سينما الريف لجمعية فن المكناسي: قرى النصر والمش والغريس والمبروكة تتنفس سينما

ينحتون في صخر التهميش ليصنعوا عالمهم الإبداعي المتمرد الشبيه بارادة قوية تسكنهم، شباب احبوا السينما واحبوا اريافهم وقرروا

ان يكونوا اصوات الحرية والنداءات المتكررة بالحق في الثقافة في جهتهم، لم يقفوا خانعين امام البيروقراطية الادارية ولا الظلم الجغرافي والتهميش السياسي وانعدام رؤية ثقافية واضحة في دواخل البلاد وقرروا الحلم وتشاركوا في فكرة تحقيق احلامهم وكان لهم ذلك من خلال تظاهرة «سيني ريف» التي ستحتضنها مدينة المكناسي وقراها تحديدا النصر والمبروكة والغريس والمش.

من العدم انطلقت التجربة، مجموعة من الاصدقاء الذين يحبون السينما وهم شغوفون بالفرجة في الافلام، قرروا ان تكون مدينتهم المكناسي وجهة سينمائية لها جمهور يتذوق السينما ويستطيع المشاركة في حلقات النقاش، في العام 2016 كان الحلم صعب التحقيق انذاك فاغلبهم تلاميذ ثم طلبة قبل ان يقرروا بعث جمعية لتسهيل نشاطهم الفني، جمعتهم السينما لتكون وسيلتهم ليدافعوا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمدينة المكناسي واريافها ومن هذه الرغبة ولدت جمعية «فن في المكناسي» لتكون بديلا ثقافيا وفكريا وابداعيا يدافع عن المهمشين ويدعو إلى ضرورة المساواة في الحقوق الثقافية بين ابناء الوطن الواحد.

تطورت التجربة وكبر معها الحلم وكانت اولى انشطة الجمعية تأسيس فرقة موسيقية «باتري باند» جابت قرى المكناسي لتقدم عروضا موسيقية للأطفال وتعرض لهم الافلام في الساحات العامة وفي أماكن اجتماع سكان القرى، ثم ولد مهرجان «سينما ريف» اول مهرجان سينمائي بصبغة ثقافية وثورية في المكناسي، المهرجان في دورته الاولى كان عام 2018 وقدم عروضا سينمائية في المقاهي التي تحولت الى قاعات سينما طيلة اسبوع من شهر ديسمبر، وكانت العروض في قرى النصر والمبروكة والمش والمكناسي، لقاءات مع الاهالي وجمهور من الاطفال ونقاشات حول الافلام وصناعها وقد عرضت انذاك افلام تتماشى مع البيئة والجغرافيا والتاريخ الذي يميز المكناسي، افلام ذات نفس ثوري تدعو الى تحقيق العدالة الاجتماعية.

وتتواصل مراحل تشييد الحلم السينمائي والعمل على تحقيقه، مع جمعية فن في المكناسي يتواصل تعبيد طريق الابداع في ربوع المكناسي واريافها ليطفئ مهرجان السينما في الريف شمعته الثالثة هذا العام من 6الى 10سيبتمبر 2021 في المكناسي والنصر والغريس والمبروكة والمش قرى أصبحت لها ثقافة سينمائية بفعل مداومة الجمعية على عرض الافلام، و»سيني ريف» لهذا العام ينجز بدعم من تفنن تونس الابداعية وبالشراكة مع مركز الفنون الركحية بسيدي بوزيد وجمعية البديل الثقافي.

الدورة الحالية تختلف عن الدورات السابقة لنضج تجربة ابناء الجمعية والمشرفين على المهرجان كذلك عدد المشاركين من ابناء الجهة في انجاز الافلام، في «سينيريف» ستكون للجمهور لقاءات مع ثلاثة فروع هي «سينيريف الوثائقية» و»سينيريف مرافقة» و»سينيريف اطفال»، تخمة سينمائية تجوب قرى المكناسي لمواصلة الدفاع عن الحق المشروع «الثقافة للجميع».

