
وباعتبارأنها تهدف على السواء الى حماية الغابات والمراعي وتحقيق تنمية اقتصادية-اجتماعية من خلال مشاركة المنظمات الأهلية والخواص في التصرف في هذه الغابات والمراعي، فقد اعتمدت لأستراتيجية اربعة أهداف:
• تكييف الإطار المؤسساتي والتشريعي للقطاع وتدعيم القدرات من أجل تحسين حوكمة التصرف المشترك في الغابات والمراعي،
• تحسين مساهمة القطاع في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحد من الفقر، عبر حماية وتثمينا لمشاهد الفلاحية-الغابية-الرعوية وتثمين المنتوجات الغابية والرعوية وتشريك السكان المحليين والقطاع الخاص من خلال تنفيذ آليات التصرف المشترك ودعم تطوير سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية والغابية والرعوية،
• وضع وتنفيذ آلية مبتكرة لحوافز الاستثمار لزيادة الغطاء الغابي وتنمية الأراضي الفلاحية المتدهورة الخاصة وذلك بغراسة الأشجار المثمرة والغابية بما يدعم مصادر الدخل للمالكين ويحسن خدمات النظم الأيكولوجية وتثبيت (تخزينSéquestration ) الكربون للمساهمة في المجهود العام لمقاومة الانحباس الحراري،
• صيانة وتحسين وظائف وخدمات الموارد الغابية لا سيما من خلال تحسين المعارف وتطوير نظام معلومات وطني للماتبعة خاص بالغابات والمراعي،
• تقوية وتحسين رأس المال الغابي والرعوي.
•
إلا أنه، مقارنة بالمجال الغابي، لم يحظى قطاع المراعي الذي يتعرض لخطر التصحر، بالأهمية المطلوبة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتصرف وللتنمية المستدامة للغابات والمراعي 2015-2024. فالملاحظ أن العنصرين الخاصين بالمراعي بالاستراتيجية - وهم "أمثلة تهيئة المراعي الخاضعة لنظام الغابات (المبرمجة على مساحة 150000 هكتار)" و"برنامج تحسين المراعي ومكافحة زحف الرمال (المبرمجة على مساحة 150000 هكتار)" – هما ضعيفين للغاية مقارنة بالمساحة الجملية للبلاد وكذلك مقارنة بالمساحات الرعوية الخاضعة لنظام الغابات التي تقدر مساحتها بمليون هكتار والتي يتم التصرف فيها بشكل سيئ وهي تتعرض لتدهور شديد خاصة في جنوب البلاد.