بعد مرور 61 سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية لا تزال المرأة تضئ كبائعة علب الكبريت أعواد ثقابها لتعيش حلما ورديا بغد أجمل تكبر فيه الطموحات ويرتفع فيه سقف الحقوق والمكاسب... ولا شك أن مصادقة مجلس نواب الشعب قبل أسابيع قليلة على القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة لهو دليل على تحدي المرأة للصعب والمواصلة على نفس الدرب.
في انتظار خطاب رئيس الجمهورية اليوم، الذي قيل عنه إنه «سيكون بمثابة فتح آفاق للمرأة التونسية... نرجو ألاّ يضيع صوت المرأة في الزحام في خضم الاحتفالات الرسمية والبروتوكولات الشكلية... ولا بأس أن يكون التكريم هذه المرة للمهمشات ،للكادحات، للريفيات، للأميّات ...للنساء خارج دائرة اهتمام الشاشات والكاميرات.
إن المرأة الجديرة بالتكريم والتي يليق بها التوسيم هي أم الشهيد التي قدّمت ابنها قربانا للموت في سبيل الوطن وزغردت بعين دامعة حين بلغها الخبر ...في عيد المرأة أم ثكلى تدعى «زعرة السلطاني» فقدت ولديها بجرّة سكين غادرة فانشطر قلبها إلى نصفين لتحيا بلا ولدين بوجعين...
في ريفنا نساء يسابقن الشمس في البزوغ في ملاحقة لقمة العيش المرّة الممزجة بالعرق وبالدم أحيانا... بلى بالدم ! فقد قصف لغم بحياة «خيرة» و» شريفة» في جبال القصرين حيت تقطف النساء الإكليل وتقتلع الحلفاء... وكم مرّة سال دم العاملات الفلاحيات بعد انقلاب الشاحنات التي تنقلهن إلى الحقول والضيعات البعيدة كما تنقل البضاعة لا البشر !
في بحارنا نساء حانيات القوام، مقوّسات الظهر يلتقطن المحار من أعماق البحار مقابل أزهد الأثمان !
وفي كل ربوعنا حرفيات كادحات وفيّات لصنعة الأجداد حتى لا يندثر التراث وتستلب الهوية رغم الفقر والتهميش !
في بلادنا أسواق للمتاجرة بفتيات في عمر الزهور في تحويل جائر لوجهتهن من تلميذات بالمدارس إلى معينات منزليات !
على مسارحنا فنانات يغنين للحياة ويهبن الفن وينتصرن للجمال والسلام... رغم الجحود والوعيد والترهيب !
في وزاراتنا وجامعاتنا ومؤسساتنا... نساء يناضلن كل يوم من أجل استحقاق المراتب العليا شأنهن شأن الرجال وقد تفوّقن كفاءة وجدارة لكن نظرة الاستنقاص لم تنصفهن!
في عيدها الوطني لا تشحذ المرأة عطفا ولا كرما بل تطالب بحقوق مشروعة وتستفهم عن استحقاقات مؤجلة وتسأل عن أحلام قيد التأجيل ...
ومن عيد آفل إلى عيد آت، يتواصل نضال «التونسية» سليلة الكاهنة التي لا تعرف الاستسلام وحفيدة علّيسة التي لا تعرف الانكسار...