Print this page

جمعية القضاة تؤكد «تراجع السلطات المعنية عن مبادئ الديمقراطية التشاركية»: في تعليقها على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالحق في النفاذ الى المعلومة

اعتبرت جمعية القضاة التونسيين انّ مشروع القانون الاساسي عدد 55 /2014 المتعلق بالحق في النفاذ الى المعلومة على صلة بسير العمل القضائي فيما يخص النفاذ إلى المعلومة القضائية سواء المتعلقة بإدارة العدالة أو بالقضايا المنشورة أمام المحاكم أو بالإجراءات القضائية.

كما عبرت عن خشيتها من مخاطر ورود صيغة الاستثناءات المتعلقة بسير الإجراءات أمام المحاكم والبحث في الجرائم والوقاية منها.
في اطار تطرقه الى مشروع قانون أساسي عدد 55 /2014 يتعلق بالحقّ في النفاذ إلى المعلومة، وعلى تقرير لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب المؤرخ في 23 فيفري 2016 حول مشروع القانون المذكور، اكد المكتب التنفيذي لجمعة القضاة التونسيين أنّ الحقّ في النفاذ إلى المعلومة يشكل ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية التشاركية باعتباره من الأدوات الهامة التي تمكّن المواطن من المساهمة الفعالة في مسار صنع القرار. واعتبرت أنّ تنصيص مشروع القانون على الهيئات القضائية ضمن ميدان انطباقه، في توجه تقدمي مقارنة بعديد التجارب الدولية في المجال، من شأنه أن يدعم نجاعة العمل القضائي وشفافيته ويعزز ثقة العموم في القضاء.

«مخالفة صريحة لأحكام الدستور»
نبهت جمعية القضاة التونسيين إلى عدم دقة عديد المصطلحات الواردة بالفصل 24 من مشروع القانون على خلاف المقتضيات الدستورية, إذ وسّع الفصل المذكور في استثناءات حق النفاذ الى المعلومة و التي وردت في صيغة عامة وفضفاضة مثل عبارات «الأمن والدفاع الوطني» و«العلاقات الدولية» و«المصالح الاقتصادية للدولة والغير»... مما قد يؤدي إلى إفراغ هذا الحق من محتواه والنيل من جوهره خاصة أن هذه الاستثناءات الواسعة وبصيغتها والفضفاضة تمنح الإدارة سلطة تقديرية واسعة في تفسيرها وتمكنها من التحلل من واجب تقديم المعلومة الى طالبها وفي ذلك مخالفة صريحة لأحكام الدستور و للمبادئ الدولية المتعلقة بالحق في النفاذ الى المعلومة بما قد يمس جوهريا من الحق في النفاذ إليها باعتباره حقا أساسيّا من حقوق الانسان يعدّ شرطا أوليّا لتمكين كل مواطن من المشاركة في الحياة العامة في المجتمع وفي الشؤون العامة للدولة ومناقشة السياسات ومشاريع القوانين ومراقبة الحكومات وكشف انتهاكات حقوق الانسان ومواطن الخلل والفساد على حدّ تعبيرها.

«استباحة الوثائق القضائية»
كما عبرت الجمعية عن خشيتها من مخاطر ورود صيغة الاستثناءات المتعلقة بسير الإجراءات أمام المحاكم والبحث في الجرائم والوقاية منها صيغة عامة ومطلقة دون تدقيق وتمييز واضح بين المعلومة القضائية القابلة للنفاذ والمعلومة القضائية السرية والمستثناة من حق النفاذ بما قد يؤدي إما إلى الشطط في التضييق على الحق في النفاذ إلى المعلومة القضائية أو إلى استباحة الوثائق القضائية بما يشكله ذلك من مخاطر المساس بالسرية التي تقتضيها بعض الأعمال القضائية ضمانا للحق في قرينة البراءة ومبدأ مساواة أطراف النزاع أمام القضاء.

واعتبرت في السياق نفسه بأنّ مشروع القانون المذكور على صلة بسير العمل القضائي فيما يخصّ النفاذ إلى المعلومة القضائية سواء المتعلقة بإدارة العدالة أو بالقضايا المنشورة أمام المحاكم أو بالإجراءات القضائية عموما كما أن المشروع يمكن أن يندرج ضمن أساليب إصلاح المنظومة القضائية باعتبار أن النفاذ إلى المعلومة القضائية هو من تلك الأساليب للإصلاح طبق المعايير الدولية وهو ما كان يستوجب استشارة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بخصوص هذا المشروع الذي يدخل في مجال صلاحياتها الاستشارية طبق الفصل 2 من قانون إحداثها عدد 13 لسنة 2013 المؤرخ في 02/ 05/ 2013 الذي ينص على أن الهيئة تبدي رأيا استشاريا في مشاريع القوانين المتعلقة بسير العمل القضائي وأساليب اصلاح منظومة القضاء

«تجاوز لصلاحيات هيئة القضاء العدلي»
من جهة اخرى أكدت جمعية القضاة التونسيين على أن عدم استشارة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بخصوص مشروع القانون المذكور يشكل تجاوزا لصلاحياتها الاستشارية كما يجعل إجراءات المصادقة عليه من هذه الناحية غير دستورية طبق قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 02/2015 بتاريخ 08/ 06/ 2015. واعتبرت أنّ عدم استشارة كل الأطراف المعنيّة بمشروع القانون المذكور ومن بينها المؤسسات والهياكل القضائية على أهمية هذا المشروع وحساسيته يمثل تراجعا من السلطتين التنفيذية والتشريعية على مبادئ الديمقراطية التشاركية طبق الدستور الجديد وتنكرا من الحكومة للمبادئ التي أقرتها بمنشورها عدد 14 لسنة 2011 المؤرخ في 27/ 05/ 2011 حول جودة التشريع الذي يقتضي الاستماع إلى كل الأطراف ذات الصلة بمشروع القانون.

هذا وطالبت الجمعية بتعديل مشروع القانون في اتجاه تقليص نطاق الاستثناءات وحصرها في الضوابط المنصوص عليها بالفصل 49 من الدستور، مشدّدة على ضرورة تدقيق الاستثناء المتعلق بالمعلومة القضائية وذلك بالتمييز بوضوح بين ما هو منها متاح للعموم كليا أو جزئيا وبين ما هو محمي بالسرية المطلقة كضرورة تدقيق شروط تلك الاستثناءات كالتنصيص على حق الكافة في النفاذ إلى الأحكام والقرارات القضائية مع ضمان إخفاء هوية الأطراف و على وجوبية نشر التقارير السنوية للمجلس الأعلى للقضاء ولكافة المؤسسات القضائية وعلى إتاحتها للعموم بالوسائل الملائمة وعلى وجوبية نشر القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء عموما مع وجوب إخفاء المعطيات المتعلقة بهويات المشمولين بقرارات رفع الحصانة والقرارات التأديبية وبقاء نشر المعطيات التفصيلية ذات الصلة بالمسائل المذكورة متاحا طبق المعايير الدولية وأفضل الممارسات المتعلقة بالشفافية و الحوكمة الرشيدة للمؤسسة القضائية وعلى مبدأ علنية جلسات المرافعة والتصريح بالأحكام وحصر أسباب الإذن بإجرائها سرا في المحافظة على النظام العام وعند وجود خطر حقيقي وذلك بموجب قرار معلل من الهيئة الحكمية وعلى سرية الأبحاث التحقيقية والمفاوضات القضائية...

المشاركة في هذا المقال