منبــر: الرسالة «البجْبوجيّة» في الردِّ على صاحب الكرافات و البدلة الإفرنجيّة

رحم الله الطاهر الحداد الزيتوني و النقابي التقدمي رحمَتيْنِ بما أفاضه من عرفان و شجاعة على رجال تونس و حفظ الله سي الباجي صاحب الضّربة المزدوجة التي طالت الخِصْيَتيْنِ عند الجماعة المهووسة بالذكورية المتسلِطة و الأبوية المُخْصِية و المتمسِكة بأشرعة بالية، خرقاء، ظالمة، حبا للمصالح الضيقة، دينها الأنانية الرجولية و حب السيطرة و خاصة الغنيمة في

الأجساد و المواريث.

طلبُ إعادة النظر في المرسوم عدد 73 و الدعوة إلى التفكير في تغيير قانون الميراث نحوتثبيت المساواة بين المرأة و الرَجل، نقطتان بارزتان فيما قد يُصبح منعرجا حضاريا في إشكالية المجتمع، الإسلام و الحداثة و جدلية الدين و الدولة. منعُ زواج المسلمة بغير المسلم معارض لحرية المعتقد التي يضمنها الدستور التونسي، و قانون الميراث القائم على نص «للذكر مثل حض الأنثيين» مخالف لمبدأ المساواة بين الجنسين في الدستور أيضا. الدعوة إلى تغييرهما شيء مفصلي، يفتح الطريق أمام إعادة تأهيل بعض القيم المجتمعية على أساس الحرية و تراجع المرجعية الدينية لبعض نصوص المنظومة القانونية و المجتمعية التونسية و خاصة سدّ الطريق أمام العاملين على تفاقم هذه المرجعيَة، و هوما يمكن أن يكون أيضا تصحيحا للمسار الذي أفرزته الثورة لأنه فرملة و كبح لتيار الأسلمة السلفية القائمة على إقحام الدين في مفاصل الواقع و الوعي التونسي و فرض مرجعيته لطبع العقليات و التصرفات و تسلطه على ضحيته المفضلة و حصنه الحصين المرأة.

مناورة سياسية، يقول البعض، قد يكون، وهل لرئيس دولة ألاّ يلعب في السياسة؟ خاصة أن عيد المرأة في تونس أصبح موعدا سياسيا و مناسبة للتغيير و قد افتتح هذه السنة الموسم السياسي بامتياز. في الحقيقة كنّا قد شهدنا افتتاحا مسبقا للسنة السياسية قبل عيد المرأة هذا العام عندما طلع علينا شيخ آخر بطلعة غاية في الشّياكة و الحداثة. فإن كان الباجي قائد السبسي وفيا للمشروع الحداثي البورقيبي الذي يُعنى بالثوابت قبل المتغيرات فإن المَسْيُو الغنوشي كان أيضا وفيا للإصلاحية السلفية التي تدافع عن الأخذ ب «قشور الحداثة» كالسماح للمسلم بارتداء اللباس الإفرنجي ووضع «البرنيطة» ولما لا رابطة عنق إذا لزم الأمر! فخرج علينا بكرافات و كسوة سوري بالإضافة إلى طاقم أسنان لحُسْن البيان، صُنع في أمريكا. حداثة لا تنطلي حتى على قطاطس باب الفلة!

المهم، إذا تجاوز كلام رئيس الدولة في عيد المرأة مجرد الدعوة فإنه سيفتح الطريق أمام تحول بارز لأنه يثبت التمسك بالخط الحداثي في جوهره القانوني وهو اللب و ليس مجرد القشور. و لأنه يخرجنا من ضبابية الخطاب الحداثي الأجوف و اللغو الإيديولوجي في الحرية و المساواة يمينا و يسارا. و الأهم هو أنه يفتح مرحلة مهمة وهي مطابقة القوانين مع الدستور بعد أن ظلت بنود منه حبرا على ورق حتى حسبنا أنه وضع لتلميع صورة الإسلاميين خدمة لسياسة التوافق و الحصول على جائزة نوبل!

خطاب 13 أوت 2017 هو مجرد إشارة انطلاق لا بد أن تتحول إلى شرارة تؤجج معركة تأصيل المجتمع التونسي في القيم الكونية في بعدها الإنساني الإيجابي و نزع كل العراقيل المستندة على الإيديولوجيا الدينية و التراثية وغيرها من الطرّهات أمام تكريس الحرية والمساواة. معركة لن تبلغ الهدف بدون حشد كل الطاقات الفكرية و جهود الهيئات السياسية و في مقدمتها الأحزاب، و خاصة المجتمع المدني الذي مهد الطريق وهيأ المناخ لإعلان رئيس الدولة ، نساء تونس ورجالها الذين جعلوا من عيد المرأة عيد الحداثة و التقدم.

بقلم: كلثوم السعفي

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115