Print this page

خفايا ما أوردته «Fitch Ratings» حول المخاطر المحتملة للبنوك: بعض البنوك قد تخصص كل نتائج استغلالها لتغطية المخاطر الائتمانية وقد يكون ذلك غير كاف

تتداول الاوساط المالية والبنكية منذ ايام باستغراب وتساؤلات كبيرة ما اوردته وكالة التصنيف «فيتش رايتنغ» في اخر تقريرلها ،حول البنوك التونسية حيث اكد التقرير

ان تحسن مردودية البنوك التونسية في السداسي الاول من سنة 2021 يخفي العديد من المخاطر المحتملة، فعن أية مخاطر محدقة تتحدث وكالة التصنيف والحال ان البنوك التونسية اليوم تحقق ارباحا قياسية حيث بلغ معدل نمو صافي ارباح البنوك للسداسي الاول من سنة 2012 نحو 22.2 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 وقد وصلت لدى بعضها الى 95 % و77 % وهي ارقام قياسية بامتياز.

تحدثت وكالة الترقيم السيادي «فيتش رايتينغ» في تقريرها عن عدة مخاطر وهي هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي وما يمكن ان يعكسه على انتعاشة القطاع المصرفي في تونس بالإضافة الى نهاية العمل بتدابير تأجيل اقساط القروض المقررة لمجابهة التداعيات الاقتصادية لازمة كوفيد – 19 و بداية العمل، بإجبارية تطبيق البنوك التونسية للمعايير المحاسبية الدولية المتعلقة بتقييم الاصول والقروض والأدوات المالية IFRS ، كيف ذلك ؟

المخاطر الثلاث
اشارت وكالة الترقيم السيادي فيتش رايتينق في بداية تقريرها الى هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي وما يمكن ان يعكسه على انتعاشة القطاع المصرفي في تونس حيث لا يمكن لاي مؤسسة بنكية مهما كانت قوتها ان تحقق على المدى القصير او المتوسط نموا وأرباحا في ظل وضعية اقتصادية وسياسية هشة ومتردية كالتي تمر بها تونس. الواقع و الواجهة الخارجية التي تقدم بها صورة بنوكا حققت ارباحا كالتي نشاهدها هي رهينة عوامل معينة ولا يمكن اخذها بعين الاعتبار بالنظر الى الوضع الاقتصادي الدقيق الذي يتميز بقلة الموارد المالية لتغطية الميزانية ونسبة نمو غير قادرة على اعادة التوازنات الاقتصادية والمالية، فنسبة النمو التي تحدثت عنها فيتش رايتينق والتي من المتوقع ان تبلغ 3.4 % وهي اعلى بكثير مما توقعه صندوق النقد الدولي 3 % لن تكون قادرة على تحقيق استقرار مالي يمكننا من تجاوز الانكماش الاقتصادي الذي افرزته ازمة كوفيد 19 وانعكاسها السلبي على كل مفاصل النسيج الاقتصادي والمؤسساتي في البلاد .

الخطر الثاني يتمثل في انتهاء العمل بإجراءات المساندة للمؤسسات فقد نص منشور البنك المركزي عدد 6 لسنة 2020 على تاجيل سداد القروض للمؤسسات من مارس 2020 الى حدود 11 سبتمبر 2020 كما نص على ان هذه المدة لا تؤخذ بعين الاعتبار في احتساب اقدمية المتخلدات ثم جاء منشور عدد 21 لسنة 2021 من البنك المركزي لينص على تأجيل السداد الى حدود موفى سبتمبر 2021 مع المحافظة على نفس الاجراءات بما سينجر عنه اعتماد منشور عدد 24 لسنة 1991 في تقييم المخاطر الائتمانية في تونس وتغطيتها وهذا المنشور يعتمد اساسا على عوامل كمية من اهمها اقدمية المتخلدات وبما ان هذا التأجيل لم يؤخذ بعين الاعتبار،في احتساب الاقدمية فان العديد من المؤسسات التي تعاني من صعوبات مالية واقتصادية لم يتم تصنيفها من طرف البنوك تطبيقا للمنشور وبالتالي لم تجعل لها مخصصات لتغطية مخاطرها وبما ان اجراءات المساندة انتهت مع موفى سبتمبر 2012 فستجد البنوك نفسها مجبرة على تصنيف هذه المؤسسات وتغطيتها بعد ان تغاضت عنها مدة سنة كاملة وبالتالي سترتفع نسبة القروض المصنفة من 11 الى عالأقل 17 او 18 بالمائة وتغطية القروض المصنفة تستوجب مخصصات من البنوك مما يطرح السؤال كيف سيتم توفير هذه المخصصات وعلى حساب ماذا ؟
اما الخطر الثالث الذي اشارت اليه فيتش رايتينق يتمثل في بداية اعتماد المعايير دولية للإفصاح المالي فيما يتعلق بالبنوك وخاصة المعيار عدد 9 ( IFRS) المتعلق بالأدوات المالية في هذا المعيار حيث لن يتم اعتماد نموذج مبني على الخسائر المتكبدة ولن تنتظر البنوك الشركة حتى تصل الى الصعوبات بل سيتم اعتماد نموذج جديد يستند على الخسائر الائتمانية المتوقعة بما معناه ان البنوك منذ اسناد البنوك وجب عليها توفير مدخرات وهذا المعيار اذا ما تم اعتماده فهو من شانه ان يرفع من قيمة المدخرات وفي كلفة تغطية المخاطر الائتمانية.

ضربة موجعة
ستجد البنوك نفسها مجبرة على توفير المخصصات لتغطية المخاطر الائتمانية من نتائج البنوك التي حققتها من الاستغلال وبدل ان تحقق ارباحا تساعدها في تطوير خدماتها وحقيبة استثماراتها ستكون مضطرة لمجاراة اوضاع مالية دقيقة ومجابهة مخاطر لم تكن في الحسبان واليوم وحسب فيتش رايتينق فان 38 من نتائج الاستغلال التي حققتها البنوك يتم استعمالها في المخصصات وقد اكد اغلب المختصين في الشؤون المالية والبنكية انه مع استمرار تردي الاوضاع السياسية والاقتصادية في تونس وانتهاء اجراءات المساندة للمؤسسات التي تمر بصعوبات هناك بنوك قد تخصص كل نتائج استغلالها لتغطية المخاطر الائتمانية وقد تكون غير كافية.
بناء على هذه العوامل الثلاثة التي تقدمت وهذه المخاطر فقد وصلت وكالة التصنيف الائتماني فيتش رايتينق الى خلاصة مفادها انه ورغم النتائج الايجابية ونمو الارباح القياسي الذي حققته البنوك فان وضعيتها تظل هشة ومرتبطة بأوضاع معينة وهي بصدد تطبيق اجراءات اتخذتها الدولة في فترة ما لمساندة المؤسسات ولكنها ستتحمل ضربة موجعة ستساهم في اضعاف نتائجها لاحقا وتعميق مخاطرها

المشاركة في هذا المقال