لا يمكن أن تكون الحرب على الإرهاب مناسباتية ..ولا يمكن أن تكون أمنية فقط ...ولا يمكن أن تكون تقليدية... ولا يمكن التغافل عن الجانب الفكري العقائدي ..

هذه ثلاث قناعات رئيسية كانت في ذهنية كلّ المشاركين –حضورا أو محاضرين- في فعاليات الندوة العلمية الأولى لمركز البحوث والدراسات الأمنية التي انتظمت مؤخرا بالعاصمة بالتعاون مع الجامعة الخضراء والجمعية التونسية للإعلام الجغرافي الرقمي تحت عنوان « الحرب الالكترونية ضد الإرهاب:الواقع والحلول» بمشاركة الدكاترة والأساتذة والشيوخ : مازن الشريف.

منوّر الجمّالي فريد الباجي . بدري المدني . يسري بوعصيدة . فرح عبدولي . الحبيب حسن اللولب . خالد شوكات إبراهيم الشايبي .عبد القادر قحّة ونخبة من كوادر المؤسسة الأمنية في مختلف الإختصاصات.

الثابت أنّ أخطر التحديّات المحدّقة ببلادنا وغيرها هو التحدّي الإرهابي واستمرار نشاط الجماعات المتطرّفة لإستقطاب الشباب بشكل غير مباشر بعيدا عن أعين الإستخبارات وعيون المراقبة ولا شكّ أنّ الأنترنات هي أهمّ الأدوات لتحقيق مشروعهم كمدخل لغسل أدمغتهم واستقطابهم وتجنيدهم . فهذه الجماعات قد هيمنت على الساحة الرقمية مقارنة بغيرها من الجمعيات والمنظمات والشخصيات بمختلف رؤاها ممّا أوصل الشباب لمرحلة كره لعبة السياسة والديمقراطية المزعومة لذا فكلّ القوى الفاعلة مطالبة اليوم بالعمل وبالسرعة القصوى لتبدو أكثر إقناعا وجاذبيّة من خلال شنّها حربا رقمية وشاملة وفاعلة على قوى الظلام .

واقع الإرهاب معلوم أمّا الحلول فإنّها عديدة وتحتاج لصدق ولجديّة وحرصا على التنفيذ مع اعتماد قناعات منها أنّه لا انتصار على العدوّ ما لم ننظر للزاوية التي ينظر منها العدو. ومنها إيصال ماضينا بحاضرنا حتّى تكون القاطرة المنهجية لبناء فكر تنويري سليم ومنها التركيز على جماليات ثقافية وفايسبوكية بكلّ أبعادها مع امتلاك المهارت الإلكترونية التي تجعلنا نتحدّث بلغة العصر و بنفس لغة العدو ونحن على يقين من أنّ لغة الإرهاب - بإعتباره العدو الأوّل - لم تعد مباشرة (تفجير و قتل) بل إلكترونيا تقتحم الحواجز وتنشر الأفكار المتطرّفة وتُسيطر على الوجدان و العقول.

الحرب الفكرية الدينية الإلكترونية على الإرهاب كيف تكون ؟
لا شكّ أنّ أوّل أبجديات التصدّي للإرهاب هي قراءة نفس نصوص القرآن والحديث النبوي الشريف المعتمدة من قبل المدمغجين قراءة مغايرة لما يروّجونه فمثلا قوله تعالى «وأعدّوا لهم ما إستطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم» الأنفال /60 .. فـ«أعدّوا» معناه إلزامي فكلّنا مسؤولون لمواجهة الإرهاب وعلينا فهم معنى الإعداد والاستعداد على أنّه وضع الإستراتيجيات و الرؤى و«ما إستطعتم» تعني بذل الجهد البدني والذهني ـ كل ما تقدرون عليه و إستطاعتكم تحتاج إلى عون ربّاني و بركات و«من قوة» أي كامل الآليات والوسائل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث : «ألا إن القوة الرمي» والرمي سابقا كان من النبال والسهام ثمّ تحوّل إلى المدفعية وغيرها ثمّ إلى الطائرات والصواريخ و

المنصّات و الغواصات واليوم الرمي الإلكتروني وسابقا كان «رباط الخيل» رمز الحركة والقوة وتحوّلت من الخيل إلى الدبابات و المدافع والطائرات و كلّها تُقاس بالحصان و اليوم نتحدّث عن المرابطة الإلكترونية ورمي الإرهابيين بنفس سلاحهم بعد أن كان بناء الرباطات من فنون المعمار و الدفاع العسكري واليوم بناء المواقع والصفحات والسعي لتحقيق الإنتصار الإلكتروني بطول النفس ــ لذلك جاءت تُرهبون بصيغة المضارع الذي يعني الحدوث والتجدّد والتواصل.وبالإستثمار الفعلي و الدعم المادي فالجزء الثاني من نفس الآية : و ما تُنفقوا من شيء في سبيل الله يُوفّ إليكم و أنتم لا تُظلمون « مضمونه الإعداد المالي مع إعداد وتسليح الجيش الإلكتروني الفكري و التفكير في إنشاء مراكز عالمية و إقليمية و محليّة لمواجهة الإرهاب فكريا عبر الأنترنات وتكون مضامينها أساسا تصحيح المفاهيم و المصطلحات -التي هي مفاتيح المعرفة فإذا إضطرب المصطلح إضطربت المعرفة ، - عبر جُمل قصيرة مكتوبة و مقروءة من شخصيات مؤثرة و بلغة مفهومة يشترك الجميع في فهمها إضافة إلى التواصل مع الجامعات والمدارس وتوظيف قدرات طلاّبها في المجال الإلكتروني ليكونوا فاعلين

تأثيرا و تأثّرا بحكم مواهبهم وقدراتهم الخلاّقة في هذا المجال و هم حُماة و يحتاجون للحماية بتشريكهم وتحميلهم المسؤولية مع زرع ثقافة الأمل والحياة و تزكيّة النفوس و وتغذيّة الأرواح بالبثّ المتواصل للأغاني و الأذكار و الكتب عبر قادة الرأي من جامعيين و شيوخ ومنشدين وأئمة مع حسن توظيف «تكنولوجيا المعلومات».. ولعلّ الشغل الكبير يكمن في تكثيف إنشاء المواقع والصفحات لخلق التوازن الأنترناتي من قبل المؤسسات الدينية في البلاد الراعية للشأن الديني بنشر المحاضرات والدروس و الخطب الجمعية والفتاوى المرتبطة بروح الخصوصية التونسية -عقيدة أشعرية وفقها مالكيا و تصوّفا جنيديا – دون نسيان الاشتغال على بثّ روح المواطنة و الوطنية إلكترونيا (مقولات، أناشيد ، صور ، شخصيات وطنية...) وتقويّة شعور الإنتماء لأنّه بقدر انتفائه يكون الإرهاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115