يتواصل الاحتقان حول طريقة دفن هيئة الحقيقة والكرامة لرفات ضحايا معركة جبل اقري: جمعيات حقوقية ومدنية بتطاوين تصف الأمر باللاّانساني و تطالبها بالاعتذار

مع بدء العدّ التنازلي لانتهاء مهامها فإن هيئة الحقيقة والكرامة تحاول استكمال الحدّ الأقصى من المطلوب منها

خاصة وأنه بتاريخ 31 ديسمبر الجاري ستقدم تقريرها الختامي للرئاسات الثلاث فهي حريصة على أن يكون ثريا من حيث الكمّ دون الانتباه أحيانا إلى الكيف وأهمية الحدث وما يتطلبه من ترتيبات مسبقة نظرا لقيمته الرمزية ومساهمته في ردّ الاعتبار للضحايا مثلما حدث في ملف معركة جبل اقري بولاية تطاوين إذ قامت الهيئة بتنظيم موكب ليلي لدفن رفات ضحايا تلك الحادثة بتعلّة قرب انتهاء مهامها وضيق الوقت،خطوة وصفت بالمتسرعة الأمر الذي أثار غضب أهالي الجهة وعدد كبير من الجمعيات أصدرت بيانا مشتركا عبرت فيه عن استنكارها لهذا التصرّف من هيئة الحقيقة والكرامة.

ملف ما يعرف بمعارك جبل اقري من معتمدية قرماسة التابعة لولاية تطاوين تعود أطوارها إلى شهري أفريل وماي من سنة 1956 والتي أدت إلى استشهاد عديد المقاومين المطالبين بالاستقلال التام في ذلك التاريخ وتركت جثثهم ملقاة دون تكريمهم بدفنهم ولم يتمكن ذووهم من استخراج شهائد وفاة لهم.

«اهانة للشهداء»
أكثر من ستين سنة مرّت على معركة جبل اقري وعندما فتحت هيئة الحقيقة والكرامة هذا الملف عاد الأمل إلى العائلات في أن يتم تكريم ذويهم بتنظيم موكب دفن لرفاتهم يليق بهم وبما قدموه من تضحيات وذلك في إطار ما يسمى بردّ الاعتبار،ولكن هذا الأمل سرعانما تبخّر بل تحوّل إلى حسرة وغضب في صفوف أهالي ولاية تطاوين،علما وان موكب الدفن «المتسرّع والمهين» الذي نظمته الهيئة غابت عنه السلطات المحلية احتجاجا منهم على الأمر مما خلّف استياء في صفوف الأهالي وكذلك عدد كبير الجمعيات الحقوقية والمدنية بتطاوين التي أصدرت بيانا مشتركا وصفت فيه ما قامت به هيئة الحقيقة والكرامة «بالممارسة الخارقة لجميع المعايير الإنسانية وأنها إهانة للشهداء الأبرار ولأهالي المنطقة»،علما وان موكب الدفن المثير للجدل شارك فيه المجلس البلدي بتطاوين وهو ما أثار حفيظة الجمعيات التي أوضحت في بيانها الذي وجّهت نسخة منه إلى والي الجهة أن الأهالي لم يتغافلوا يوما عن معركة اقري وكان همهم الوحيد بعد الثورة هو تكريم شهدائهم وردّ الاعتبار لهم عن طريق دفنهم بطريقة مشرّفة والاعتراف بهم وطنيا ودوليا لما شهده تاريخ هذه الجهة من مغالطات وفق نصّ البيان، ولكن هيئة الحقيقة والكرامة يبدو انها على قدر ما تمعّنت في التقصي والبحث عن حقيقة معركة جبل اقري إلاّ أنها تسرّعت في الخطوة الأخيرة والتي لها رمزية اكبر وهي تكريم الضحايا وردّ الاعتبار لهم،وما زاد الطين بلة تعليل الهيئة لما قامت به بضيق الوقت.

«جنازة رسمية»
حالة الاحتقان التي خلّفتها هيئة الحقيقة والكرامة بولاية تطاوين على خلفية الموكب «المهين» لدفن رفات شهداء معركة جبل اقري سيبقى نقطة من بين النقاط السوداء الموجودة في سجلّها في انتظار ما سيكشف عنه تقريرها الختامي وما إذا كانت قد نجحت في الوصول بسفينة العدالة الانتقالية إلى المكان الصحيح ولو أن مشوار الانتقال الديمقراطي لا يزال طويلا ولا ينتهي بانتهاء الهيئة.الجمعيات المدنية والحقوقية بولاية تطاوين طالبت في بيانها المشترك هيئة الحقيقة والكرامة بضرورة تقديم اعتذار رسمي على الجرم الذي اقترفته في حقّ الشهداء والأهالي،كما طالبت بمحاسبة كلّ من ساعد وساهم في العبث برفات الضحايا ودفنهم تحت جنح الظلام،الى جانب المطالبة بجنازة رسمية مسيّرة على مدافع الجيش الوطني لكلّ شهداء الاستعمار وتكريم عائلات اسر الشهداء وفق نصّ البيان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115