بعد مرور سنة على دخول القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلّق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين (الجزء الثاني والأخير) أي تفعيل للإبلاغ عن الفساد ولحماية المبلّغين

بقلم: محمد العيادي
المستشار بالمحكمة الإدارية وعضو مجلس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد

نشرنا أمس الجزء الأول من هذه الدراسة القيمة للأستاذ محمد العيادي وقد خصص المحور الأول لـ «ضمانات الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين» وننشر اليوم الجزء الثاني والأخير ومحوره «أي تفعيل لمنظومة التشجيع على الابلاغ وحماية المبلغين».

• المحور الثاني: أيّ تفعيل لمنظومة التشجيع على الإبلاغ وحماية المبلّغين:
- في الحاجة إلى نصوص تطبيقية وتفسيرية:
إنّ من أوكد موجبات تفعيل التبليغ عن الفساد والتشجيع عليه وحماية المبلّغين المسارعة بإصدار النصوص التطبيقية التي نص عليها القانون عدد 10 بصفة صريحة وفي مقدّمتها الأمر الحكومي الوارد ذكره بالفصل 3 من ذات القانون والذي اقتضى أن: «تمنح للهياكل...التي تستجيب للممارسات الفضلى المتعارف عليها وطنيا ودوليا في مجال التوقّي من الفساد ومنع حدوثه حوافز تضبط شروط وإجراءات إسنادها بمقتضى أمر حكومي».

أمّا النص التطبيقي الثاني المحتاج إليه فهو الوارد ذكره صراحة بالفصل 29 من القانون والمتعلّق بتحديد آليات ومعايير إسناد المكافأة المنصوص عليها بالفصل 28 والتي تسند للمبلّغين الذين أدّى إبلاغهم إلى الحيلولة دون ارتكاب أيّ من جرائم الفساد في القطاع العام أو في اكتشافها أو اكتشاف مرتكبيها أو البعض منهم أو استرداد الأموال المتأتية منها.
وهذان النصّان على أهميتهما وتأثيرهما على مستوى فاعلية ونجاعة التشريع الخاص بالإبلاغ لم يصدرا بعد بالرغم من مرور سنة كاملة على صدور القانون ورغم النداءات الصادرة من هنا وهناك لدفع الحكومة إلى إصدارهما وجعلهما يريان النور، ذلك أنّ تفعيل حماية المبلّغين تتطلب من جميع الهياكل العمومية المنصوص عليها بالفصل 2 من القانون احترام الواجبات القانونية المحمولة عليها على غرار واجب البحث والتقصي بالجدية المطلوبة في الإبلاغات عن حالات الفساد المحالة من الهيئة على الهيكل الإداري المختص المعيّن بها، فضلا عن واجب الإنصياع لقرارات إسناد الحماية والإمتناع عن مضايقة المبلّغ والتنكيل به بأيّ شكل من الأشكال كردّ فعل عن إبلاغه عن الفساد، ولا شك أنّ من شأن إصدار النصّين التطبيقين المذكورين سلفا وغيره من النصوص التطبيقية الأخرى والتي لئن لم يتمّ التنصيص عليها صراحة بالقانون غير أنّها باتت هي الأخرى لازمة لتوضيح بعض الغموض الوارد في جوانب عدّة من أحكامه ولتيسير تطبيق البعض الآخر منها.
وما من شك كذلك أنّ الهياكل الإدارية العمومية التي أبدت تعاونا وامتثالا واضحا لمقتضيات القانون تكون قد أتت بصنيعها الإيجابي ممارسات فضلى على المعنى المقصود بالفصل 3 من القانون، ومن شأن تشجيعها بإسنادها مكافآت تساعد على حثّها وتشجيعها، فضلا عمّا سيمثّله ذلك من حافز لبقية الهياكل المتردّدة أو الممتنعة عن التعاون، وهو نفس الأثر الذي سيتركه إسناد المكافأة المنصوص عليها بالفصل 28 من القانون في شخص المبلغ الذي أدّى إبلاغه إلى الحيلولة دون ارتكاب أيّ من جرائم الفساد في القطاع العام أو في اكتشافها أو اكتشاف مرتكبيها أو البعض منهم أو استرداد الأموال المتأتية منها، لذلك جاز القول أنّ إصدار النصّين التطبيقين سالفي الذكر على الأقل سيساعد بصفة مباشرة على التأسيس لمنظومة ناجعة وفعالة في مجال التشجيع على الإفصاح عن الفساد وحماية المبلّغين عنه.

