Print this page

مجلس الدولة الفرنسي يعلّق قرار منع «البوركيني»...

الأمر كان مفاجئا حقيقة لصدوره في هذا الوقت بالذات ومؤكدا مرة أخرى أن الانتصار يكون دائما للتطبيق السليم للمبادئ القانونية و تحديدا المبادئ الدستورية. مجلس الدولة الفرنسي الذي يمثل اعلى سلطة قضائية إدارية برهن عن مهنيته العالية وحسن تأويله واستقرائه للقواعد القانونية

و ذلك من خلال حسمه أول أمس الإشكاليات التي طفح بها الكيل مؤخرا في الأوساط الحقوقية الفرنسية بخصوص تعامل بعض رؤساء البلديات في العديد من المدن مع موضوع «البوركيني» أو ما يعبر عنه في بعض الأوساط و بشكل هجين بزي «السباحة الإسلامي».

اعتبر المجلس و خلافا لما ذهب إليه القضاء الابتدائي الإداري أن البوركيني لا يمس بالنظام العام و لا يشكل تهديدا له. تولى المجلس ترتيبا على ذلك اتخاذ موقف ارجع الأمور إلي نصابها و ذلك بالأمر بتعليق قرار إداري قضى نصه بمنع هذا النوع من اللباس في شاطئ «فيلنوف لوبيه» بمدينة كان الفرنسية. هذا القرار الذي تناولته منذ صدوره أول أمس العديد من وسائل الإعلام بالتقديم و الإشهار في عديد أنحاء العالم سيؤدي إلى نفس النتيجة بالنسبة لبقية البلديات الفرنسية الأخرى وعددها يبلغ العشرين والتي تجد نفسها مجبرة علي الانصياع إلى مقتضياته و بالتالي التراجع عن إجراءات المنع التي اتخذتها و باشرتها في المدة الأخيرة. للتذكير فان جدلا واسعا وسلسلة كبيرة من الانتقادات سواء في فرنسا أو خارجها تم تسجيلها بمناسبة انطلاق

ما لا يتردد البعض بوصفه «بأزمة البوركيني» مستندة في ذلك إلى قرار قضائي إداري ابتدائي الدرجة مؤسس لذلك. ردة الفعل مدوية صدرت من جميع الأوساط بين مندد و مؤيد لكن تعالت الأصوات المستنكرة بشكل صريح خصوصا بعد رواج صورة على مستوي وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أربعة أعوان امن فرنسيين و هم يجبرون إمرأة وهي جالسة عل الأرض على خلع البوركيني التي كانت ترتديه. هذه الصورة كانت بمثابة القنبلة التي أفرزت ردات أفعال مستنكرة في مختلف أنحاء العالم.

تولت بعض المنظمات الحقوقية وتحديدا رابطة حقوق الإنسان الفرنسية الطعن في هذا القرار و هو ما أدى إلي عرض الملف على مجلس الدولة الفرنسية الذي حسم المسالة يوم الجمعة الفارط و انتصر لمبدإ الحرية و الإباحة في اللباس دون ربط ذلك بالدين أو بالمعتقد. حيثيات عديدة أسست هذا الموقف .من بينها التأكيد على أنه لا يمكن لرئيس البلدية الذي تولى منع البوركيني أن يتخذ هذا الموقف طالما لا توجد هنالك «أخطار جلية وثابتة» على النظام العام هو ما يجعل ما قام به من قبيل الأفعال

التي تنال و بشكل غير مشروع من الحريات الأساسية للأشخاص و المتمثلة في حرية التنقل و حرية المعتقد و بصفة عامة نطاق الحرية الشخصية.

المشاركة في هذا المقال