Print this page

مع كل وفرة في الإنتاج : هل أصبح إتلاف المحاصيل عادة لدى الفلاحين أم وسيلة ضغط على الدولة لمراجعة سياستها تجاه القطاع

بعد ما ارتوت الأرض من الحليب الذي أراقه المربون على الطريق في منتصف هذا العام, تكرر نفس المشهد منذ يومين لفلاحي القوارص بولاية نابل وهم يتلفون المحصول على قارعة الطريق,احتجاجا على تراكم المحصول نتيجة غياب قنوات للبيع وللتسويق ومن الواضح

أن خيارات الفلاحين لإنقاذ إنتاجهم لم تجد سوى إتلاف المحصول وسيلة للاحتجاج والتعبيرعن رفضهم لسياسة الدولة تجاه القطاع.

عقد الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري اجتماعين متتالين يوم أمس مع وزارتي الفلاحة والتجارة من أجل إيجاد حلول للوفرة التي يشهدها قطاع القوارص, قال عماد الباي رئيس الاتحاد الجهوي الوطني للفلاحة والصيد البحري بنابل في تصريح «للمغرب» أن وزارة الفلاحة اقترحت التعاقد مع وزارات الدفاع والداخلية والتربية والتعليم العالي من أجل تزويدهم بالبرتقال في محاولة منها لتوفير مسالك توزيع جديدة للمنتوج . وبخصوص اجتماع الاتحاد مع وزارة التجارة ,فإن الاتحاد اقترح تسهيل الإجراءات على معمل سيدي بوزيد ليستعيد نشاطه من أجل امتصاص كميات مهمة من البرتقال المالطي وتحويلها إلى عصير ليقع تصديره للجزائر في ما بعد ,هذا فضلا عن القيام بحملات ترويجية للحث على استهلاك البرتقال قائلا أنها لن تكون حلولا جذرية ولكنها أخف الضررين.

في بلاغ لوزارة الفلاحة أصدرته منذ شهر أكتوبر توقعت فيه أن صابة القوارص لموسم 2016- 2017 ستكون قياسية وستبلغ حوالي 560 ألف طن.وستسجل زيادة تقدربـ47 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط 2016-2015 (380 ألف طن). وبالرغم من النظرة الاستباقية لوزارة الفلاحة حول صابة القوارص,إلا انه يبدوأنه لم يقع أخذ التدابير اللازمة من أجل ضمان حسن التصرف في المنتوج الأمر الذي دفع البعض من الفلاحين إلى إتلاف محاصيلهم احتجاجا على عدم بيع منتوجهم.

وقال عماد الباي أن صابة القوارص لهذا الموسم فاتت التوقعات ,حيث كانت توقعاتنا بإنتاج 560 ألف طن من القوارص في حين تشير المعطيات الآن إلى إمكانية وصول الصابة إلى 650 ألف طن في حين أن حجم السوق الاستهلاكية في تونس لا يتجاوز 350 ألف طن ولسائل أن يسأل عن مآل 300 ألف طن علما وأن سوق التصدير محدودة وضعيفة حيث يرتبط التصدير أساسا بالسوق الفرنسية وهناك بوادر لفتح السوق الروسية وتعزيز التصدير تجاه السوق الجزائرية خاصة بالبرتقال المالطي .

ويطالب عماد الباي الهياكل المعنية (وزارة التجارة و وزارة الفلاحة ) بإيجاد حلول جذرية للإشكاليات التي يعاني منها القطاع خاصة في ما يتعلق بالتسويق والترويج داعيا إياهم إلى ضرورة العودة إلى التصنيع بما سيفتح آفاقا أوسع لاستغلال القوارص (عصير, معجون),كما دعا محدثنا إلى إحداث أسواق إنتاج تقلص من احتكار الوسطاء ويخلق فرصا أوسع للتسويق.

وفي رد عن لجوء الفلاحين إلى إتلاف المحاصيل كوسيلة للاحتجاج مثلما حدث مع صابة التمور لسنة 2015 والحليب في 2016,قال الباي أن الفلاحين قاموا بإتلاف كميات كانت بطبعها كميات فاسدة غير صالحة للأكل بعد ماوقع عرضها للبيع لأيام ولن يقع شراؤها نظرا لوجود تخمة في المعروض وضعف في الإقبال وإتلاف المحصول لن يكن إلا صورة عن معاناة الفلاحين ولكن في الحقيقة كانت وسيلة ضغط لتسارع الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ المحصول والدليل هوالاجتماعات التي عقدت يوم أمس بين اتحاد الفلاحين و وزارة الفلاحة و وزارة التجارة مباشرة بعد صور البرتقال المتناثرة على الطريق التي تداولتها وسائل الإعلام .

من المفارقات التي تعيشها تونس هي وفرة في الإنتاج يقابلها ارتفاع في الأسعار بالرغم من أن القاعدة تقول أن الوفرة تجعل الأسعار في متناول الجميع ,حيث تعرف أسعار القوارص ارتفاعا في الأسواق بالرغم من وفرة المنتوج ويقول الباي في هذا الشأن أن تكلفة البيع لا تغطي تكلفة الإنتاج حيث تبلغ تكلفة الكيلوغرام الواحد من الكليمنتين على الفلاح بـ 500 مليم في حين يتم بيعه حاليا ب 300 و200 مليم ولا يوجد من يشتري الكميات الكبيرة خاصة مع وفرة الإنتاج ولكنها تصل إلى المستهلك النهائي في بعض المناطق بـ 1300 مليم الأمر الذي يكشف ضعف هياكل المراقبة لمسالك التوزيع على حد تعبيره.

المشاركة في هذا المقال