وفضلا عن الحاجة الملحة للنصّين التطبيقيين المنصوص عليهما صراحة بالقانون فقد برزت اليوم ضرورة إلى سن نصوص ترتيبية أخرى تضمن تبسيط بعض الأحكام وتضمن سلاسة التطبيق والتنسيق بين الجهات المتدخلة في هذا الشأن على غرار ضبط تدابير السلامة ومختلف إجراءات الحماية الجسدية والمعنوية التي يمكن أن تتضمنها قرارات الحماية الصادرة عن الهيئة عند الاقتضاء، ذلك أنّ مجمل هذه التدابير والإجراءات تفترض تدخل جهات قضائية وإدارية وأمنية لتجد مكانا للإنطباق على أرض الواقع، فليس للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الوسائل القانونية والمادية التي تمكّنها من توفير الحماية الشخصية والجسدية لأحد المبلّغين ولا هي بإمكانها لوحدها توفير مقتضيات هذه الحماية في غياب مشاركة السلطات العمومية المختصة، ولا يتصوّر البتّة أنّه في غياب نص ترتيبي قد يأخذ شكل المنشور أن تتمكن الهيئة المذكورة من توفير حماية أمنية لصيقة لأحد المبلّغين بمجرّد مكتوب أو مراسلة يوجّهها رئيسها إلى الجهات الأمنية المختصة، كما ليس لذات الهيئة ما يسمح لها بالإذن لمشغّل المبلّغ بنقلته من مكان عمله في صورة ما اقتضت ضرورات الحماية إقرار تلك النقلة لفائدته فضلا عن الضرورة الملحة إلى بعض النصوص الترتيبية والتفسيرية التي من شأنها تبسيط تطبيق بعض أحكام القانون وتضمن تيسير وتنسيق الأعمال بين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وسائر الأجهزة والهياكل العمومية المكلّفة بتلقي إحالاتها والبحث فيها داخل الآجال القانونية المقرّرة، علاوة عن الحاجة إلى منشور يتمّ بموجبه تحديد المنظومات الإلكترونية الرسمية المخصّصة لتقبّل الإبلاغات، وهي منظومات أقرّها الفصل 10 من القانون، فضلا عن الضرورة إلى ضبط إجراءات تكليف وتسخير المحامين كلما اقتضت الضرورة تمتيع المبلّغ بالإعانة العدلية وبالإعانة القضائية لدى المحكمة الإدارية في خصوص الدعاوى التأديبية أو القضائية المثارة ضدّه أو تلك التي يقوم بإثارتها هو والمرتبطة بإبلاغه عن الفساد، ولربّما يتّجه كذلك في هذا الإطار استصدار أدلة إجراءات للأعوان العموميين المكلّفين بتطبيق أحكام هذا القانون لتجاوز مثل كل الإشكاليات والصعوبات التطبيقية التي تثار في هذا المجال، كإنشاء مركز للإرشاد القانوني والنفسي للمبلّغين ترصد له الإمكانيات البشرية والمادية لمساندة المبلّغين.

