منبــر: « مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة» ملاحظات على الطاير

في الحقيقة هي ملاحظات أوّلية أسعى من خلالها إلى التنبيه قبل أن يصادق على القانون كاملا، وأقف عند مسألتين اثنتين:


• يبدو أنّ الفصل 227 سيظلّ لعنة تلاحقنا، فقد ورد في الفصل 227 ( جديد) ما يلي:» يعد اغتصابا كل فعل يؤدي إلى إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته ضد أنثى أو ذكر بدون رضاه. ويعاقب مرتكب جريمة الاغتصاب بالسجن مدة عشرين عاما. ويعتبر الرضا مفقودا إذا كان سن الضحية دون الثالثة عشر عاما كاملة وكان سن الجاني يفوق سن الضحية بثلاث سنوات.» عدت إلى النسخة الأولى التي أودعتها وزارة المرأة بمكتب الضبط بالمجلس ، مسجّل تحت عدد : 60 / 2016، بتاريخ 27 جويلية 2016. فإذا هي نسخة تحتوي على نفس المضامين لهذا الفصل، وعندئذ فالأمور تصير أشدّ تعقيدا وتثير فينا قلقا كثيرا.

لنتفق بدءا: هل إنّ من حرّر هذه الفقرة ومن قرأها وناقشها ووافق عليها ، هل إنّ جميع هؤلاء يعتبرون سنّ الثالثة عشرة مرحلة نوعية ينتقل فيها الطفل أو الطفلة من البراءة وسذاجة الطفولة إلى النضج والوعي الجنسيين ، والقدرة على أخذ القرار الواعي والملزم؟ ويستتبع هذا السؤال آخر: فإذا كانت سنّ الثالثة عشرة دليلا على النضج الفكري فهذا يعني أنّه يجوز الزواج ممن بلغ هذه السنّ؟ و نتيجة لذلك فإنّ جسد الصبيّ والصبية قد صارا مهيأين للإخصاب والولادة؟ وعلى هذا الأساس فمجلّة حماية الطفل مطالبة بمراجعة الفصل 3 الذي ينصّ على أنّ : « المقصود بالطفل على معنى هذه المجلة، كل إنسان عمره أقل من ثمانية عشر عاما، ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة.»

أخشى أن يكون هؤلاء جميعهم انطلقوا من نفس القاعدة التي استند إليها فقهاء « الغلبة»، فقهاء قيدوا المرأة بحبال اعتبروها مقدّسة، وذهبوا في أحكامهم المجحفة مستندين إلى قاعدة سنّ البلوغ أو لنقلها صراحة سنّ الحيض.. ومرّة أخرى يتأكّد أنّ نوابنا ما يزالون عبيد منظومة ترى المجتمع بمنظار القدرة على الباه والإيلاج.. والنتيجة: ألا تشرّعون، وأرجو أن تكونوا عن غير وعي، للبيدوفيليا وقد عبّر عنها القدامى « باللعب بالصبيان» و رفضوا أن يقام الحدّ على مرتكبه..

رجاءا كفانا استتباعا، ولكن في مستوى هذه اللحظات التاريخية التي نعيشها والتي أحييتموها فينا بعد أن كلّت أفكارنا من القلق.. رجاء انعتقوا من السلاسل التي تكبّلكم، سلاسل تعتبر كلّ شيء مقدّسا وتنسبه آليا إلى الله دون تروّ.. نحن بحاجة إلى أن نتعايش فليكن هذا القانون بداية لهذا التعايش ..
هذه الملاحظات التي أوردت لا تحول دون اعتبار أنّ القوانين التي تمّت المصادقة عليها ترتقي بنا إلى رتب حداثية لم تبلغها دول أخرى.. ولعلّ أجمل ما في هذا القانون بابه الأوّل كاملا.. وسنعود إليه بالتنظر والتحليل..

• أمّا المسألة الثانية فهي نتيجة ما يحدوني من رغبة في أن يكون قانون القضاء على العنف ضدّ المرأة مكتملا وصلبا ،لا يحتمل تأويلا أو مذاهب في الفهم، إذ مالمقصود على سبيل المثال: « بخطِيبَين سابقَينِ»؟ وخاصّة أنّ القانون عامّ ولا يشير إلى حالات خاصّة، اللهمّ أن يكون من حرّر النصّ قصد التعبير على الجمع « خطِيبينَ» وهنا نكون قد وقعنا في أخطاء لغوية، وتكون لفظة « خطّاب» أقرب إلى المعنى القانوني.

• إنّي أطلب من لجنة الصياغة الحذر والوقوف عند مستوى الصياغة فالتعبير متعثّر، و في حاجة إلى مزيد من العناية.. ولا يمكن الإبقاء عليه بهذه الهنات في التركيب التي قد تفتح علينا منافذ جهنّم في التأويل يعسر بها تطبيق القوانين الواردة فيه، بل تجعل منه قانونا عاطلا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115