Print this page

بسبب تاثير جائحة الكوفيد19: البنك المركزي يتوقع انكماشا مفاجئا للنشاط الاقتصادي بين -12 ٪ و -10 ٪

توقع البنك المركزي في اخر بياناته انكماشا مفاجئا للنشاط الاقتصادي في الثلاثي الثاني من سنة 2020 يتراوح بين -12 ٪

و -10 ٪ مقابل -2.0 ٪ تم تسجيلها خلال الثلاثي الاول من نفس السنة وهو ما يعتبر تراجعا تاريخيا تسببت فيه جائحة الكورونا التي لم تكن البلاد مستعدة بما يكفي لمجابهتها لا على المستوى الاقتصادي ولا على المستوى الاجتماعي ،هذا الظرف الدقيق الذي اعلن عنه البنك المركزي صراحة ستكون له انعكاسات سلبية على البلاد وتستوجب قياس المخاطر المحدقة بها وتوفير الآليات العملية والظروف الفنية لتجاوزها وحتى لا يزداد الوضع تعقيدا وحدة.
كما توقع البنك المركزي انخفاضًا حادًا في القيمة المضافة في قطاعات الخدمات والتصنيع والطاقة في السوق، وبدرجة أقل في قطاع الفلاحة، مع اتساع عجز الميزانية إلى 3847 مليون دينار سجلت في نهاية جوان المنقضي، مقابل 2464 مليون دينار سنة 2019 بسبب الانخفاض الكبير في إيرادات الدولة ، و الزيادة في نفقات التشغيل، وكتلة الاجور .
صدمة عنيفة
تلقى الاقتصاد الوطني ضربة موجعة وصدمة عنيفة داخلية وخارجية تسبب فيها الحجر الصحي الذي تم فرضه لمواجهة حائحة الكوفيد 19 حيث سرحت أعداد كبيرة من المؤسسات عمالها وتراجع الطلب الخارجي على المنتجات المحلية،كما تقلص عداد السياح الوافدين، وانخفضت تحويلات العمال المقيمين بالخارج، مما ادي الى  تراجع الطلب الإجمالي، وانخفاض مستوى الإنتاج تبعا لذلك.
ستكون لهذا الانكماش التاريخي المتوقع تسجيله انعكاسات خطيرة على العديد من القطاعات وستؤثر سلبا وبطريقة مباشرة على الاقتصاد الذي مازال موعد انتعاشه لم يحن بعد وكلما استفاق من نكبته قليلا إلا وصافحته ازمة جديدة تعيده الى مربع الصفر.
مما لا شك فيه ان هذا الانكماش الخطير سيؤثر سلبا على التشغيل حيث سيرتفع معدل البطالة  بسبب تسريح الشركات للعمال وعجز الاقتصاد عن خلق وظائف وفرص عمل جديدة، وهو ما سيصعب الامر على الحكومة القادمة التي ستجد نفسها في مواجهة اكبر نسبة بطالة تم تسجيلها منذ سنوات و ستواجه تحديات جسيمة على راسها محاربة شبح البطالة وآثاره السلبية على المستويين الاجتماعي والأمني والاقتصادي مما سيغير جدول اعمالها وموازين اولوياتها ويؤثر على موارد الميزانية التي اتسع عجزها بنسبة 36 ٪ أي ما يمثل من 3847 مليون دينار في نهاية يونيو 2020 ، مقابل 2464 مليون دينار في السنة الماضية ،حسب البنك المركزي.
تأثيرات جائحة كوفيد 19
أكدت توقعات البنك المركزي التي اثارت مخاوف عددة لدى الراي العام والفاعلين في المشهد الاقتصادي والنقدي ما ورد في الدراسة التي تم التي تم إنجازها بالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) بتونس ووزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، حول تأثيرات جائحة كوفيد 19 على الاقتصاد التونسي سنة 2020، والتي اكدت ان وباء كوفيد-19 سيؤدي في سنة 2020 إلىتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة -4.4 ٪، وانخفاض بنسبة -4.9 ٪ في إجمـــالي الاستثمــار، و-8 ٪ للاستهلاك الأسري والصادرات، مع انخفاض متوقع في الواردات بنحو -9.6 ٪.
هذه الدراسة التي نستعرض جزء منها بينت ايضا ان الحجر الصحي وانخفاض الإنتاج يؤديان إلى زيادة في معدل البطالة بـ 21.6 ٪ مقارنة بـ 15 ٪ حاليًا ، أي ما يقارب 274،500 عاطل جديد في عام 2020. ومن المتوقع أن يرتفع معدل الفقر المالي إلى 19.2 ٪ مقابل15.2 ٪ حاليًا. مما سيؤدي إلى انخفاض مستوى دخل حوالي 475.000 فرد ووضعهم تحت خط الفقر. وتُظهر عمليات المحاكاة التي تم إجراؤها في هذه الدراسة أن جائحة كوفيد-19 ستزيد من الهشاشة المالية لبعض القطاعات والنشاطات على غرار قطاع الصناعة (-29 ٪ من حجم الأعمال)، وقطاع السياحة (-23 ٪ من حجم الأعمال) وقطاع النقل(-19.6 ٪ من حجم الأعمال) وقطاع النسيج (-17.7 ٪ من حجم الأعمال).
عكس التوقعات
الأرقام الصادرة عن البنك المركزي التونسي مقلقة أيضًا بالنسبة لتوازنات الاقتصاد الكلي العالمي. مثل هذا الركود يقلل بشكل كبير من إيرادات الدولة الضريبية ويمكن أن يعرض قدرة الدولة على دفع الرواتب والمستحقات الاجتماعية ذات الصلة للصعوبات ، كليًا أو جزئيًا، وهو ما سيدفعها الى الاقتراض مجددا بنسب فائدة مرتفعة بعد ان ارتفعت نسبة مخاطر الاقتصاد الوطني الذي اجمعت كل وكالات التصنيف الدولية المعتمدة عن صعوبته.
سوء التصرف في المخاطر والحوكمة الرديئة كانتا وستظلان من بين الاسباب الرئيسية التي اثقلت كاهل البلاد وجعلتها تتراجع في كل سنة بنسب اعمق مما كانت عليه وكل سنة تكون المؤشرات سالبة وعكس التوقعات وقد كان للوباء الدور الرئيسي والمحوري في زيادة تعميق الوضع السيئ مما يستوجب مجهودات ضخمة وتقييمات لاحقة وجدية ومبنية على اسس علمية تقنية لا على مبدا الولاءات لمنع تكرار الاخطاء السابقة والاستفادة منها.

المشاركة في هذا المقال