- في بقاء بعض أحكام القانون غير نافذة:
أفرز الواقع والتطبيق أنّ بعض أحكام القانون لا تزال معطّلة أو غير نافذة كليا أو جزئيا على غرار الأحكام الواردة بالفصل 7 منه والتي اقتضت أنه:» يتعيّن على كل هيكل عمومي خاضع لأحكام هذا القانون تحديد الهيكل الإداري المختص داخله يتلقى الإبلاغ عن شبهات الفساد المحالة إليه من قبل الهيئة والبحث فيها. ويشار إليه بـــ «الهيكل الإداري المختص».
فقد تبيّن بالإطّلاع على البلاغات والتصريحات الإعلامية الصادرة عن الهيئة ورئيسها أنّ نسبة استجابة الهياكل العمومية من جهة التزامها بتحديد هذا «الهيكل الإداري المختص» لا تزال ضعيفة ودون المأمول، ذلك أنّ الإحصائيات الرسمية المستقاة في هذا الشأن تشير إلى أنّ 78 هيكلا عموميا فقط من مجموع الهياكل المعنية راسلت الهيئة كتابيا وأفادتها بتحديد «الهيكل الإداري المختص» لتلقي الإحالات من الهيئة وذلك من مجموع ما يقارب 1000 هيكل عمومي تقريبا مشمول بهذا الواجب.

فضلا عن ذلك، فقد ثبت من قائمة الهياكل العمومية المستجيبة لهذا الواجب أنّها تضمّنت 8 وزارات فقط علاوة على رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، في حين تخلّفت بقية الوزارات عن هذا الواجب القانوني، كما تبرز القائمة أنّ 6 ولايات فقط من مجموع 24 ولاية من ولايات الجمهورية قامت بتحديد «الهيكل الإداري المختص» داخلها، فيما اقتصر عدد البلديات المستجيبة على 8 بلديات فقط، فضلا عن تسجيل عدم امتثال مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء وجميع الهيئات القضائية والهيئات الدستورية المستقلة والهيئات العمومية ومؤسّسات القرض والمؤسّسات المالية العمومية وعلى رأسها البنك المركزي التونسي لهذا الواجب والحال أنّ جميع هذه الهياكل مشمولة به بصريح الفصل 2 من القانون وملزمة بتحديد «هيكل إداري مختص»، هذا علاوة عن تسجيل غياب تامّ لمؤسّسات القطاع الخاص والتي تتمثّل بصريح ذات الفصل في المؤسّسات والهياكل التي لا تعود ملكيتها إلى الدولة بما في ذلك الشركات والجمعيات والأحزاب وأشخاص القانون الخاص التي تسيّر مرفقا عاما، وهي كلها مؤسّسات متخلّفة بدورها عن تحديد «الهيكل الإداري المختص» بها وهو ما يعدّ خرقا واضحا لأحكام الفصل 3 من القانون التي اقتضت أنّه :»يتعيّن على الهياكل العمومية اتّخاذ جميع التدابير والإجراءات الضرورية لحسن تنفيذ هذا القانون بما يضمن شفافية عمل الإدارة وإرساء مبادئ النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد»، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول مدى تفعيل أحكام القانون والحاجة الملحة بعد مرور سنة كاملة عن دخولها حيّز النفاذ إلى مزيد

الوعي والتحسيس بمقتضياتها بغاية تعزيز نظام حماية المبلّغين وتوسيع إمكانيات وقنوات التبليغ، والدعوة موجّهة اليوم إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لنشر قائمة الهياكل العمومية المستجيبة منها والمتخلّفة لدى العموم فيا يتعلّق بتحديد الهيكل الإداري المختص لاستحثاث نسق هذا التعيين باعتباره الحلقة الأولى والأهم في مسار تفعيل نظام التبليغ عن الفساد.
كما يتعيّن على الهيئة إحاطة العموم بالإشكاليات والعراقيل التي تعترضها على مستوى التعاون والتجاوب مع الهياكل العمومية في مجال البحث والتقصي في حالات الفساد وذلك من خلال نشر المعطيات الدقيقة حول الجهات والهياكل التي أبدت تراخيا أو تباطؤا في التقيد بمقتضيات القانون وفي الامتثال لها.

