بعد تنقيح قانون المحكمة الدستورية: فتح باب الطعون قريبا و المجلس الأعلى للقضاء سينطلق في إجراءات الانتخاب بداية من الأسبوع المقبل

عاد ملف المحكمة الدستورية للظهور من جديد على الساحة وذلك بعد أن صادق البرلمان مؤخرا على مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح

وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 03 ديسمبر 2015، المتعلق بالمحكمة الدستورية عدد 39/2018 بــــرمّته وذلك بـ 111 صوتا مقابل ثمانية محتفظين ودون تسجيل أي رفض وهناك من الساحة القضائية على غرار جمعية القضاة التونسيين من كان رافضا للتدخل التشريعي لحلحلة ازمة هذا الملف الذي طال انتظاره، من جهة اخرى وبعد هذه الخطوة يفتح باب الطعون امام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ،كما أنه على المجلس الاعلى للقضاء ان يستعد خاصة بعد حذف كلمة تباعا من القانون القديم.
مشروع القانون الاساسي الذي تمت المصادقة عليه من قبل اعضاء مجلس النواب والمتعلق بتنقيح بعض فصول وفقرات القانون المنظم للمحكمة الدستورية اقترحته الحكومة ممثلة في وزارة العدل منذ اكثر من سنة واحيل على اللجنة المختصة ،علما وان هناك مبادرة اخرى تقدّم بها في ذات السياق عدد من الكتل النيابية.
مسار ارساء المحكمة الدستورية عرف منذ بدايته الكثير من العثرات، فقد تمت المصادقة على القانون الاساسي عدد 50 منذ جويلية 2015 وذلك بعد مخاض عسير بين ارجاء قبة البرلمان لتنطلق رحلة التجذابات السياسية التي حالت دون تركيز هذه الهيئة القضائية التي نصّ عليها الدستور رغم دورها الفعال في انجاح المسار الديمقراطي وارساء دولة القانون والمؤسسات بالنظر الى الصلاحيات الموكولة اليها، التوافقات بين الكتل النيابية كانت بمثابة الهدف المستحيل وهو ما جعل ملف المحكمة الدستورية مقبورا لسنوات داخل مجلس نواب الشعب الذي غلب اعضاءه مصالحهم وحساباتهم السياسية على المصلحة العامة للبلاد وقد فشلوا أكثر من مرة في استكمال انتخاب الاعضاء الثلاثة المتبقين من نصيب البرلمان في هذه الهيئة باستثناء جلسة في مارس 2018 التي تم خلالها انتخاب عضو وحيد.
في المقابل وأمام التأخير الذي اصبح غير مقبول في ارساء هيكل في مثل هذه الاهمية وحصره في الحسابات السياسية وكلّ طرف يحمل غيره مسؤولية هذا التعطيل رأت الحكومة ممثلة في وزارة العدل انه يجب عليها أن تتدخل لتجد حلا لهذه الازمة التي تزداد تعقيدا كلّما فتح الملف وفي هذا السياق اقترحت بعض التعديلات في القانون الاساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 خاصة في النقطة التي مثلت جدلا اساسيا وهي الاغلبية وكذلك الترشحات ،وبعد تململ كبير قامت اللجنة المختصة صلب البرلمان بمناقشة هذا المقترح والمصادقة عليه ثم احالته على مكتب المجلس الذي عين له جلسة عامة مؤخرا وصادق عليه النواب بــ111 صوتا.
هذه الوثيقة من المنتظر أن تتم احالتها على رئاسة الجمهورية لختمها ومن ثمة نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ليتم فتح باب الطعون امام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين طبقا للآجال القانونية المنصوص عليها.
من جهة اخرى وبالنظر في هذا التنقيح فقد تم حذف عبارة تباعا من الفصل عدد 10 من القانون الاساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية من شأنه أن يغير ترتيب الاوراق حتى لا تبقى مسألة الارساء رهينة التوافقات السياسية خاصة في ظل ما يعيشه البرلمان اليوم من تجاذبات فربما تكون الانطلاقة مع المجلس الاعلى للقضاء ليشرع في انتخاب اربعة من اعضاء هذه الهيئة القضائية ثم رئاسة الجمهورية وفي الاخير البرلمان الذي سيجد نفسه ملزما باستكمال المسار ولكن هل أن المجلس الاعلى للقضاء مستعد لخوض هذه التجربة خاصة وأنه كان قد ابدى موقفه المتمثل في ضرورة الابقاء على عبارة تباعا في الفصل 10 لأن حذفها سيمثل خطورة على المسار؟ في هذا السياق تحدثنا مع وليد المالكي الذي أكد أن ملف المحكمة الدستورية يعتبر من المحاور الاساسية في المخطط الاستراتيجي للمجلس الذي سينطلق بداية من الاسبوع المقبل في الاعداد لإجراءات انتخاب اربعة من اعضاء المحكمة المذكورة.
خطوة التنقيح اعتبرتها جمعية القضاة بالمهمة فبعد اطلاعها على فحوى التنقيحات بعد المصادقة عليها رأت بأنها احترمت الشروط الأساسية لتركيز محكمة دستورية مستقلة وتكرس مبادئ النزاهة والحياد في أعضائها وقال انس الحمادي في هذا السياق مبدئيا نأمل ان يؤدي هذا التعديل الى تجاوز الصعوبات الكثيرة التي شهدتها مسألة ارساء المحكمة الدستورية فما كنا نخشاه هو اقرار تنقيح يقر بانتخاب اعضاء بأغلبية عادية لذلك عارضنا في السابق مسالة التعديل لأن الاغلبية المعززة من بين الشروط التي تضمن حيادية ونزاهة واستقلالية الأعضاء وهي بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية والولاءات التنقيح حاول التنصيص على هذا المعيار من خلال الانتخاب بأغلبية الثلثين في ثلاث دورات كما أن النزول لم يكن بأغلبية عادية وذلك لضمان حصول اكبر قاعدة توافق.
هذا واوضح الحمادي ان هذه الخطوة لئن تعتبر مهمة فهي تلقي بمسوؤلية جسيمة على عاتق الاطراف السياسية من اجل استكمال المسار وارساء هذه المؤسسة لأنه من غير المعقول تواصل تعطيلها وفق تعبيره، كما بين ان كل التخوفات تبقى قائمة في ظل الوضع والمشهد الذي نراه اليوم في البرلمان من صراعات وانقسامات سياسية فاقت كل الحدود.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115