وطيلة العام 2020 اثناء التحضير للدورة الحالية قدمت الجمعية مجموعة من الورشات لابناء الجهة المولعين بالسينما خاصة ورشة تصوير الفيلم الوثائقي وقد أشرف عليها المخرج صاحب العين الوثائقية المختلفة ونصير المهمّشين والهامش عبد الله يحيى، واختتمت التجربة بانجاز ثلاثة اشرطة وثائقية من اخراج ابناء المكناسي هي «شكلاطة» لصفاء المش و»قرية الذكور» لنادين فندولي و»ابحث عني»لايهاب ابراهمية وزكرياء المش، والافلام ستعرض ضمن فعاليات المهرجان وهي نابعة من واقع المنطقة، فالمؤطر ترك للمشاركين حرية اختيار الموضوع فكان واقعهم افضل سيناريو سينمائي يوثقونه واختاروا الكاميرا لتكون صوتهم على غرار فيلم «شكلاطة» ويسلط الضوء على حومة شكلاطة في المكناسي والفيلم وعاء لتقديم مشاكل الحي الاقتصادية والاجتماعية وفرصة ليعرف المتفرج القليل عن الحي كما تقول صفاء المش احدى المشاركات في اخراج الفيلم، عن التجربة تقول صفاء المش « في المكناسي ليس من السهل حمل الكاميرا والتصوير، التجربة كانت جريئة وجميلة، تجربة مختلفة وممتعة تعلمت من خلالها كيفية مسك الكاميرا والمونتاج وكيفية تصوير فيلم وثائقي»، وفي السياق ذاته يقول ايهاب ابراهمية «تعلقت بالسينما منذ سنوات، شاركت في سينما الريف في دورته الاولة، كبر الغرام وبدا الناس هنا يقبلون فكرة التصوير في الشارع ووعرض الافلام، رغم العديد من الصعوبات لازلنا نحلم ونحن متمسكون بحقنا في السينما».

«سينما الريف» المهرجان المقاوم، لبنة تاسيسية ينحاز الى النساء ويدافع عن حقوقهن، منذ بدايات جمعية الفن في المكناسي وهم يريدون ان يكون للمراة موقعها في المشهد الثقافي خاصة السينمائي، في الدورة الاولى كانت المشاركة النسوية منحصرة في وئام قاسمي وغفران قمودي كانتا الاكثر جرأة واستطاعتا ان تكونا ضمن فريق العمل، ومع تقدم السنوات اصبح الحضور النسوي في الاخراج ايضا اذ تشارك في هذه الدورة التلميذة نادين فندولي عن قرية النصر بفيلم «قرية الذكور» والفيلم «هو صوتي وصوت اغلب النساء والفتيات في قريتي، اردت ان يكون الفيلم تعبيرة عن معاناة المراة في الارياف، وصوت حريتها من العقلية المجتمعية» حسب تعبيرها، وتضيف نادين الفندولي «استطعنا تاسيس نادي سينما في قرية النصر، ولاول مرة نتحدى المجمتع ونكون فريقا مختلطا والاكثر روعة أنّ كانت القائدة امراة».

بالاضافة الى ورشة الفيلم الوثائقي قدمت الجمعية ورشة إدارة التظاهرات والمشاريع الثقافية وقدمها حمدي المجدوب بالاضاة الى ورشة المونتاج مع رافي قمودي، ويحسب لجمعية فن المكناسي دفاعها الدؤوب عن حق القرى في السينما وبعد نداءات متكررة انجاز مشروع «كيم» في قرية النصر وتمّ بموجبه افتتاح فضاء مغلق منذ العام 1995 ليكون اول فضاء ثقافي في قرية النصر وانجز المشروع بالشراكة مع جمعية الانشطة الثقافية واحياء التراث بقرية النصر والجمعية البيئية وهو ممول من طرف المعهد الالماني «برنامج حومتك» والكيم انتصار اخر لثقافة حقوق الانسان والحقوق الثقافية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115