Print this page

هشاشة الموجودات الصافية من العملة الأجنبية: فرص مهدورة من القطاعات المغذية لها والانكماش الاقتصادي يحول دون تآكلها

تظهر المؤشرات التي ينشرها البنك المركزي التونسي يوميا تراجع الاحتياطي من العملة الأجنبية مقارنة بالفترة الماضية وخاصة بالسنة الماضية.

ولئن لم يكن الارتفاع الملحوظ المسجل في الـ2020 انعكاسا لوضع جيد للاقتصاد بل كان غالبا كان انعكاسا للانكماش الاقتصادي وتراجع المدفوعات بعنوان الواردات خاصة. إلا أن تواصل تواضع العوامل المدرة للعملة الأجنبية من السياحة والاستثمارات والصادرات بدأت تظهر أثاره شيئا فشيئا مع العودة البطيئة للاقتصاد.
بلغ اجمالي احتياطات النقد الأجنبي ما يعادل 120 يوم، بعد ان شهد في أشهر سابقة ارتفاعا وكانت الى حدود نهاية شهر اكتوبر في مستوى 129 يوم توريد لتبدأ بعد ذلك في الانخفاض. وعادة ما يكون منحنى الاحتياطات من العملة الأجنبية متاثرا اما يتسديد قروض او الحصول عليها فهي كانت دائما المغذي الأساسي لها وفي تقرير قانون المالية التكميلي للعام 2021 تمت الاشارة الى انه من المنتظر خلال الثلاثي الاخير من العام الجاري تسديد 736 مليون دينار بعنوان اصل دين خارجي و 2.5 لميار دينار بعنوان أصل دين داخلي مما يعني مزيد من تراجع المخزون الصافي من العملة الاجنبية، فارتفاع مداخيل الشغل وتحويلات التونسيين بالخارج لم تكفي لوحدها لإضفاء صلابة على مخزون البلاد من العملة الأجنبية فالاستثمار والسياحة والصادرات مازالت تحت وطأة الازمة الصحية الطارئة وازمة هيكلية مستمرة منذ سنوات.
يقول البنك المركزي أن تواضع صادرات الفسفاط ومشتقاته يضيع فرص كبيرة لدخول العملة الصعبة. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن شهر اكتوبر سجل تراجعا في صادرات الفسفاط ومشتقاته ب 21.7 %.
من جهة اخرى تقدر موارد الاقتراض للثلاثي الأخير للعام الجاري ب 8.1 مليار دينار من بينها مصادر اقتراض داخلية ممكنة بحجم 2.7 مليار دينار بالإضافة الى مصادر اقتراض خارجية متبقية بمبلغ 5.5 مليار دينار .
وكان الاحتياطي في أفضل حالاته سنة 2009 ببلوغ 186 يوم توريد قبل أن يأخذ في التراجع بداية من العام 2010 ليبلغ ادناه في 2018 حين نزل الى ما دون 70 يوم توريد وعلى الرغم الارتفاع الى أكثر من 160 يوم توريد نتيجة تراجع المدفوعات بعنوان الواردات المرتبطة بانكماش الاقتصاد. وهشاشة الارتفاع الذي ابدته الموجودات الصافية تظهر مع كل عملية تسديد لقرض حلت آجاله مما يعكس اهمية العوامل الاخرى منم الاستثمار خاصة وعائدات السياحة وارتفاع الصادرات وتحسن تحويلات التونسيين بالخارج وهي عوامل ظلت متواضعة في الاعوام الاخيرة تاثرا بعوامل مختلفة اخرها الازمة الصحية.

المشاركة في هذا المقال