Print this page

الغاز «يخنق» التونسيين أكثر: الحكومة تنكث عهودها وترفع في التسعيرة ...

يبدو أن موجة الغلاء التي لحقت بأسعار الغاز في السوق العالمية قد عصفت ببرنامج الإصلاحات الحكومية ،فقد نقضت الحكومة العهد الذي أخذته في وقت سابق على عاتقها

بإقرارها لزيادة في تسعيرة قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي وذلك بعد أن أكدت في أكثر من مناسبة على عدم المساس بتسعيرة قوارير الغاز خلال العام الحالي.
قادت المستويات القياسية التي عرفتها أسعار الغاز خلال العام الحالي الحكومة إلى إدخال تعديلات في أسعار قوارير الغاز لأول مرة منذ سنة 2010 وذلك بعد تسجيل ارتفاع مهم في سعر الغاز الجزائري المورد تجاوز 60 %،فقد صعد سعر طن مكافئ نفط من 697 دينار مع موفى جويلية 2021 إلى 1133 دينار خلال الفترة ذاتها من الحالي ، حيث قالت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي على الفايسبوك نهاية الأسبوع المنقضي أنه في ظل تواصل ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تشهده أسواق الطاقة من اضطرابات تتعلق بتقلص الإمدادات وارتفاع كلفة المواد البترولية وسعيا لتغطية مختلف حاجيات السوق المحلية من هذه المواد بصفة منتظمة، تقرر الترفيع في سعر غاز البترول المنزلي إلى 8800 مليم للقارورة بسعة 13 كغ بعد كانت في حدود 7700 مليون.
لايختلف إثنان عن العبء الذي تتحمله الدولة من أجل توريد المحروقات والتكاليف الإضافية التي تتكفل بها لا سيما في الظرف المالي الصعب الذي تمر به المالية العمومية ،إلا أن كان على الحكومة أن تكون أكثر مصداقية ووضوحا مثلما أعلنت في وقت سابق على آلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات والتي تم

من خلالها إدخال تعديلات في أسعار المواد البترولية بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بتقديرها لحجم الزيادات المنتظرة لكامل 2022 بما قيمته1043 مليون دينار،كان يفترض عليها أن تضع هذا الإجراء ضمن برنامجها منذ بداية السنة ،غير أنها أكدت في أكثر من مناسبة على عدم المساس بأسعار قوارير الغاز المنزلي مع العلم أن سعر توريد قارورة الغاز ذات سعة 13 كلغ مع موفى شهر جويلية المنقضي قد بلغ 36.30 دينار مع العلم أن سعر قارورة الغاز كانت خلال الفترة ذاتها في جويلية 2021 عند 20.58 دينار وهو مايعني أن الغلاء لا يتعلق أساسا بتبعات الأزمة الأوكرانية الروسية .
وقد أكدت رئاسة الحكومة منذ بداية شهر جوان المنقضي التوجه الحكومي نحو إلغاء الدعم عن المحروقات ،حيث نص برنامج الاستقرار الاقتصادي والمالي على التوجه التدريجي نحو حقيقة أسعار المحروقات لاسيما أمام إرتفاع قيمة الدعم الناجم عن إرتفاع الطلب الداخلي وارتفاع الأسعار في السوق العالمية وقد تطرق البرنامج إلى أنه ستقع المراجعة التدريجية لأسعار قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي بداية من سنة 2023 لبلوغ حقيقة الأسعار في سنة 2026 مع اعتماد إجراءات مساندة من خلال برنامج التحويلات المالية التي سيتم وضعه في إطار إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية ،غير أن هذا البرنامج قد تم التراجع عنه بعد إعلان وزارة الصناعة والمناجم والطاقة الترفيع في سعر غاز البترول المنزلي إلى 8800 مليم للقارورة بسعة 13 كغ علما وأن هذه المادة لم تسجل أي تعديل في الأسعار منذ سنة 2010 .
والى جانب وثيقة برنامج الإصلاحات الحكومي ،فقد ذكرت وثيقة مشروع قانون المالية « الفرضيات والتوجهات الكبرى للفترة 2022-2024 « بأنه سيقع تفعيل التعديل الآلي للأسعار بالنسبة للمواد البترولية (بنزين، غازوال عادي، غازوال 50 (بنسبة 3 %عوضا عن 5% معتمدة سنة 2021 ،وقد أشارت الوثيقة إلى أنه سيتم مراعاة الفئات الهشة من خلال عدم إقرار زيادة في قوارير الغاز المسال خلال السنة الحالية ،إلا أن الواقع له قوانين أخرى من وجهة نظر الحكومة ،فقد تم إعلان الزيادة دون أن يكون هناك أي مراعاة للفئات الهشة وهو مايعني بداية تفعيل برنامج رفع الدعم دون أن يقع تخصيص تحويلات مباشرة لفائدة المستحقين والخوف كل الخوف أن تنتقل العدوى من مادة الغاز إلى مواد أخرى ....

إن الالتزام بتنفيذ الإصلاحات وتحديدا الإصلاحات الموجعة لا يتطلب فقط جرأة في إتخاذ القرار فحسب،ففي العديد من الحالات تصبح المصداقية والوضوح أكثر أهمية ، ويبدو أن سياسة الترحيل التي تتقنها جل الحكومات ستكون آثارها وخيمة ،فمن الأهمية بمكان وفي حال كانت الحكومة تبحث عن شراء سلم إجتماعي ،فإن ذلك يتطلب منها الالتزام بمصارحة الشعب بحقيقة الوضع المالي للبلاد وتجنب إعطاء وعود وهمية كل لايكون هناك سلم وهمي يهدد بالانفجار في أي وقت مثلما حذرت منه الوكالات الدولية والمؤسسات المالية.

المشاركة في هذا المقال