الاقتصاد التونسي وضريبة المناخ

من الملاحظ مؤخراً أن التغير المناخي وآثاره قد أصبح الشغل الشاغل لكل وسائل الاعلام ، لكن البعد العالمي الذي فرضته وامتداد أثاره لتشمل جميع المجلات الحيوية

وفي كل دول العالم المتقدمة و النامية منها، جعل من هذه الظاهرة وبامتياز محور انشغال العالم, فتواتر الكوارث الطبيعية كالجفاف الشديد والمجاعة و الأعاصير التي ضربة بنغلاديش و منطقة الكاريبي وموجة الحر الشديدة في شمال إفريقيا و أستراليا , وغيرها من المظاهر كلها مؤشرات على حدوث خلل فالمنظومة المناخية. كل هذه الأحداث دفعت مجلس الامن الدولي لعقد اول اجتماع له لمناقشة هذه الظاهرة و مدى تداعياتها حيث صرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن التغير المناخي يتسارع بوتيرة كارثية مما سيهدد السلم والأمن الدوليين بشكل أساسي على المدى القريب . وقد نشر الخبراء أن ما يحدث هذه الايام هو اكبر تغيير في الغلاف الجوي منذ 65000 سنة.

وعلى الصعيد الوطني يشار إلى أن مجلس نواب تونس وقع في أوائل شهر نوفمبر على إتفاقية باريس للمناخ بالإجماع , حيث لم ينجح برتوكول "كيوتو" في إلزام الدول الصناعية الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا وكندا وغيرها فيخفض الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي بل بات البروتكول أشبه بسوق سوداء تعرف بسوق الكربون حيث تعرض فيه الدول الفقيرة حصتها المتبقية من الانبعاثات الغازية التي لم تبلغ الحد المسموح به عالمياً للبيع لبعض الدول المتقدمة التي تسعى لعدم خفض انبعاثاتها عبر شراء حصص دولٍ أخرى ، تونس كانت عضواً بارز في هذه السوق السوداء حيث تورطت عن طريق النظام السابق ببيع حصتها بمبلغ 5 مليون يورو لألمانيا .

أثر التغيرات المناخية على الاقتصاد التونسي

بينت دراسة اعدتها وزارة البيئة التونسية سنة 2012 تتناول قيمة الخسائر الاقتصادية المنتظرة لتونس حيث قدرت كلفة الأضرار التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي بما يناهز 4 مليار دينار إلى حدود سنة 2030 مع انخفاض النمو الزراعي بنسبة تتراوح بين 0.3 و1.1 بالمائة سنويا إلى حدود سنة 2030 ، و هذا ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد التونسي الذي يعاني أصلاً من حالة ركود و تراكم المديونية الخارجية ، حيث قدرت كلفة الأضرار الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب التغيرات المناخية بما يناهز 3.6 مليار دينار إلى غاية سنة 2050 ، كذلك 700000 هكتار من الأراضي الساحلية مهددة بالغرق بشكل مباشر . أما بنسبة لتأثير الوضع إجتماعي فلقد أشار التقرير البنك الدولي حول تونس ، من المنتظر أن يحال 39000 شخص على البطالة القسرية لاسباب مناخية .

تطرح تونس خطة لتأقلم مع المتغيرات المناخية تبلغ كلفتها 40 مليار دينار ستعتمد تونس على تمويلها من صناديق التمويل الخضراء المدعومة من كبار الدول الملوثة كصين و الولايات المتحدة . لكن تبقى هذه الخطة لحدود كتابة هذه الأسطر غير مفعلة كونها تعتمد بشكل أساسي على موارد خارجية و رهينة حرص الحكومة التونسية على المطالبة بهذه المستحقات فالمحافل الدولية على غرار قمة المناخ المقبلة بمراكش .

حمدي حشاد

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115