كما ثبت من جهة أخرى، أنّه وحتى في صورة مبادرة بعض الهياكل العمومية بتحديد «الهيكل الإداري المختص» داخلها، فإنّ هذه الأخيرة كانت في بعض الحالات في شكل هياكل صورية لا تسمن ولا تغني من جوع لافتقارها لأبسط الإمكانيات والمقومات الهيكلية والوظيفية والبشرية التي من شأنها أن تمكنها من أداء مهامها بكل استقلالية ونجاعة وفي الآجال القانونية المقرّرة، والحال أنّ الفصل 8 من القانون اقتضى صراحة أنه :»على الهياكل العمومية تيسير عمل الهيكل الإداري المختص وذلك بتمكينه من الموارد المادية والبشرية الضرورية لأداء مهامه المنصوص عليها في هذا القانون وعدم التدخل في أعماله».

- في صعوبة تطبيق بعض أحكام القانون:
بالنظر للإمكانيات البشرية المحدودة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وأمام تنامي طلبات الحماية الواردة عليها، فإنّ أجل الثلاثة أيام الوارد بالفصل 21 من القانون والذي أقرّه المشرع كأجل أقصى لدراسة طلبات الحماية والبتّ فيها بالإيجاب أو السلب، أضحى أجلا بحكم قصره غير واقعي ولا يمكن بحال احترامه خاصة وأنّ المشرع أوجب على الهيئة تعليل قرارتها الصادرة برفض إسناد الحماية والمؤكد اليوم أنّ الأجل المذكور قد انضمّ إلى قائمة الآجال الإستنهاضية التي نجد لها مجالا للإنطباق في العديد من الصور المشابهة، علما وأنّ المشرع لم يرتّب أيّ جزاء أو أيّ إجراء يمكن أن يجد له مجالا للإنطباق في صورة تجاوز الأجل المذكور، وتساق نفس الملاحظة بالنسبة للأجل الممنوح للقاضي الإداري الإستعجالي للبتّ في الطعن المرفوع أمامه ضد قرار رفض الحماية أو رفضها الجزئي والصادر عن الهيئة، ذلك أنّ أجل السبعة أيام يعدّ هو الآخر غير واقعي وغير كاف للقاضي لتفعيل آلية المواجهة ولدراسة الطعن من جميع جوانبه توصلا لإصدار قرار قضائي في الشأن ولو كان ذلك طبق الإجراءات المعمول بها في مادة الأذون الإستعجالية.

- في الحاجة إلى مواءمة بعض القوانين السابقة مع قانون حماية المبلغين:
بالرغم من تنصيص الفصل 30 من القانون على أنّه:»في صورة تعرّض المبلّغ إلى إجراءات إدارية مهما كان صنفها يحمل على الهيكل العمومي أو المشغّل عبء إثبات أنّ التدابير التي ألحقت ضررا بالمبلّغ لم تكن بمناسبة التبليغ أو تبعا له»، بما يفيد أنّ المشرع عمد إلى قلب قواعد الإثبات وحمّلها على الهيكل العمومي أو المشغّل، فإنّ هذا الأخير نجده يتعامل إما بالصمت وعدم المبالاة تجاه ما يرد عليه من مراسلات صادرة عن الهيئة للفت نظره إلى مجمل التضييقات والممارسات التي كان المبلّغ محلا لها بفعل الإبلاغ الجدي، أو هو يتولى إفادة الهيئة بأنّ ما عمد إليه المبلّغ إنما يندرج تحت طائلة الإبلاغات الكاذبة والمجرّدة، والحال أنّ تقدير ذلك يخرج عن اختصاص المشغّل ويرجع للهيئة نفيه أو تأكيده، ليتمّ تبرير التتبّعات والملاحقات بسعي المبلّغ إلى الإساءة بالمؤسّسة وبالعاملين بها وبسمعتها أو بأنّ ما أتاه المبلّغ يندرج في الحقيقة والواقع ضمن مخالفة واجب التحفظ والمحافظة على السر المهني، كل ذلك مع إصرار من المشغّل على مواصلة إطلاق إجراءات التتبع الإداري والقضائي ضد المبلّغ رغم مطالبة الهيئة بتوقيفها ودون مراعاة لقرارات الحماية التي تصدر عنها، وهو ما يطرح الحاجة الملحّة إلى مواءمة بعض القوانين السابقة لأحكام القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلّق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين على غرار مجلة الشغل وقانون الوظيفة العمومية والتي لا تزال بعض أحكامها متعارضة مع القانون المذكور، ومن أبرز تجليّات هذا التعارض نورد ما يتعلق بواجبي التحفظ والمحافظة على السر المهني المحمولين على المبلّغ لما يكون أجيرا أو عونا عموميا.

