استبعد المحلل السياسي توفيق شومان اللبناني في حديث لـ«المغرب» إمكانية ان يشهد شهر سبتمبر نشاطا لتشكيل الحكومة اللبنانية أو دعوة لجلسة نيابية لإنتخاب رئيس للجمهورية. وحذّر من إمكانية دخول لبنان في مرحلة «فوضى دستورية» جديدة . وأوضح انه بحسب الدستور اللبناني لا يمكن سحب التكليف من الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة. وقال شومان ان تحديد مهلة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة يفترض اعتماد حكومة اكثرية لا حكومة توافقية ، واعتماد نمط حكومة الأكثرية يقتضي التفاهم والتوافق على شكل الحكم والنظام .
• اولا كيف هو الوضع في لبنان ؟
بصورة عامة بعد ثلاث سنوات من شبه الانهيار الشامل الذي يعيشه لبنان لا يوجد على الاطلاق أي مؤشر يدفع الى التفاؤل ، فوفقا للأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية وربما الأمنية لا يوجد أي مؤشر على اقتراب الخلاص لأن القوى السياسية اللبنانية لم تقدم الى غاية الآن على اتخاذ اية خطوة إجرائية يمكن ان تبشّر اللبنانيين وتؤشر لوضع حد معين لحالة الانهيار التي يعشها اللبنانيون منذ ثلاث سنوات . وهناك حديث في بيروت حول رعاية إقليمية ودولية لمؤتمر حوار وطني قد يفرز على الأقل نوعا من الحد الأدنى للتوافق السياسي الذي يمكن ان تستتبعه مجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية . وقبل ذلك لا اظن بانه يمكن الحديث عن خطوة معينة تبشّر اللبنانيين باقتراب الخلاص. على العكس من ذلك هناك يأس ونوع من الإحباط نتيجة غياب الحلول التي كان من المفترض ان تأتي عناوينها مباشرة بعد الانهيار الذي ضرب لبنان قبل ثلاث سنوات . لبنان في المرحلة المقبلة سوف يعيش أزمتين كبيرتين على غاية من الخطورة ، الأولى تتعلق بمسألة تشكيل الحكومة اللبنانية ، اذ ليس هناك مؤشر لقرب لتشكيل حكومة تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية بعد مغادرته للقصر الجمهوري في أواخر الشهر المقبل . والمسألة الثانية هي خلو سدة الرئاسة نتيجة العجز السياسي عن اختيار رئيس وبانتخاب مجلس النواب لرئيس جديد. واعتقد ان هذين العاملين يمكن ان يؤثرا سلبا او ان يجلبا مزيدا من السلبية للواقع السياسي والاجتماعي اللبناني لذلك نحن في مشهد بغاية السلبية .
• الى اين يسير الوضع في علاقة بالاستحقاق الرئاسي ومن أبرز المرشحين؟
هناك نوع من الغموض المرتبط بالاستحقاق الرئاسي وهو ناتج عن مواقف تصدر من الحين والآخر عن رئيس الجمهورية عماد عون وصهره وزير الخارجية السابق . كما يوجد غموض من جهة أخرى حول ما اذا كان الرئيس سيغادر القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته في أواخر الشهر القادم . والتصريحات المنقولة عن رئيس الجمهورية تقول بانه لدى رئيس الجمهورية علامات استفهام حول تسليم صلاحياته للحكومة الحالية وبالتالي طالما ان الحكومة لم تشكل حكومة ما بعد الانتخابات فهذا يعني انه لا يمكن ان تنتقل اليها صلاحيات رئيس الجمهورية . ويقف اللبنانيون اليوم أمام معضلة اجتهادية دستورية تؤدي كلها على الأقل الى توقع عدم خروج رئيس الجمهورية في لحظة انتهاء ولايته . وهذا بحد ذاته بربك الواقع السياسي اللبناني ويؤدي الى حالة اصطفاف . في حين ان الدستور اللبناني في مادته 62 يقول أنه في حالة خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة الى رئيس الوزراء .
• ما مدى المخاوف اليوم من التصعيد العسكري مع إسرائيل؟
يرتبط الوضع في الجنوب اللبناني بنوع من الحذر الشديد مع تعقد عملية ترسيم الحدود . كان اللبنانيون ينتظرون أجوبة الموفد الأمريكي لكنه جاء بأسئلة اخطر ومنها الطلب «الإسرائيلي» بوضع نقطة حدودية داخل منطقة رأس الناقورة. وخطورتها في انها تعطي لـ«اسرائيل» مزيدا من المساحة البحرية وتحدد الحدود مع لبنان بالقوة .وبالتالي تقتطع من الأراضي اللبنانية برا لان علامة الحدود سوف يتخذها الإسرائيليون ذريعة لتوسيع المساحة البحرية والبرية وهو عرض خطير جدا . ولكن المعلومات المستقاة من الوفد السياسي اللبناني تتحدث عن ان بيروت لن توافق على مثل هكذا خطوة . ويبدو بصورة عامة بان مرحلة ما قبل الانتخابات الاسرائيلية المقررة في نوفمبر فيها من الصعوبات التي تحول دون التوصل الى ترسيم حدود مع لبنان . وبذلك يعمل «الإسرائيليون» والأمريكيون على نوع من المماطلة وتأجيل الترسيم الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وربما الى ما بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة . وهذا سيؤدي الى تأجيل عملية التوقيع على الترسيم الى السنة القادمة . وهناك مخاطر من تدهور أمني ما لكن لا يوجد في بيروت حديث عن حرب شاملة ، وقد تقع مواجهة محدودة وفي حالة حدوث ذلك فان الأمور ستبقى تحت السيطرة ودون الانفلات نحو حرب كبرى على غرار ما شهده لبنان في جويلية 2006 .