- في الحاجة إلى الموازنة بين حماية المبلّغ وحماية المبلّغ عنه:
بقدر ما حرص المشرع على توفير منظومة قانونية تشجّع على الإفصاح على الفساد وتحمي المبلّغ من كل أشكال الإنتقام وردود الأفعال التي قد تلحق به نتيجة الإبلاغ أو تبعا له، فقد حرص بالتوازي مع ذلك على اشتراط عنصر حسن النية كشرط لاكتمال صفة المبلّغ دون أن يشمل ذلك كل من يدلي بمعلومات غير دقيقة بخطأ غير مقصود أو متعمّد، فضلا عن قصر اعتداده بالإبلاغ عن معلومات تستند إلى قرائن جدّية أو تبعث على الإعتقاد جدّيا بوجود أعمال فساد تبرّر الإفصاح والكشف عن مرتكبيها، ضرورة أنّ الغاية من سنّ أحكام القانون إنما هي المساهمة في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته في القطاعين العام والخاص ، وهي غايات لا تنسجم مع البلاغات الكاذبة أو الكيدية والتي هي مرغوب فيها وغير محميّة.

كما أنّ الإبلاغ ينظر إليه من جهة أخرى كواجب يستخدم في القيام بالإصلاحات الضرورية وهي أهداف تصبّ في مجملها في تحقيق المنفعة العامة دون المنفعة الشخصية القائمة على الإعتبارات الذاتية والدوافع الضيّقة التي لا علاقة لها بالمصلحة العامة، وعليه وكلما كان التبليغ هادفا إلى الإضرار بالغير دون وجه حق فهو مستثنى بصريح أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 19 من القانون من كل حماية علاوة على أنه يتحوّل إلى جريمة يعاقب مرتكبها بعقوبة بالسجن تتراوح بين سنة وخمس سنوات وبخطية مالية تتراوح بين ألف دينار وخمسة آلاف دينار مع الحرمان الآلي من التمتّع بالحقوق المنصوص عليها بالقانون عدد 10 لسنة 2017، على أن لا يحول ذلك دون تسليط عقوبات تأديبية بعنوان الإبلاغ بقصد الإضرار بالغير إذا كان المبلّغ عونا عموميا، كل ذلك مع الإقرار للمتضرّر من هذا الإبلاغ بحقّ اللجوء إلى القضاء لمطالبة الفاعل بجبر الضرر المادي والمعنوي الحاصل له .

والمؤكّد أنّه كلما كان التبليغ قائما على معلومات تمثّل قرائن جدية أو تبعث على الإعتقاد جديا بوجود أعمال فساد يقتضي الأمر كشف مرتكبيها دونما غايات جانبية قد تقوم على نية الإضرار بالغير دون وجه حق أو الرغبة في تصفية الحسابات الشخصية والمهنية، كلما كانت منظومة التشجيع على الإفصاح وحماية المبلّغين ناجعة وقابلة للإنطبـــــاق على أوسع نطاق وبالتالي محقّقة للأهداف المرجوة منها، ذلك أنّ كل انحراف عن الأهداف النبيلة من وراء سنّ هذه المنظومة قد يؤدّي إلى نتائج عكسية تضرب في العمق ثقة الأشخاص في الدولة وفي التشريع الصادر عنها وترتّب نتائج وخيمة على المؤسّسات والهياكل العمومية والخاصة، وهو ما يحمّل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومن بعدها هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مسؤولية دقيقة وخطيرة من جهة التيقظ والحذر المطلوبين في التعامل مع سائر الإبلاغات التي ترد عليهما توصّلا إلى دراستها بكل روية وتأنّي قبل إحالتها على الجهات القضائية والإدارية المعنية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115